مبدعون وابطال الحرية
الشهيدة عايدة ياسين.. الابنة البصرية العنيدة والمناضلة الشيوعية// انتصار الميالي
- تم إنشاءه بتاريخ السبت, 04 آذار/مارس 2023 19:31
- كتب بواسطة: انتصار الميالي
- الزيارات: 1951
انتصار الميالي
الشهيدة عايدة ياسين.. الابنة البصرية العنيدة والمناضلة الشيوعية
انتصار الميالي
عايدة ياسين، هي الابنة التي ولّدت عام 1944 لاب كادح من أبناء البصرة اسمه ياسين مطر، ذلك الإنسان الذي انحاز في حياته للحزب الشيوعي العراقي، وكان يقوم بنقل البريد والمراسلات في سيارته التاكسي، كان أبا فخورا ببناته وخاصة (عايدة) الابنة التي احترفت نضال ابيها وايمانه بأفكار ومبادئ الحزب الشيوعي العراقي، تميزت بنشاطها في صفوف الطلبة حيث كانت احدى مسؤولات الطلبة في ثانوية البصرة للبنات، كانت تحظى بحب واحترام جميع الطالبات، وانضمت مبكراً الى لجان الدفاع عن الجمهورية بين صفوف المقاومة الشعبية في السنوات الاولى لثورة 14 تموز 1958.
عملت في الدفاع عن حقوق المرأة إلى جانب رفيقاتها وزميلاتها في رابطة المرأة العراقية، المنظمة التي اخذت على عاتقها تبني قضايا المرأة والطفل بقيادة الدكتورة نزيهة الدليمي وساهمت في إيجاد أول قانون ينظم حياة الاسرة (قانون الاحوال الشخصية رقم 188 لسنة 1959)، وبعد نجاحات حققتها الثورة، جاء انقلاب شباط المشؤوم عام 1963 الذي اغتال الثورة، وتسبب في انتهاكات وجرائم وحشية تجاه الشيوعيات والشيوعيين ومناضلي النظام الجمهوري بزعامة عبد الكريم قاسم. نزلت عايدة الى الشارع في تظاهرة ضد انقلابيي 8 شباط امام متصرفية لواء (محافظة) البصرة، تندد بالانقلابيين وعندما فتحت النيران من قبل الجيش والشرطة على صدور المتظاهرين قامت الشهيدة عايدة بمساعدة من تعرض للرصاص، ونقلهم للبيوت القريبة ومعالجة الاصابات الخفيفة، اما الاصابات الخطرة فتم نقلها للمستشفيات.
أنهت دراستها الثانوية ثم شدت الرحال من مدينتها البصرة التي بدأت فيها نضالها وعضويتها في احدى لجان الحزب التنظيمية، لتبدأ رحلة نضال جديدة محفوفة بالمخاطر وتختار العمل ضمن التنظيمات السرية في العاصمة بغداد.
لم يكن سهلا ان تختار امرأة عراقية تحمل الفكر الشيوعي العمل السري في ظل انظمة استبدادية دموية، لكن عايدة اختارت طريقها الجديد وهي عازمة على مواصلة النضال، وساهمت في قيادة منظمات العمل السري التي اعادت بناء منظمات الحزب الشيوعي العراقي، كما واصلت مسيرتها المحفوفة بالمخاطر حتى بعد انقلاب عام 1968 البعثي، وكانت ضمن قيادات التنظيم النسوي داخل الحزب رغم محاولات تصفيتها اثناء حملات البعث القمعية، وفي فترة الاعتقالات التي استمرت لعامين ما بين 1969 – 1970.
عام 1976 انتخبت عايدة ياسين لعضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي العراقي في المؤتمر الثالث، لتكون ثالث امرأة، تنتخب لهذا الموقع حيث كانت (امينة الرحال) المرأة الاولى ضمن اللجنة المركزية للأعوام (1941 – 1943)، ثم الدكتورة (نزيهة الدليمي) والتي كانت الوزيرة الاولى في تاريخ حكومات العراق وعلى مستوى منطقة الشرق الأوسط.
عايدة ياسين مكافحة من طراز خاص ضمن قيادة حزب يواجه نظاما فاشيا اشتد بطشه بين عامي 1978-1979 وكانت الفترة الاقسى والاهم في مسيرة نضالها، الا انها كانت صلبة، ولم تتردد في اداء مهامها الحزبية والعمل السري وفي قلب بغداد التي تعج بالمخبرين من ازلام البعث. بالمقابل كان الحزب حريصا على أمنها وسلامتها ولضرورات العمل السري هي ورفاق اخرون من قيادة التنظيم في المحافظات، وبقرار حزبي استثنيت من الحضور والمشاركة في اجتماعات اللجنة المركزية، نظرا لاشتداد الهجمة على الشيوعيين والتضييق عليهم.
في العام 1979 تمكن الشيوعيون من بناء ركائز وقواعد لحركة الانصار الشيوعيين في كردستان، ولعبت عايدة ياسين دورا مهما في تأمين سلامة عدد غير قليل من كوادر الحزب الذي كان يتعرض للمطاردة والملاحقة، وتمكنت من ارسالهم الى قواعد الانصار الشيوعيين في كردستان، وإرسال أعداد أخرى للدول المجاورة أو عبرها الى دول أوروبية.
عايدة ياسين لم تختر العمل السري للاختفاء، بل كانت مناضلة ميدانية، عُرفت بنشاطها المتواصل، تزور المناطق وتلتقي الكوادر الحزبية، والكوادر التي تعرضت للاعتقال وخرجت منه، لتتعرف الى وضع الرفيقات والرفاق وماهي الممارسات والطرق التي يتبعها النظام، ويقوم بها ضدهم، وتتواصل مع كوادر الحزب الموثوقة لنقل وإيصال المعلومات، وكانت تقوم بالزيارات الإشرافية ضمن عملها الحزبي في مرحلة كانت هي الأصعب من حيث الظروف والإمكانيات.
واشتد الخناق وتكررت المضايقات، بالمقابل كثرت المناشدات الحزبية التي تطالب عايدة بمغادرة بغداد والالتحاق برفيقاتها ورفاقها في جبال كردستان، لكنها رفضت المغادرة، وكانت تجد تواجدها مهما وضروريا في بغداد لمواصلة العمل الحزبي سرا، وفي عام 1980 تمكن النظام الدكتاتوري الفاشي من اعتقال الشهيدة (عايدة ياسين) في فترة تعرض فيها الكثير من الشيوعيات والشيوعيين للاعتقال والتغييب أمام صمت إقليمي ودولي وأممي، وغُيبت عايدة ياسين وعدد غير قليل من الشيوعيين، ثم اعلن عن استشهادها عام 1983 منذ ذلك الوقت لم يعرف حتى الان اليوم الذي استشهدت فيه.
طوى النظام صفحة مناضلة ومكافحة، لكنه لم يستطع طيّ أو تغييب صفحات مشرقة من حياة امرأة شيوعية ومناضلة عراقية عنيدة، بقيت على قيمها النضالية ومبادئها النبيلة، ووهبت عمرها من اجل سعادة الشعب وحرية الوطن واحترام القيم الانسانية فيه.
طوبى لنساء اخترن طريق الحرية وعدم الاستسلام والمجد والخلود للشهيدة عايدة ياسين (ام علي).
المتواجون الان
448 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع