اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

نصف قرن على استشهاد البطل الآشوري هرمز ملك جكو // نبيل يونس دمان

 

مصدر الصورة كتاب الاخ وصفي حسن رديني عن الشهيد هرمز ملك جكو

اقرا ايضا للكاتب

نصف قرن على استشهاد البطل الآشوري هرمز ملك جكو

 

 نبيل يونس دمان

     بعد أيام قليلة وتحديداً في الأول من كانون الاول 1963 تمرّ خمسون سنة على استشهاد احد ابطال كردستان وهو هرمز ملك جكو، ولد هرمز في قرية كوري كافانا- ناحية زاويته- دهوك عام 1930 لابوين ناجيين من مجازر واهوال الحرب العالمية الاولى( سفر برلك) من آشوريي اقليم حكاري في تركيا حالياً، كان والده من تياري العليا ومتزوج من اخت ملك ياقو ابن ملك اسماعيل، عرف ملك جكو بشجاعته في المعارك التي خاضها في تلك الفترة، كان والده وكذلك ولده يفتلان شاربيهما بشكل ملفت، يضاف الى جسمهم النحيف غطاء الرأس المخروطي المصنوع من الصوف المكبوت( كُسيثا) الذي يعطي هيئتهم شكلا مهيباً يعيدنا آلاف السنين الى الوراء ايام ملوك نينوى العظمى من الاشوريين الذين بسطوا سيطرتهم وسطوتهم في جهات الدنيا الاربع.

     لم يكن هرمز عسكرياً لكنه كان جبلياً وسليل جبال حكاري العاصية والمنيعة حيث اجداده قاوموا تلك الظروق الجغرافية الصعبة لمئات السنين وهم محاطون بالأعداء من كل جانب، لقد ورث هرمز قوة تحمل آبائه وجرأتهم في إجتراح المآثر، كانوا يتفننون بالبطولة ويمجدون الابطال لا ترجف اجسامهم خوفاً ولا ترف اجفانهم هلعاً، بل كانت قلوبهم وكأنها قدّت من صخور تلك الجبال، لقد عاشوا قروناً قرب تلك الطبيعة القاسية وإنساقوا الى سننها وكبحوا جماحها، كانت لهم طرقهم في صيد الحيوانات البرية من نصب الكمائن( نوچي) ومعرفتم مسالكها وأوان تكاثرها، لقد قتلوا مختلف انواع الحيوانات البرية ونسجوا من صوفها ملابسهم واغطية رؤوسهم، ووضعوا ريش الطيور الجميلة وخاصة الكورتا فوق اغطية رؤوسهم( كُسيثا) بالوانها الجميلة فانتصبت علامة افراحهم واعتدادهم بأنفسهم، هرمز ملك جكو من تلك الطينة، صلب المراس لم ينحني ابدا امام الاعداء وامام اهوال الطبيعة، كان دائما يقول ان الرصاص لن يخترق هذه (مؤشرا بأصبعه على طاقية رأسه- كسيثا) وهذا دليل على استهانته بالموت. هرمز سليل ذلك الماضي المجيد، من لم يسمع بقصة ملك خوشابا عندما صارع الدب وانتصر عليه *.

 

 

     الاشوريون في العراق معروفون بحبهم للعمل في الشركات ولهم قابلية في اجادة التكلم باللغات الاجنبية وخصوصا الانكليزية، كان هرمز في مطلع شبابه يعمل في الشركات الاجنبية خصوصا في كركوك حيث كان يعمل فيها اخيه الاكبر كوركيس، وعمل في مشروع سد دربندخان اواخر الخمسينات، يحدثني والدي يونس ياقو دمان عن معرفته لهرمز في طيب معشره وقوة ارادته، وكيف كان يتفوق على الجميع في لعبة البليارد بتسديده الممتاز للكرات.

     كانت علاقة بيت ملك جكو وطيدة مع بيت البارزاني ففي عام 1907 تعرضت بارزان الى هجوم تركي بقيادة محمد فاضل الداغستاني، فاستبسل البارزانيون في التصدي لهم بقيادة الشيخ عبد السلام الشقيق الاكبر لمصطفى البارزاني، ولكن الشيخ في النهاية اضطر الى ترك المنطقة والتوجه الى تياري في ضيافة المار شمعون في قوجانس واهتم به خصوصا بيت ملك جكو، بقي الشيخ هناك حتى عام 1908، لازال بيت البارزاني( خداني بارزان) يتذكر بامتنان ذلك الموقف الذي وطد العلاقة بينهما. في عام 1958 عند عودة الملا مصطفى البارزاني من الاتحاد السوفيتي قصد هرمز بغداد للسلام عليه، وعندما اندلعت الحركة التحررية الكردية في جبال كردستان ايلول 1961 كان اول شهيد للثورة اشورياً اسمه أثنيئيل شليمون من قرية دوري في برواري بالا استهدفته طائرة حكومية عندما كان يقاوم من على مأذنة العمادية، وكان هرمز جكو من اوائل الملتحقين في جبهة القوش، إسطحبه المرحوم شعيا ديشا الملقب( شعوكي) الى قرية بهندوايا التي تقع غرب القوش فالتحق بفصائل الحزب الديمقراطي الكردستاني، في البداية كان ضمن قوة غازي الحاج ملو ثم بعد فترة اصبح مسؤول قوة المسيحيين وبالترابط الوثيق مع الانصار الشيوعيين بقيادة المرحوم توما توماس.

     سرعان ما برز هرمز في المعارك مقاتلاً شجاعاً ذاع صيته بين الثوار واهالي المنطقة فيما ادخل الخوف والذعر في صفوف القوات الحكومية ومرتزقتها فخصصت مبالغ ضخمة من الاموال لمن يقتله او يأسره، وحظي بحب ورعاية زعيم الثورة الخالد مصطفى البارزاني وكذلك آمر هيز الشيخان حسو ميرخان. خاض هرمز جكو المعارك العديدة والكمائن والسيطرات على الطرق ومجموعته التي كانت تضم رجالا اشداء من كوري كافانا ونيروي وصپنا ودشت نهلة والقوش وغيرها، شملت تلك العمليات مناطق: قرى وبلدات سهل نينوى، فايدة، شوش- وشرمن، منارة وتل عدس، نمركي، دوميز، الموصل، وغيرها بعد خروج هرمز من احدى تلك المعارك ظافراً كتب له البارزاني الخالد رسالة  جاء فيها " لو كان لجيشنا خمسة مقاتلين من امثالك لحررنا كردستان". 

     في تلك الفترة كان يدير ناحية القوش المدعو سيروان الجاف، الذي تزايدت شكاوي المواطنين من رعونته وتصرفاته، لذلك نصب هرمز كمينا بتاريخ 2- 10- 1962 في وادي الكنود( لندي) وعند مرور سيارة مركب الاسنان المرحوم يونس رحيمه والتي ظن هرمز بان سيروان الجاف فيها، حاولت مجموعته ايقافها، ولكنها لم تتوقف فامطروها بوابل من الرصاص ليستشهد المواطن الألقوشي اسحق شبلا مع ولده الطفل فلاح، بعد ايام جاء هرمز الى القوش في الليل لمواساة اهل القتيل والاعتذار لهم،  وكان منزله في مرتفع مار يوسف في محلة سينا، وعندما همّ بالمغادرة، تحدث الى شقيق القتيل نعيم شبلا وذهب بصحبته في سيارة جيب كانت تركن هناك وتوجها عبر طريق القوش- الموصل حتى وصلوا على مقربة من سيطرة المجموعة، يقال ان سيارة اخرى يسوقها بحو پولا اقلّ مجموعة من المقاتلين كقوة اسناد، هجم هرمز بمفرده عليها تحت جنح الظلام وبمفاجأة قل مثيلها اقتحم خيمة السيطرة واجبر مجموعة من الشرطة على الاستسلام، طلب  هرمز من نعيم ان يحصدهم جميعا ثأراً لأخيه ولكنه رفض القيام بذلك العمل، فاطلق هرمز سراح الاسرى بعد ان جردهم من اسلحتهم.

