مبدعون وابطال الحرية

الشهيد خدر كاكيل يسطر اروع البطولات// أحمد رجب

 

الموقع الفرعي للكاتب

الشهيد خدر كاكيل يسطر اروع البطولات

 

أحمد رجب

 

جميل ان يكون الانسان بسيطا وكادحا ومنخرطا في عملية ثورية  وأن يقف مع طموحات وتطلعات شعبه بصمود اسطوري عنيد ليخدم اخوته  في العمل والكدح من اجل الحرية والإنعتاق وأن يناضل ببسالة ضد الدكتاتورية والاعداء الطبقيين من اجل وطن حر وشعب سعيد.

نعم، جميل أن يكون الفرد في حياته اليومية البسيطة محبوبا من قبل اصدقائه ورفاقه وذويه، جميل ان يتحلى هذا الكائن البشري الخلاق بالتواضع والصبر، وأن يتجلى بطبيعة مرحة وروح طيبة، وأن يكون محاطا  بمعارفه ومحبيه، ويتعامل معهم بصفاء القلب والصدق.

جميل ان يكتسب الانسان السجايا الكريمة والصفات النبيلة والخصال الحميدة إلى جانب الشجاعة والشهامة، وان يكون له رؤية ثاقبة وعزيمة صادقة تتمازج فيها الالوان الزاهية وتتوقد فيها الافكار وعندها يمكن ان يقال انه بحق عطاء لا ينضب، ليس لذاته ومعارفه واهله فحسب، بل لوطنه، وجميل انه لم يتأخر يوما عن دعم ومساندة نشر السلام والمحبة وروح التسامح بين رفاقه من قوميات العراق المختلفة من العرب والكورد والتركمان والكلداني الاثوري السريان والارمن على اختلاف اديانهم ومذاهبهم من المسلمين والمسيحيين، ومن الإيزديين والصابئة المندائيين والكاكئيين.

جميل أن يكون اسم هذا الانسان المحب للحرية، والمناضل لخلاص شعبه من انياب الدكتاتورية البغيضة، ومن براثن حكم النظام العنصري الفاشي، نظام حزب البعث العربي، نظام صدام حسين الإرهابي، جميل ان يكون اسم الشخصية الوطنية والشيوعية والقائد الانصاري الشجاع الاسطورة { خدر كاكيل }.

ضمن اسرة فلاحية في رواندوز ولد الطفل {خدر كاكيل}، ونشأ كأقرانه من الأطفال، وبدأ مبكرا بالعمل في حقول الزراعة، وللحصول على لقمة العيش لعائلته إتجه صوب العمل في البناء، ومن ثم إنتقل إلى مهن اخرى، والعمل كصاحب مقهى، واشتغل فيما بعد كخباز في المخابز، وبرز كنقابي لامع  في نقابة عمال البناء ونقابة الخبازين مدافعا عن حقوقه وحقوق اخوته العمال.

في اوج نشاطاته النقابية والعمالية إكتسب تجارب الحياة، وتفتحت بصيرته على هموم شعبه، ووقف بثبات إلى جانب إخوته وابناء منطقته، وتعاطف معهم ومع مشاكلهم والبحث لإيجاد الحلول لها، ودافع عنهم بشجاعة، وتوسعت مداركه وزاد وعيه الطبقي، فانخرط في العمل الحزبي، وانتمى إلى الحزب الشيوعي العراقي.

بعد المؤامرة الدموية القذرة في 8 شباط الاسود عام 1963 التي قادها البعثيون وحلفاؤهم القوميون العرب الذين إرتكبوا حماقات ومجازر وهدم القرى والقصبات بالمدفعية والدبابات والطائرات، وحرق المزروعات والغابات بواسطة قنابل النابالم المحرمة دوليا، ولكن الابادة الجماعية للناس واتلاف المحاصيل الزراعية وحرقها، وتدمير الثروة الحيوانية لم تستطع قهر إرادة الشعب الذي صمم على متابعة النضال لتحقيق الاهداف التي يناضل من اجلها، وكان قدوة النضال الشيوعي المعروف {خدر كاكيل}.

ولا يخفى على أحد بأن السلطة الدموية لحكم البعثيين ومنذ الساعات الأولى لمؤامرتهم القذرة واصلت هجومها الإرهابي الشرس والمكثف ضد الشيوعيين والوطنيين، وضد القوى الوطنية والكوردستانية في البلاد بمختلف إتجاهاتها التقدمية والديموقراطية من خلال تنظيمها لعمليات الملاحقة ومداهمة المساكن وأماكن العمل والدراسة وإعتقال أعداد كبيرة ومتزايدة من الوطنيين والشرفاء من أبناء الشعب عربا وكورداومن القوميات المتآخية الأخرى، حيث خضع جميع المعتقلين لعمليات تعذيب جسدي ونفسي بالغة الشراسة، وقد استشهد من جراء تلك الأعمال الوحشية العديد من أبناء الشعب، وللرد على اعمال البعثيين، انضم الشيوعي خدر كاكيل إلى قوات الانصار { الپێشمه‌رگه‌} للحزب الشيوعي العراقي، وخاض في مستهل إلتحاقه معارك بطولية ضد الطغمة الدموية الحاكمة.

