اخر الاخبار:
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

• قصة قصيرة - ذكرى سابحة في ثنايا الزمن

بقلم : رحيم حمد علي

            قصة قصيرة - ذكرى سابحة في ثنايا الزمن

ميسان العراق

12 / 1 /2010

    تجولتُ ذات مساءٍ بين أشجار النخيل ، تحت ظلال الغسق الوردي ، طبيعة بهيجة ، بأبهى صورها يرافق روحي حفيف سعفات النخيل ، تهز أجراسها رياح الطقس الرديء ، انه مكان ينسى المرء فيه تعقيدات ما يحيط  به . جلست وحيدا ً ، سابحاً في تفكيري ، لهموم مستقبلٍ مبهم ، شعرت برغبة جامحة لمن أحبها  ، يجب أن التقيها بعد عودتي ، ما هذا الذي صفعت به صدري ، وأنا في هذا الجو المفعم بالحيوية ، كل ما في الوجود جميل ورائع ، حتى مدينتها التي تسكنها بغرور ، حيث تشعر دائما بكبرياء الأنثى المشتهاة ،أحببتها ،و أسباب هذا الحب في دمائي ،مثل حيوانات سجينة ،انه تعبير من الصعب تمييزه عن الاشتياق لكل ما فيها .

تساءلت بشفقة و إصرار مكبوت ،إن وجودها معي يضغي على أمرينا بعدا يجعل من الممكن أن يكون كل منا على اتزان في واقع الحياة ،لا سيما أنا ،فيسبب لي الفرح ،دون أن أدركه مما يجعلني أحس أن ثقلا تم رفعه عن كاهلي ،فلا ثمة وقتا للحزن في ربوع العالم وسط سكون سائل ،ليعانق الليل العاشق نور القمر الحميم ،حيث يجعل أشجار شوقي تترنح في حدائق صدري ،وهذا ما يجعل لمحبتها أثرا في قلبي .رجائي ،ديمومة حبها ،موقنا من أن هذا التطلع يكمن فيه العذاب الحقيقي ،لكون الأشياء في زوال ،لكني أرى الماء سرابا ،شأني في ذلك ،شأن ألمهندس ألمعماري الذي يدفع بناءه في صدر السماء ،لأنه لا يستطيع النفوذ من الطوق الثنائي المحتوم (الزمان و المكان ) ،فيعوض خسارة الاندفاع للأعلى  بزركشة البناء بزخارف وتيجان .

عاهدت نفسي على أن لا أسترسل في التفكير ،معتقدا إن هذا الشعور سينتهي في بداية الخطوط الأولى لعلاقتنا ،إلا أن الحب شيء رائع لايسمح للمرء فرصة نسيانه ،رغم انه يعلم صاحبه قلة الأدب ،مما جعلني في الواقع لا أحتفظ باتزاني ليوم لا أراها ،في حين يتولد هدوء ذهني ليوم أراها . انهمر المطر مدرارا ،حتى بدت نوافذ البنايات تتوهج ،كأنها تخترق وميض البرق .اتخذت شجرة متشابكة ألأغصان لجلوسي ،كي أحتمي من زخات المطر .تذكرت ساعات الظفر بها ،

   وكيف كنت خائفا في بداية الأمر ،الآن أصبحت شجاعا يصبح المرء شجاعاً عندما يساوره الخوف أو يشعر به فتاة جميلة حقاً،إحساسي بهذا الشعور ،جعلني متفائلا بوجه أشباح ألماضي ،صار لزاما علي أن أخضع لإرادة القدر ،وأكون متزنا ،عند أي لقاء ،لأن ألاتزان الدائم هو سر ألحياة ألخفي.

غادرت المكان واتجهت إلى الشارع ،اتخذت أول مقهى ،نظرت من خلال الزجاج إلى الشارع  الإسفلتي ،وجدته مغسولا بدموع السماء ،الأضواء تنعكس منه ،أشعتها كأنها بركان ساعة ميلاده ،حشود البشر تهرول من هذه ألدموع ،لسماء فارقت حبيبها ،فجأة قفز أمامي وجهٌ مُدهش ،هي ،مشيتها ،حركت أكتافها ثوبها الذي التقيتها به ،ناديتها بأعلى صوتي ،كي يتغلب على صقيع المطر،إلا إن أذنيها فشلت كأنها فيها(وقرٌ)

لا شك إنها شعرت بوجودي ،مما دفعني للاعتقاد إن حقاً قد أُستلبَ مني ،بصقت بكل ما أُتيتُ به من قوة ،تلاقاها وجه زائر حاول الجلوس ،إلا إن الحظ حالفه بانحناءة منه ليشد ربطة حذاءه المبتل ،و إلا لحصل ما لا يحمد عقباه .

تركت طاولتي و اندفعت مسرعا ،تعثرت بكعب حذاء هزيل حاول الانتحار ،نظرت إلى اللاشيء بأفكار مشوشة ،كأنها شواهد تشير إلى مسالك متقاطعة ،مرسومة على خرائط متنقلة في أوضاع مختلفة .حاولت أن أنادي عليها مرة أخرى ، وأطلقت ما كان بداخلي من كلمات ،لكن بدون جدوى ،لذتُ بالصمت ،صارت حبات المطر ،تواجهني بغزارة ،تبعرث أشيائي ،لم أبالي ،هدفي اللحاق بها ،وجهي تبلله الرحمة ،صوتي عبارة عن حشرجة  تغار منه الملائكة ،بدلا من أن يركب الهواء ،الهواء 

ركبه ،كانت  تغذ السير دون أن تلتفت  ، ربما سمعتني  ،تنهدت يائسا .

تلبدت السماء بغيوم  قاتمة جدا ، كأنها من عصرٍ سحيق ، تنذر بصاعقة مثل صاعقة عادٍ وثمود ، أكون أول ضحاياها . على طول الطريق حيث هدفي ، وقفت  عشرات المرات ، أتحدث إلى من يصغي ألي ، لكن دون جدوى ، لعدم استطاعتي أن أبوح بمكنونات أسراري ، فكرت بسرور ، رغم حزني ، أن المارة من هذا الحشد الهائل ربما يكيلون لها المدح والإطراء ، لكونها تستحق ذلك أحقاً كانت سعيدة ولم اكتشف هذه الأمور , أو لم تعد معرفتي قادره على ذلك ، احتبس نفسي قليلا ، راودتني رغبة مجنونة ، لو عثرت عليها ، لقذفتها في الهواء ، ارتعشت أعضاء جسدي أن نفذت فكرتي هذه ضحكت فجأة ، حتى اغرورقت عيناي بالدموع .

دخلت إلى مخزن صغير ، جلست أمام طاولة منحدرة السطح ، ناديت على الرجل : لا تدعني افسد وقتي بالانتظار أريد شيئا اشربه ، أنهيت                                    ما أنا عازم عليه ، شعرت أن جميع الأرقام التي اعرفها ، تغادر راسي ، حل بي ليل متسع ، وطرد المليء بالوسواس الذي رافقني ، علي أن اتزن لا كالذين أساءوا استخدام مواهبهم  ، إذ أن ثمة نوعا من الحكمة في متناول المرء ، إذا هو أراد استعمالها ، مرت علي الساعات ، كالبرق الخاطف بسرعة كالتي تمر على العشاق .

اشتقت أن اخذ بيدها ، تواق إلى دفئها ، حنان عينيها ، أكون معها وحيدا تحت غطاء الليل الشامخ ، لازلت سائرا ، استدرت بحركة بعيدة عن الرسمية ، وإذا بها أمامي ، صافحتها ، ما اغرب أن لا تثيرها لمسة يدي !! كان مجرد قربي منها ، يوقع الرجفة في أوصالها ، ودها بارد غريب ، لم تثب أية حمى دفء ، استكان قلبها بصمت غير سعيد ، الأمر الذي أربكني ، ما هذا الآن سحبت يدها ، ربما هجست مع نفسها : ما اشد غرور هذا الرجل الأحمق ، وما اشد تهوره .  ظهر علي الضيق  ، ما علي إلا التصرف بحكمه أزاء موضوع كهذا ، حاولت أن أحدثها ، بعد خطاب تمهيدي مع ذاتي ، كان من العادة أن أقول لها : دُهشتُ لرؤيتكِ في هذا اليوم الممطر ، أنا بأثرك لم اعرف أنت هنا ، شديد الاعتزاز بمعارفي . قلت معارفي ، بدلا من أحبابي ، خشية أن يظهر عليها الغرور لما كان في تفكيرها من ذكرى سابحة في ثنايا الزمن ، لحديث معها وكأني أتمكن من أن احمل معي أي فكرة أو احتمال لها . كأنها لم تسمع ما قلت ، لذت بالصمت . نظرت إلى وجهها من خلال غشاوة الدموع المعمية للسماء ، أيقنت ُ والألم الخانق يؤذني ، أنها ستبتعد عني ، ربما للأبد ، لن تعود.