     في معارك منطقة عقرة  برز هرمز فيها وسمعنا في حينها بانه اسقط طائرة بسلاحه الالي، ومرة صعد فوق الدبابة واستطاع اسر طاقمها، ولا أستطيع الان الدخول في تفاصيل تلك العمليات ولكنها انطبعت في ذهني منذ تلك الفترة. معركة قرية بلان( في الاصل قريتين مسيحيتين متجاورتين تلا وبلا) في تشرين ثاني 1963 بمنطقة شمكان كتب توما توماس في الجزء 5 من اوراقه " .. في تلك الاثناء لمحت ستة مقاتلين يشتبكون في قتال عنيف مع الدبابات وهي تتقدم نحوهم، وتبين انه هرمز مع خمسة من المقاتلين فقط وصلوا الى موقع قريب" هكذا وصفه رفيقه في المعركة بذلك الوصف الدقيق، يضاف الى ذلك ان توما توماس وهرمز جكو ورجالهم الابطال انتصروا معا في تلك المعركة التي واجهت فوج الجيش المدعوم من الدبابات التي اُحرق العديد منها.

      اما عن محاولة احتلال مركز القوش ليلة 23- تشرين ثاني 1963 فقد توجهت قوتان مشتركتان: قوة هرمز المندفع لاحتلال المركز ومعاقبة مدير الناحية سيروان الجاف لكثرة شكاوي المواطنين عليه، وقوة توما توماس التي لم تكن ترغب باحتلال المركز لعواقب ذلك في الايام التالية على اهالي البلدة من قبل السلطات الجائرة، من مواجهة الحصار الاقتصادي الى قصف الطائرات. كان المركز قلعة حصينة ليس من السهل احتلاله، ولكن محاولات ضرب المركز بمدافع عقدة 2 لم تصب الضربة الاولى إلا اطراف المركز من ناحية الجبل فيما تعطل عمل المدفع في المحاولات التالية. لقد انذر مدير الناحية بالاستسلام وعلى ذمة الثورة وامهلوه بعض الوقت، ولكن سيروان الجاف لم يرضخ للانذار بل تحصن مع الشرطة في مواقعهم فوق بناية المركز، صار الرمي من كل الجهات على المركز باسلحة خفيفة لم تأثر بشيء على المبنى وكان الباب الرئيسي هو المدخل الوحيد وقد احكم غلقه منذ العصر باكياس رمل من الداخل. لا نطيل التفاصيل لاننا تطرقنا اليها في مجالات اخرى ولكن نقول ان الهجوم فشل في احتلال المركز واستشهد حجي خدر خورمة من قرية( ملي جبرا) واصيب بطرس شمعون ديشا( من القوش) بجروح في جسمه، فيما وجد رئيس عرفاء شرطة مقتولا داخل سيارة مسلحة امام المركز. يذكر رفاق هرمز عند اقتراب الفجر وفي ضواحي البلدة جلس هرمز متاثرا، وشرع يبكي لعدم تحقيق هدفه، واقسم امامهم بانه سيعود في وقت آخر لاتمام المهمة، ولكن المنية سبقته.

      بعد اسبوع وفي ليلة 30- 1/ 12/ 1963 قرر نصب كمين على طريق الموصل- دهوك قرب جسر آلوكا، وكردة فعل وتاثير نفسي كبير نظرا لفشل عملية احتلال مركز القوش، فنزل مع مجموعة من الابطال من مقرهم في قرية سيتكي( سيدايه) خلف جبل القوش ونزلوا الى الشارع وقطعوه فوقعت في الكمين سيارات الجيش فاعطى اشارة الهجوم من مسدسه فاوقع فيها الخسائر واسر العديد من العسكريين، في تلك الفترة الفاصلة من حياة هذا البطل حدثت ملابسات عديدة ومنها انشغال رجاله بالاسرى وكذلك بسيارة حانوت استولوا عليها، وأمر خطير آخر هو سماحهم لاحدى سيارات الاجرة بالمرور، ويقال ان تلك السيارة ابلغت السيطرة في مفرق سميل بما يحدث، فتحركت قوة لواء اليرموك السوري المتمركز عند جسر آلوكا، وصلت تلك القوة التي قوامها عدد من المدرعات بقيادة فهد الشاعر وضمت العديد من الاشوريين المجندين من منطقة الخابور بسوريا الى موقع المعركة في ظرف زمني قصير فاشتبك هرمز ورجاله القليلين في معركة غير متكافئة، وقد اصيب هرمز باحدى رجليه وبدل اسره من قبل القوة سحب مسدسه وانهى حياته بجانب استشهاد افضل رجاله منهم : بنيامين شابو، هرمز شابو( الاخوين من قرية ارادن) ، دنخا ياقو، كوركيس ايشو، حنا عوديشو عقراوي، اسر احد البيشمركة الذي شنق على الشارع العام واسمه حسن من اكراد تركيا. تفرقت المجموعة الباقية واطلق سراح الاسرى، وتوجه احد المقاتلين بسرعة الى مقر توما توماس ليخبره بمصير هرمز فوقع عليه الخبر كالصاعقة، وتحرك فورا مع رجاله الى ساحة المعركة فشاهدوا الجثث ما زالت في مكانها فقاموا بسحبها الى قرية سينا- شيخ خدر. هناك ووري هرمز الثرى، ودفنت مع هرمز قنينة زجاجية محكمة السداد في داخلها ورقة كتبت قصة حياته واستشهاده البطولي، اطلق المقاتلون زخات الرصاص في الهواء حزناً، فيما نقل بقية الشهداء الى دير الربان هرمزد قرب القوش هناك لا تزال مراقدهم تحت الشمس في رابية مرتفعة ومكان محترم، ففي كل الازمان من الازمنة الصعبة كان ابناء البلدة والزوار يقفون بصمت وحزن امام قبورهم التي تضم رفاتهم اضافة الى شهداء اخرين استشهدوا في مواقع اخرى، لفترة طويلة كنت ارى قطعة مرمرية في داخل الكهف (گپيثا) تحت مكان القبور وقد حفر عليه اسم الشهيد حنا عقراوي، علما بان عددا من رجال توما توماس اشتركوا في تلك العملية منهم: عبد شمعون كردي، سعيد موقا قلو، جميل بولص اوسطايا، عزيز ياقو صنا، كامل شمعون بولاذ.

 

شباب القوش يقفون صامتين على ارواح الشهداء

في متن دير الربان هرمزد اواسط السبعينات

 

     لم تنطوي صفحة هرمز ابداً بموته فقد قاد مجموعته مقاتل اخر اسمه ابرم مرقس ياقو لبضعة سنوات، حتى وصول احد اقرباء هرمز واسمه طليا شينو ليقود المجموعة التي اصبحت تسمى (قوة هرمز) . رأيت طليا مرارا وكانوا ينادونه( مامي طليا) وقد اتخذ مقره فترة في مبنى مار قرداغ جنوب القوش بعد الهدنة التي اذاعها رئيس وزراء العراق الاسبق عبد الرحمن البزاز بتاريخ 29 حزيران 1966، كان رجلا: ممتلئ الجسم، متوسط الطول، اسمراللون، ذو شوارب كثة، قد علا الشيب مفرقه، لا يعرف المهادنة، يتسم بالهدوء، شديد البأس، وكان زينة رجاله يوخنا درياوش من قرية دهي بجسمه الرشيق وشجاعته الفائقة، للاسف لقي الاثنين مع مجموعة من الرجال حتفهم في شهر آب- 1969 قرب نهلة في منطقة عقرة.

     بعد 11- اذار 1970 سميت منظمة الحزب الديمقراطي الكردستاني في الشيخان باسم منظمة الشهيد هرمز جكو، واصبح شقيق الشهيد هرمز مسؤولا للقوة واسمه كوركيس ملك جكو الملقب( گيو) حيث واصل المهمة خصوصا بعد اندلاع القتال بشدة بعد 11 اذار 1974 بين الحركة الكردية والحكومة المركزية وحتى اتفاقية الجزائر بين شاه ايران والطاغية صدام حسين، حيث انهارت الحركة فاستقر المقام بكوركيس في شيكاغو التي رحل منها الى رحمة الله.

الواقف الثاني من اليسار: الشهيد البطل هرمز ملك جكو

     في حزيران عام 1998 نقلت رفات هرمز المدفون في سينا- شيخ خدر القرية الأيزيدية الوفية له وبمراسم رسمية مهيبة وحضور السيد نيجرفان ادريس بارزاني نقل الى قريته التي ولد فيها كوري كافانا وقد حضر من افراد اسرته ابن اخيه بيتو كوركيس ملك جكو قادما من شيكاغو. وبعد السقوط وتحديدا في عام 2007 اقيم له تمثال فخم في تقاطع كورا مقابل مضيق زاويته. وقد تسنى لي مشاهدته في زيارتي الاخيرة للمنطقة في ربيع عام 2012.

     اليوم يحل ابنه ايشايا ملك هرمز في دهوك، الذي ولد عام 1961 ولم يتسنى لهرمز رؤيته نظرا لانشغاله بالمعارك ولبعده عن المنطقة فترة من الزمن، ولكن والدته البطلة حملته يوما على كتفها الى وادي قريب في غرب القوش اسمه( نيره گپي) حيث التقت بوالده وكانت تلك آخر نظرة عليه قبل استشهاده، ان ايشايا رجل من صلب الرجال يتولى ويواصل المهام التي في عاتقه في خدمة قضية الشعب والوطن بهمة الشجعان والغيارى، فتحية له ولوالدته ارملة هرمز التي شهدت الكثير من الصعاب والاهوال التي لا حصر لها.

     غنى الكثير من المغنين اغاني تمجد الشهيد هرمز منهم حسن علي خنجر، سليمان خرشني ديروكي، وامرأة من القوش هي المرحومة منّه زورا عوصجي، غنت لهرمز بالكردية فكان شباب البلدة يرددون تلك الاغاني بمآثر هرمز ورجالة متحدين السلطة ** ، والبعض منهم كان يطيب له تقليد هرمز في ملبسه الجميل، لقد رأيت بنفسي احد الشباب يقف امام بوابة دير السيدة واسمه يوسف هرمز كادو( تفا) يلبس الشاله وشبوك المصنوع من الصوف الاصلي المغزول، وعلى رأسه وضع الطاقية الاثورية( كسيثا) وبيده العكاز( گوپال) تماما كما هرمز. وقد تسنى لي رؤيته مرتين في الاولى عند زيارته لجارنا بيت شمعون كردي( ديشا) لمواساتهم باستشهاد ابنهم الشاب فؤاد في ظروف قاهرة، اتذكر كنت على وشك النوم عندما اجلستني والدتي لتقول هل تريد رؤية هرمز فنهضت على الفور لارافقها الى بيت جارنا فوقعت عيني عليه لاول مرة، وفي المرة الثانية انتظرناه وهو يعقد لقاء مع المطران الراحل مارأبلحد صنا في مبنى المطرانية( قونغ) مقابل كنيسة مار كوركيس، فخرج وكان الى جانبه المرحوم موسى خمو من قرية بدرية( توفي عام 2007 في تلكيف) وسرنا معهم الى بداية طريق الدير فناشدنا احد رجاله بان نعود الى بيوتنا، فعدنا.....  

 في صيف عام 1962 قصفت طائرات الحكومة قرى خلف الجبل ومنها قرية خوركي( خُرّك)، فهجرها اهلها واستقر قسم منهم في القوش، وقد استقبل بيت جدي المرحوم كوريال اسطيفو اودو عدد من تلك العوائل، فتوطدت علاقتي باولادهم، اتذكر منهم طفل اسمه سعيد خوركي وقد اعتاد ان يغني( لي يادي) *** فحفظتها ثم اصبحت دارجة وشعبية تغنى في المناسبات والاعراس واوقات التحدي.

الى قصيدتي بالسريانية الدارجة( سورث) بعنوان" ساذه ورمز جكو" :

