اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

حسن سريع لك المجد ولرفاقك الأبطال// د. خليل الجنابي

 

اقرا ايضا للكاتب

حسن سريع لك المجد ولرفاقك الأبطال

 

  الدكتور/ خليل الجنابي

 


بعد ثورة 14 تموز الباسلة عام 1958، إنخرط الآلاف من أبناء العمال والفلاحين والفئات الوسطى إلى صفوف الجيش العراقي الذي إرتفع رصيده الشعبي بعد قيام الثورة المجيدة بقيادة الشهيد البطل عبد الكريم قاسم وصحبه الأبرار. وانخرط المئات من الشيوعيين العراقيين في صفوفه وفي مختلف الصنوف والفروع ، وكذلك إلى كل المدارس والدورات والكليات العسكرية ، وتطّعم الجيش بعناصر من مختلف الفئات والأحزاب السياسية, وأفتتحت في الكثير من الوحدات العسكرية مكتبات عامة توزع فيها الجرائد اليومية والمجلات والكتب الأدبية والثورية , و لكاتب السطور تجربة خاصة في هذا المجال ، حيث كنت مسؤولاً عن إحدى المكتبات العسكرية وعلى وجه التحديد مكتبة مستشفى الرشيد العسكري التي كانت تتوسط معسكر الرشيد في بغداد ، إحتوت على المئات من الكتب الثورية والقصص والمجلات والجرائد, كانت محطاً لأنظارالوحدات العسكرية الأخرى بالتزوّد منها والإستعارة , وبرزت أسماء في الكتابات السياسية والإجتماعية و العسكرية وفي شتى المواضيع الأخرى , وأتذكر من بين هذه الأسماء الرفيق العريف " تركي كطامي السعدون " الكاتب والأديب المعروف - عضو اتحاد الأدباء العراقي آنذاك ، والذي كان يكتب تحت اسم مستعار " أبو نضال " لأنه كان عسكرياً , ولاأدري إذا كان حياً يرزق لحد الآن !! , وكان العديد من الجنود وضباط الصف وفي مختلف الوحدات العسكرية منهمكين على القراءة في بطون هذه الكتب ومطبقين الإرشادات والتوصيات الحزبية التي كانوا يتلقونها خلال الإجتماعات الحزبية , حيث كان الرفيق الشهيد" نافع عبد الرحمن شخيتم " أحد الوجوه التي عملت بين صفوف العسكريين في تلك الحقبة من الزمن , وكان همه الأول والأخير هو تنمية وعيهم السياسي والعسكري والثقافي , و إن يكونوا درعاً حصيناً للشعب والوطن , وكان على رأس المظاهرات العارمة التي إندلعت أثر الإنقلاب الدموي الفاشي صبيحة 8 شباط عام 1963 … وإستشهد على أثر القصف البربري على وزارة الدفاع من قِبل طائرات الإنقلابيين . لقد كانت هناك صعوبة بالغة بإحتواء المئات من العسكريين المترشحين إلى صفوف الحزب الشيوعي العراقي … حيث لايوجد الكادر العسكري الكافي لإحتواء هذا الزخم الكبير , وكانت الإجتماعات الحزبية داخل المعسكرات ممنوعة وخطرة جداً , حيث أن قوى الردة والإستخبارات العسكرية والقوى الرجعية تنبهت هي الأخرى إلى هذا النشاط , وراحت تسعى للإيقاع بهم , فأبعدت العديد من الضباط عن مواقعهم ومراكزهم , وأحالت العدد الكبير إلى التقاعد وكذلك الأمر بالنسبة لضباط الصف والجنود , فنقلت الكثير منهم إلى مراكز غير حساسة , فتركز الأمر على وزارة الدفاع وحمايتها , وكذلك على قوة حماية الإذاعة والتلفزيون ومرسلاتها , وعلى القوة الجوية والبحرية , وعلى وحدات الدبابات والمدفعية وغيرها. وفي 8 شباط المشؤوم كانت حملة التصفية والإبادة الجماعية ضد القوى الوطنية وفي المقدمة منها الحزب الشيوعي , وإعدام المئات من قادته وكوادره , وزج الآلاف منهم في غياهب المعتقلات والسجون , فتركت هذه الأعمال الوحشية أثراً بالغاً في نفوس الباقين من أعضاء الحزب وأصدقائه داخل الجيش الذين لم تطلهم أيادي الإنقلابيين بعد . وأصبح التفكير بالقيام بعملية عسكرية ما للإطاحة بنظام الفاشست الجدد أمراً متداولاً بين هذه الأوساط . لكن الضربة القاصمة التي وجهت للتنظيمات الحزبية العسكرية كانت كبيره جداً , بحيث لم يبق أي تظيم حزبي بالمعنى الصحيح , ولم يكن هناك أية قيادة فعلية لهذه العناصر المتوزعة في مختلف الوحدات العسكرية , ولم يكن لها أي تنسيق ‏, كنت وقتها في إحدى مراكز الإعتقال في معسكر سعد التابع للفرقة الثالثة في بعقوبة مع العشرات من العسكريين , وكانت ترد الينا إشارات غير منتظمة مع عوائل المعتقلين أثناء الزيارات , بأن يوم الخلاص قريب , وما علينا إلا الصمود والتحدي , وفي احدى المرات وصلتنا إشارة مفادها "أن تموز أبو الثورات" , فهمنا منها أن شهر تموز سيكون حاسماً , لكن من هي الجهة التي ستتحرك!؟ , وكيف ومتى وأين .. إلخ من الأسئلة العديدة المحيرّة . كان الأمل يحدونا بأن هناك تخطيطاً محكماً كما حدث في ثورة 14 تموز الباسلة , وأن هناك قيادة توزع المهمات على المساهمين بشكل دقيق , وأن هناك مَن سيتحرك صوب الإذاعة والتلفزيون والقصر الجمهوري والمؤسسات الحكومية المهمة الأخرى . وجاء يوم 3 تموز 1963 والفاشست لازالوا في أوج بطشهم وجبروتهم فتحرك نائب العريف الشهيد حسن سريع ورفاقه الأبطال من مدرسة الهندسة الآلية الكهربائية , مدرسة قطع المعادن , عريبي محمد , محمود طلال , جودي مهدي وغيرهم وتم تحرير بعض السجناء العسكريين في بعض الوحدات العسكرية في معسكر الرشيد وأغلقوا منافذ المعسكر وكذلك البوابة النظامية الرئيسية , واعتقلوا طالب شبيب وحازم جواد وزير الخارجية ومنذر الونداوي قائد الحرس القومي حين مرورهم من المنطقة , ولم يفلحوا في كسر سجن رقم واحد الذي يقطن فيه حوالي ( 1200) من الضباط الذين كان يعوّل عليهم في الذهاب الى وحداتهم العسكرية والسيطرة عليها , وللأسف لم يكن هناك أي تنسيق بين هؤلاء الضباط القابعين داخل أسوار السجن وبين الأبطال الذين قاموا بهذه الحركة التي تفتقد الى أي خبرة عسكرية  وسياسية تؤهلهم للتخطيط الصحيح الناجح , حيث كان من اولى المتطلبات هو التنسيق مع هذا العدد الهائل من الضباط داخل سجن رقم واحد , لأنه بدونهم تبقى القيادة غير قادرة على التأثير في مجريات الامور لأن القائمين بها لايحملون رتباً عسكرية تؤهلهم تحريك القطعات العسكرية , مما حدى بالبعض منهم بإرتياد ملابس الضباط من الرتب الصغيرة , وهذا ما جاء في المحاكمة العسكرية الصورية التي حكمت عليهم بالإعدام بأن قال رئيس المحكمة للمتهمين الذين إرتدوا ملابس الضباط من أعطاكم الحق بارتياد هذه الملابس , فأجابه الشهيد حسن سريع ومن أعطى الحق لرئيس الجمهورية أن يحمل رتبة المشير بعد أن كان عقيداً في الجيش , وكان يعني هنا عبد السلام عارف .

إن الفرق بين ثورة 14 تموز وحركة 3 تموز كبير جداً … حيث كانت الاولى بقيادة عسكرية مجربة وقادرة على التأثير وتحريك القطعات , والثانية تفتقدها , وفي الاولى كانت الجماهير الشعبية بقيادة جبهة الإتحاد الوطني وأحزابها المؤتلفة تسيطر على كل المدن والاقضية والنواحي بمجرد الإعلان عن البيان رقم واحد من دار الإذاعة العراقية , وكانت للآسف حركة 3 تموز تفتقد الى مثل هذا الدعم , للضربة الشديدة التي وجهت الى المنظمات الجماهيرية والحزبية , وقتل الآلاف منهم , وزج الآلاف الأخرى في المعتقلات والسجون مما جعل من عملية المساندة أمراً بالغ الصعوبة ومعدومة تقريباً . إن ثورة 14 تموز خطط لها على نار هادئة , ولها العديد من الحلقات المتسلسلة في مختلف وحدات الجيش وعلى رأسهم ضباط كبار وبرتب عالية مما سهل الإستيلاء على السلطة وبشكل سريع جداً . أما أبطال 3 تموز فلم يكن لهم سوى الإستعداد الكامل للتضحية والفداء بأنفسهم , وأن يقوموا بعملية بطولية تحمل بين جنباتها الفشل المحتم للأمور التي أسلفناها . ومهما يكن من أمر , فستبقى حركة حسن سريع الأبية من بين الحركات التي سيخلدها التاريخ السياسي والوطني لأبناء الجيش العراقي الباسل … وستخلدها الأجيال على مر العصور . فطوبى لكم أيها الشهداء .. وألمجد كل ألمجد للواهبين حياتهم من أجل حرية وسعادة شعوبهم .

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.