حملقت بالطرف الآخر للشارع ، مضاءاً بأنوار حادة ، خاطبت عقلي الباطن ، أن هذه الأضواء خاليه من الهموم ، أين منها نحن الذين نفتقر إلى الحرية والعدالة والمساواة ، لأرض فقدت مجدها دون الحضارات. صرتَ أمَني نفسي بأحلام اليقظة ، لماذا لا تكون زوجتي ،لا أطيق فراقها هاجس يلازمني ، كابوس يلاحقني ، أخاف من النوم ، إذ ليس من العدالة بحق أن أكون الضحية ، ليس من سبب وجيه نفترق عن بعضنا. كان لزاماً علي أن أنفذ فكرتي،تملكني هذا الشعور ، لم استطع الإفلات منه ، يجب أن اكلمها بالموضوع ، لأتخلص من داء سرطان النفس الذي اشعر به ، وأتحرر من وضعي . لم أكن في حاله تسمح لي بالحب ، غالباً ما كنت أفشل فيه ، يالتعاستي لا أقوى على المقاومة أمامها ، غايتي منها ، حبُ نقي ، نحفظ معه أسرارنا ، ونبتهل لبؤساء هذا الطقس في عالم العواطف اللازمني ، ضمن ذلك الناموس الذي يجب أن لا نتخطى فيه بركات العدالة والسلام الآلهيين ، المشرعَّةُ أبوابها للخلاص  من الأعباء التي يصعب تحملها كتحديد معتاد للزمن ليكون نوع يقصي معاناتنا وسط ألم نبحث فيه عن شيء لدينا نودعه ، بأمل الوصول إلى هدفنا . هي تعرف جيدا ، إني رجل ليس لي صفات مميزة ، عشت معها حب بلا مشاكل حقيقية ، تميزت بمراعاة  النظم الأساسية المتوجبه لديمومة مثل هذه العلاقة ، فهذا مفترق الطرق ، أما الحزن الكبير ، أو الفرح الكبير ، للعيش لحياة أو بعض حياة . قبل أن اشرع بالتنفيذ ، غادرتني دون وداع ، دخلت كل الصور عندي ، حالة غموض ، غاصت أحلامي في الظلام الفضي ، همهمت كحيوان (( سيرك )) عندما يضرب كان بإمكاني أن افعل العجائب ، وأنا قادر عليها ، لو ركزت تفكيري على شيء واحد ، كقوة أشعة الشمس التي تتركز فوق نقطة من شيء واحد ، تلك النقطة تحترق .

       لا اعرف هدفها ،ثارت شكوكي ، لم أسأل ، الأسئلة فقدت أهميتها ، فارقتني ولم                        

        يكن ثمة أمل بلقائها ، بارك الله بها ،أعطتني تفسيرا دافئا لأفكار تحتشد بداخلي ،   

        ربما هو هذا هدفها.

       ارتعش لغيابها ، لم اشبع من حبها ، لهذا لم أتحرر منه ، الإنسان لا يتحرر من   

       شيء ما ، إلا عندما يشبع منه ، فلا يعد التفكير به .

شعرت بتوتر عميق ، زاغ بصري ، بلغ قلبي حنجرتي ، كأن الأرض زلزلت تحت قدمي ، بلا وعي ركضت وراء سيارتها التي بدت أمامي مثل تنين ، باءت محاولتي بالفشل ،أيقنت أن الأمل قد تخطاني بتحقيق ما أتمناه ، انحسرت عاطفتي أمام عقلي للأمر يعبر عن شيء بأسم شيء آخر لا يتساوق معه ، وكأني في مكان الزمان فيه عارياً بلا توقف .

أغلقت دائرة تفكيري ، أصبحت عاجزا أمام اقتحام عالمي، لا استطيع القيام بعمل ما حياله ،  لكونه يدخلني في ضياع كبير ، لست بحاجة له ، الأحداث تسير وتعدل بعضها البعض ، لم أنفعل بالتأكيد ، وهذا ما أدهشني ، لماذا استجدي عواطفها ، لأجعل من نفسي وضيعاً ، حالي بذلك مثل سراق المال العام وأرباب السوابق ، الانفراد بذاتي يسبب لي المتاعب النفسية فيصعب علي الاستجابة للأشياء ، طأطأة رأسي بأسى، أين أحلامي القديمة ، حضارة بلادي زاهية ،  طرد المحتل الذي دمر وهجر وقتل ، بناء مجتمع رائع ندفن فيه أنفسنا ، طفولتي ، بيتنا الريفي ، أمي ، صرخة الحياة المحتبسة ، أطلقتها بوجه الأشياء ، ما أجمل أن أكون ابناً لأمٍ تغطي بطيبتها وشفقتها كل جوانب حياتي ، لا تتساوى معها أي من نساء الكون ، تثب بذعر لطلباتي ، اصطحبتني إلى مدير المدرسة الابتدائية ، لمواصلة دراستي ، لكنه سلب أرادتي اليافعة عندما قال :  لا أريد قلبك يذبل يا امرأة ، انه لم يكمل السن القانوني ، عليه التريث للعام القادم  .