كُدْ ثيلْ خَبرَه مِن تامَه         گو آلوكه نوحامَه

شَرّي وولَه دِمْ دِمَّـه         وَرمِز بِرد جكو بْشِمَّه

خَأرْزَه بَرقُل إمـَّـه        تَأثرِحْ شپِخلِ دِمَّه

دِقو زْمورِه يا يِمَّـه        وْزَمارِه مْگبْيِه مْعَمَّه

ما كْشَكْلالِه كُسْيثَه        گُپـّالِحْ وْكَرِّكْثـَه

رِشْ صَدْرِح رَخْتَواثَه        وشْيروخ بْگو أقلاثه

أرِدْ بيث نَهرين قْريثَه        من شَريثَه دْ تَشعيثَه

بدوبارِه وحَكّيموثَه        وكُدْ كْنَپْلَ گو گوروثَه

ورمِز كوفِيّه دْ طـورَه       أيذيئه مْرابـَــه وزورَه

لَكْمَتقِل پصرَه دگـورَه        كيذيلي دِجمِن وخورَه

ساذن وَرمز گبّارَه        وولْ فِتلِه پَلگِـه دارَه

موثَه خْتنورَه شآرَه         مِخْ أثرَه دْلَتّي مارَه

مْشِنّه لْشِنّه مپِلطِخْ          تخرونُخ بِدْ مَپِشْطِـخْ

وَرمز هَلَّنْ مَشَرْتُخْخْ          تَكُل زونِه دَبَرتـُخ

هَلْ بُركاثَه تَبرونُخْ         إريَه شوپُخ وتخرونُخ

مْپيرِه دْكوروثُخ پقَطِخْ         وِل كوِخوِه بِد مَمْطِخ

ــــــــــــــــــ

 

مصادر الموضوع:

1- البارزاني والحركة التحررية الكردية- مسعود البارزاني- مطبعة خه بات 1986.

2- هرمز ملك جكو- وصفي حسن رديني- دهوك 2008.

3- اوراق توما توماس رقم 5.

4- القوش حصن نينوى المنيع- نبيل يونس دمان( كتاب غير مطبوع).

5- صور ومقالات مختلفة من الانترنيت.

6- معايشة ولقاءات مع الاصدقاء.

الهوامش:

* بناء على طلبي ارسل الاخ  بولص يوسف ملك خوشابا ما يلي:

بعد ان هرب ملك خوشابا الى تركيا متسللا دون علم الحكومة التركية لجا الى قرية كماني وهي قرية كردية مسلمة تقع في وادي ليزان وكان اهلها ابا عن جد يعملون كفلاحين لعائلة ملك بتو جد ملك خوشابا وكانوا يتكلمون الاثورية باللهجة القصرانية ويعتبرون انفسهم جزء من العائلة وكان يراس هذه العائلة (بير موسو) آنذاك حيث سكن ملك خوشابا في داره وفي احد الايام خرج ملك خوشابا ليصطاد الآيل وكان يسير خلفه احد الخدم من قرية كماني وجد دبا ذكرا ضخما متمددا في وسط الطريق النيسمي وقال ملك خوشابا لنفسه اذا انسحبت وتركت هذا الطريق فان الدب بطبيعته لا يهاجم من لا يؤذيه ولكن المشكلة هي ان هذا الكيماني سوف ينشر خبرا بان ملك خوشابا خاف وانسحب امام الدب واذا اطلقت رصاصة على الدب ولم اصبه في راسه فانه سيهاجمني حتى لو كنت قد اصبته في مكان آخر غير راسه ولذا فضلت المجازفة بحياتي على سمعة الخوف من الدب فاطلقت الرصاصة عليه ولكن الدب معروف بذكائه فبالرغم من اصابته الغير مميتة هاجمني وبدانا تندحرج انا وهو وانا اطعنه بخنجري وهو ينهش بخاصرتي حتى اسفل الجبل حيث سفط هو ميتا وانا شبه ميت حيث جاء اهل القرية واخذوني الى بيت (بير موسو) وبقوا يعالجونني بالطب البلدي حتى وصل بعد ايام احد عشر من رجالي الشجعان من العراق ليعبروا بي الى العراق حيث صدرت ارادة ملكية بالعفو عنه ولقد كان هذا الحدث مصدر اعجاب من قبل الملك فيصل الاول.

** مطلع الاغنية :

دسلينا دسلينا

هرمز ملك جكو

 سركلي وركلينا

دستيوي الرشاشي بشدينا

عسكري حُكمت بقلينا

*** نص الاغنية:

لي يادي لي يادي 

 لي يادي بارتِنا

شاله وشبوك بستِنا

دو جمدان صورِنا

كالكي تيارِنا

لي يادي لي يادي

ومعناها: البيشمركة يتميزون بالشاله وشبوك( سترة وشروال) ، يشاميغ حمراء، واحذية من صنع الاثوريين.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.