اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

• تذكروا روبرت في يوم المسرح العالمي...!!

كفاح جمعة كنجي

مقالات اخرى للكاتب

  تذكروا روبرت في يوم المسرح العالمي...!!

 

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

أحلام روبرت قبل أن يرحل كانت بسيطة... أو هكذا تبدو. لم يحلم ان يصبح وزيرا او مديرا عاما او مسؤل كبير. كان يحلم بشيء أهم من هذا كله.. يحلم ان يعيش في بلده بلا اعتقال وقتل.. يحلم ببلد يكون فيه المسرح وسيلة لإصلاح وتطوير المجتمع وأن يعيش الناس بكرامة.. هل ثمة أبس وأخطر من هذه الأحلام..!؟

بيننا وبين رحيله أربعة وعشرون عاما. في ليلة 23/24/7/1987 تلبس دوراً ليس على خشبة مسرح من تلك التي كان يتفنن في إيجادها من لا شيء وهو يقدم شخصياته للأنصار.. كان دوره في تلك الليلة على مسرح الحياة.. الحياة التي حلم بالوصول إليها عبر اشتراكه بكفاح الأنصار الشيوعيين.. صرعته رصاصة في معركة كانت تدور من بيت لبيت في إحدى القرى التي حولتها مفارز الاستخبارات إلى معسكر متقدم للنظام..

(روبرت) أو (خليل اوراها) الابن الوحيد لام خليل مواليد البصرة 1960 تميز عن كثيرين من رفاقه الأنصار بقدرته العجيبة على كظم الغيظ والشعور بالقهر أو اليأس وهذه المشاعر عادة ما تراود أولئك الشباب التي اعتزلوا الحياة واختطوا لأنفسهم حياةً هي أقسى من تضاريس الجبال وأوحش من كهوفها.. حياة برفقة الموت الذي يقاسمهم اللقمة وشربة الماء وظلال الاستراحات في ثنايا الصخور وبساتين الكورد.. عينيان خضراوتان وشعر أصفر بقامة قصيرة توحي بالرسوخ والاعتداد بالنفس... كان يعشق كرة القدم  لدرجة انه اطلق اسمي (ماردونا) و(زيكو) على اسرع وأقوى البغال التي كانت تنقل اسلحتنا واعتدتنا واستمر اسمهما لاحقاً على كل لسان... كذلك امتاز بتلك الضحكة العجيبة التي عادة ما يفاجئ بها من يكون حوله.. هو يمزح ويمزح حتى في أصعب الأحوال التي كنا  نمر بها.. لعله كان يعشق السعادة التي يريدها من خلال الضحك والمزح بنفس قوة عشقه للمسرح الذي كان يريد منه التعبير عن جيشان أفكار ومشاعر ورؤى وصور ومشاهد تدور في رأسه وجسده.. أفكار بحاجة إلى إمكانيات مسارح حديثة مزودة بكل ما يحتاجه الممثل والمخرج.. أين منها مسارح (روبرت) ورفاقه التي لم تتعد بضعة بطانيات يناقلونها من مكان إلى آخر وحزمة أشكال يقاسمهم متعة صنعها فنانون هم أيضاً مهووسون بالمغامرة المستحيلة.. أو ما كانوا يطلقون عليه مسمى (مسرح الحياة)..!!

روبرت قدم بقدر ما أتاحت له ظروف الحرب والمعارك وهجمات العسكر الوحشية، مسرحاً في الجبال.. كنت أحد جمهور مسرحه استمتع حد البكاء.. وأحياناً حد الضحك الهستيري.. كان ورفاقه القلائل الذين يقاسمهم تلك المهمة (حيدر أبو حيدر) و(ابو عجو) قد قدموا أعمالاً عن الشهداء والأنصار ومسرحيات عن روايات وقصص عالمية شهيرة بتلك الامكانيات البسيطة التي تكاد تكون لا شيء...!!!

كان نادرا ما يشتكي او يتعصب وحتى عندما يغدوا عصبيا لموقف ما أو حدث ما، كان يؤدي غضبه وعصبيته وكأنه يؤدي دوراً وكانه يودي دورا في مسرحية يضطر رفاقه الى اللجوء للضحك رغم  تراجيديا الموقف في حينه.. الأمر الذي يضطره هو الآخر للعودة إلى سجيته دون أن يخيب أحداً في النهاية ليضحك ويضحك وكأن الأمر كله كان مزحة...!!!

أذكر في احدى المعارك في (كفرى وزير) المواجهه لبير موس، تصدى الانصار لقوات الجحوش والجيش تغلب فيها الأنصار على الموقف، مما اضطر الجحوش للانسحاب تاركين خلفهم من قتل منهم وحدث أن حوصر أحد الجحوش ولم يتمكن من اللحاق بجماعته ومن حسن حظه كان (روبرت) أقرب الأنصار إليه ليدور بينهم الحوار التالي:

- سلم نفسك؟؟

- ساسلم نفسي لكن لاتقتلوني رجاءا.

- نحن لسنا قتلة مثلكم اطمئن.

- اعرف والله أعرف.. لأن أخي معكم بيشمركه .....!!!!  

- ولك أبول عليك... أخوك معنا وتهاجمنا... من هو أخوك؟؟

- مج...............!!!!

- لا يا..... هذا أخوك معنا في المفرزة...!!!

ثم خرج اليه (روبرت) مطمئنا. وبحكم قصر قامته وقف على صخرة ليصل لمواجهة ذلك الجحش الذي كان أطول منه بكثير؛ قائلا له:-

- ماراح اسويلك شيء بس خيليني ابرد كلبي بيك قبل ما تشوف اخوك بوجه اسود

ثم نزل عليه توبيخاً بلغة فشار كانت غريبة على سلوكه.. لأنه لم يعتد استخدامها أبداً في علاقاته البينية مع رفاقه أو غيرهم... باستثناء تلك اللازمة التي سجلت ماركة باسمه، لازمة يرددها مع كل موقف أو حدث لا يعجبه، عندها يطلق جملته: أبول على.... وقد بال (روبرت) على كثير من العفن والشذوذ الذي لم يكن يعجبه...!!!!

روبرت أيها الشقي العصي على النسيان كم افتقدك الان لا لشيء سوى أردتك ان تتبول على الاوضاع الحالية التي يمر بها البلد من سلب ونهب وقتل وتحطيم للروح الانسانية الصادقة التي كانت سائدة في ايام جيلك ذلك الصدق الذي دفعك ان تقدم حياتك في سبيله.

ستبقى في ذاكرتي ياروبرت وذاكرة كل من عرفك... وأنحني اجلالا لك في يوم المسرح  العالمي

 

 

26 اذار 2011

 

 

 

    

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.