لازلت اذكر أدق ملامح وجهها الحبيب الذي وجب علي أن افرغ  ما أختزن من حب وولاء في جسدي ، ليكون هديراً من الطاعة النقية لمثل هذه إلام العظيمة . الاسترسال لهذا المخزون في ذاكرتي ،  ظرف نموذجي ، للتأمل والإصغاء ، وحلاوة الأشياء ومرارتها ..... الخ .

       عدت أتفرس بالوجوه لعلي أجد ما يعوضني عن خسارة ملامح فتاتي ، ربما   

       أجده في صور السماء الذي تغطي نسيجه الغيوم ، أو في قوس قزح حزين  

يلوح  بالأفق –

الليل داهم الكون وبدء يلتهم النهار ، سرعان ما يصاب بالهرم ليكون مظلماً ، طبعتها في ذاكرتي وهي تخب وسط هذا الكم من البشر ،  كأنها ناقة تخب في بادية مجهولة المعالم ، تيارات شوقي تثيرها رياح عاصفة لهفتي ، يخفيها سكوني . بدأتُ أغذ السير تاركاً آثار قدمي خلفي مطبوعة على الدموع التي استقرت على وجه الشارع الإسفلتي ، معللاً أن المؤكد أن يكون شوقي لها قد ساعدَ على أن أكون تحت لواء عواطفها ، وأرضى بكل ما حصل لأتخلص من معاناتي ، على أن ذلك لا يجعلني بالضرورة أن أكون مكبلاً تماما لأشواق قد نسجتها من خيالي ، وبالتالي أصبح أسيرا لها ، بيَّدَ أن كل ذلك هو من المرجحات لهدف وجودها في حدود الممكن ، لأي تصرف وطبيعة صيرورة علاقتنا ، التي لا يسرني أن أتمتع ببديل عنها مهما كان نوعه ، وهذا ما لا يجوز التنكر له معتقدا أنها أحبتني بصدق وعفوية ، وبالتالي أكون قد تخلصت من عبء كبير من معاناتي ، مما جعلني أن اهظم مثل هذا ليكون جزء من وجودي ، فأتكبل بقيود عدم نسيانها ، حتى نضجت الفكرة لمستقبل هذه العلاقة  ، وتحرك وعيي في أوساط جوارحي ، بعد أن توفرت الأسباب الكفيلة ، ليشغلها جميعا ، دون استثناء ، فصارت بين هذه الجوارح علاقة وثيقة جدا ، بحيث يمكن التصدي لأي عضو في جسدي يرفض ذلك ، ( فستقر بادراك  السؤل ونيل المأمول قراري ) أن تكون هي من أحبها دون سواها مما جعل هذه الجوارح أن تبرم أحلاف ومواثيق مفادها .

(( الحب لها فقط )) لاسيما حلف الحلم والعقل ، للحد من الفوضى التي قد تنجم عند نقضها ، إلا أن القلب اصدر نداءً خفيا أن مهمة كهذه لا يتبناها غيره ، لكونها ترتبط بديمومة وجودي ، ليصير نهراً يلاحق الأرض التي تروى منه ، مما حدا بي أن أصيح عاليا وبلا شعور : احبكِ .... أرجوك..... احبكِ ، جاءني صدا صوتها اعلم .... لكن هذا يفزعني .... !! بينما أنا كذلك ، سيقت أفراس  ريح باردة ، أرعشت لافتات المحلات والمصابيح ، وتخللت طيات ، ملابس المارة وأجسادهم  ، سرعان ما جمعت ملابسي وتلحفت بها .

تفحصت السماء التي يحجبها تراكم الغيوم القاتمة ، في هذه الليلة الشتوية ، وتألق الماء المنهمر من تلك الغيوم ، انغرست قدمي وسط بركة لامعة من أنوار الشارع ، لا تؤدي إلى مكان ، لاطم الماء جسدي كحالة سفينة مبحرة ، نظرت حولي ، أريد الأشياء كما ارغب ، لا كما يجب أن تكون ، المهم أن أكون سلطان نفسي ، لكن سرعان ما أجد اهتمامي مستيقظا على حقيقة علاقتي بها ، فابلغ نقطة لا يمكن تخطيها ، عليَّ أن أعيد النظر لكل الأمور ، ربما أجد بدائل مهملة ، بوسعي ألامساك بها ، لتكون لي الخيرة في معنى القدرة على الاختيار، للضروريات بوجوب الإحساس لأي علاقات متبادلة بين الآخرين ، على اعتبار أن الاهتمام مسالة اجتماعية أكثر من كونها اهتماما ببني ادم بوصفهم بشر . قلت جميع الأشياء التي لم أفكر بها ، أولم أكن اعلم حتى بها ، كانت موجودة لدي ، قولها ينفعني في شيء ما إذا ما قلتها تكرارا ، كما أتعلم منها الكثير ، ولا غرابة في ذلك ، أعود وأقولها أحبها ... وجها راسيا على ضفاف نهر الزمان ، حزني عليها جوهر متعتي ، ابكيها لكل الأيام كرام هم الرجال الذين يستطيعون البكاء على أطيافهم ، واقعي أقوى من أي تقليد معاناتي ، سيتاح لي من خلال النمو ، أن يكون بوسعي التعبير عن إعجابي وحبي لها ، عندما أكون إزاء حزن بالغ ، ربما أكون طاغية مع نفسي  أذا ما أحببتها بهذا القدر ، جسدي يرتعش تحت وطأة اللهفة ، اشعر أن عالمي الذي شدني أليها ، وحريتها الرهيبة ، التي حلمت بها ، أجمل ما عرفته ، لذلك لا استطيع أن أناقش بمنطقية عقلانية ، نتيجة ما سيحصل ، كان علي اختزان الواقع ، كما يختزن الجمل الماء ، استعدادا لمسيرة طويلة وسط صحراء الوهم .

 إرهاق وتوتر شديدين ، وراء نوبة النحيب لسلسة الأحداث التي اتخذت حيالي وجها وحشيا ، عدت إلى منزلي في هدءة الليل ، لم اشعر بالتحرر من تلك العاصفة ، إذ لم يعد أمامي خيارا غيره ، أسندت راسي المترنح على حافة السرير

، لذعت أجفاني ، دموع مفاجئة ، رددت اسمها ، آلاف المرات ، حولت كل حرف منه إلى نشيد ، لم يحمل مثله طير، ولا يحلم به إنسان  ولم يلفظه شاعر ، صار الضوء يتأرجح أمام ناظري ، بي رغبة إلى النوم ، استلقيت بشكل يافع في تمددي المستقر ، في إغماضه مقتضبة وسط ما حصل لي ، لأتعرف على روحي ، سرعان ما سيطر عليً الفزع ، استيقظت مذعورا ، سويعات ذعري ، ولدت عندي رغبة أن أنساها لأتخلص مما أنا فيه ، إلا أن المشكلة تكمن بعدم امتلاكي القدرة على النسيان أو شعوري بالتكيف لأدراك الحالة التي يجب أن أعيشها لاتخذ حيالها خطوة لمعرفة ذاتي التي فيها صرخات كل صرخة منها ، كالتي تنادي بها أم ثكلى على وليدها ، أمام عناد الموت الذي لا يتخلى عن فريسته مما يجعلها ذابلة ذاوية . خوفي من (( الإشفاق والرعب ))  ليمارسا ضدي ومعي منها ، فيكون من الصعب أن أتخيل أي منهما ضد الآخر ، فأكون ضحية ، مفادها هذا التضاد ، مما يجعلني في وضع لم أتوقعه ، لأقع بين فكي المصير الذي أردت الهروب منه .

كل صباح يوم ينبلج لليل لازال يفتعل بداخلي ، جسدي أتعبه السير الطويل والحمل الثقيل ، تجوالي كل مساء بين أشجار النخيل ، صار عادة لازمتني .

تكسر عالم حزني ، كما يتكسر الجليد ، أحسستُ بظل شخص يقترب مني ، فتحت عيني رايتها بسرور ، قالت : لا تبتأس ، سأروي ظمأك الترابي الذي جبلت منه ، كان ذلك عندما تجولت ذات مساء بين أشجار النخيل ، تحت ظلال الغسق الوردي ، طبيعة بهيجة ، بأبهى صورها .

    

                                                                        رحيم حمد علي

                                                                     ميسان  ـــ العراق

                                                                     12 / 1 / 2010 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.