في عام 1966  زجت الحكومة  في زمن عبدالرحمن عارف بقوات عسكرية مكثفة ومن مختلف الصنوف من الجنود المشاة والمرتزقة الجحوش وكتائب مدفعية وطائرات مقاتلة وقاذفات القنابلفي معركة جبل هندرين، واختارت اللواء عبدالعزيز العقيلي وزير الدفاع للاشراف وقيادة المعركة، والعقيلي هذا من المؤمنين الاشداء لتصفية الحركة الكوردية، ومن دعاة استعمال القوة المفرطة لسحقها وانهائها بكل الوسائل، ولكن رغم القوات الغازية سجل الانصار الشيوعيون العراقيون ومنهم الشيوعي المقاتل { خدر كاكيل } وابن خاله الحاج جرجيس وصديقه المقرب مام الياس ملاحم من البطولة والبسالة، وتم ردع العدو الجبان، واستشهد إلى جانب شهداء المعركة الحاج جرجيس ومام الياس وابنه صالح وجرح ابنه الثاني انور جروحا بليغة لايزال يعاني من آثارها.

لقد الحق النصير اللامع والشيوعي المقدام {خدر كاكيل} ورفاقه انصار الحزب الشيوعي العراقي في ملحمة هندرين بدعم من بيشمركة الحزب الديمقراطي الكوردستاني هزيمة نكراء بالجيش العراقي، وقد جاءت نتائج معركة هندرين تصديا لنهج السلطة الدموي،  ولتضع حدا لتبجح وغطرسة وغرور عبدالعزيز العقيلي وجيشه المهزوم هذا من جانب، ومن جانب آخر شكلت المعركة نصرا مؤزرا للثورة الكوردية، وبخسارة السلطة فيها واضطرارها إلى تبني نهج اللامركزية وبدأ المفاوضات لحل القضية الكوردية، وتعتبر هذه المعركة الباسلة في السجل الانصاري للشيوعيين العراقيين باكورة مفاخرهم المسلحة النضالية.

ان مشاركة المقاتل { خدر كاكيل } في معركة هندرين ببسالته وتفانيه وتضحيته من اجل مبادئه وسمو الانسان، وبشعوره المعمق وحسه المرهف وتواضعه الحقيقي وحبه اللامتناهي للشجاعة والتضحية في سبيل الشعب والوطن جعلته في الطليعة لإكتساب الخبرات المتنوعة ليصبح واحدا من المع القادة العسكريين الميدانيين لقوات انصار الحزب الشيوعي العراقي.

منذ إلتحاقه بانصار الحزب الشيوعي العراقي بعد المؤامرة القذرة في عام 1963 ، وإلى صدور بيان (11 آذار عام 1970) بين الحكومة العراقية والحركة الكوردستانية التحررية)  كانت الإبتسامة تعلو شفتيه دائما، ولا يهاب الموت أبدا، وبرز { خدر كاكيل } كمقاتل شجاع يسطر بهمة عالية مع رفاقه البواسل اروع البطولات، ويشارك في جميع المعارك واهمها معركة هندرين في رواندوز وسه رى به ردى في منطقة - باله كا يه تى - ويساهم  في دحر القوات العسكرية المهاجمة، والإستيلاء على الاسلحة المتنوعة والمعدات المختلفة، ودحر معنويات القوات الحكومية.

وفي عامي 1978 و 1979 شن نظام حزب البعث العربي الدموي هجمة شرسة على الحزب الشيوعي العراقي وأستشهد من جرائها عدد كبير من الرفاق، وقد وقف صدام حسين كالوحش ليعلن بغطرسته أمام أتباعه من البعثيين أن لا مكان للشيوعية في العراق، وستشهد الأيام القادمة نهاية الحزب الشيوعي العراقي، ولكن خاب ظن المجنون الدكتاتور الدموي، فالحزب الشيوعي العراقي وقف بأقدام راسخة في ساحة النضال، وسيبقى مع الشعب مناضلا جسورا يذود عن مصالحه الأساسية، مناضلا بحزم من أجل إنقاذ الوطن، ولكن غطرسة صدام حسين لم تتحقق وكانت نهايته مخزية. وبدأت المرحلة الثانية من حركة الأنصار للحزب الشيوعي العراقي في نهاية عام 1978 وبداية  عام 1979 من القرن المنصرم ، وفي هذه الاجواء وفي حر تموز من عام 1981 عاد المقاتل الاسطورة { خدر كاكيل } ليسطر بطولات جديدة.

ومنذ إلتحاق المناضل { خدر كاكيل } كان سباقا لتعزيز دور الانصار، ووقف كالطود الشامخ بوجه الدكتاتورية المقيتة، واصبح قوة جديدة لتعزيز دور الحزب، وعمل كمرشد ومعلم، كما عمل  برباطة الجأش مخططا عسكريا، ولعب دورا هاما في تطوير العمل الانصاري، وشارك في المعارك واقتحام الربايا، واطلق عليه رفاقه إعتزازا وفخرا لدوره المشهود صفة [ مقتحم الربايا]، وفي عيد الحزب عام 1982 قاد سرية روست التي تمكنت من إحتلال مقر سرية ( سه رى سه رين) المحصنة والواقعة على قمة جبل سه رى سه رين الاشم.

لم تتوقف مآثر البطل الصنديد { خدر كاكيل } عند نقطة معينة، فهو كلما قام بإستطلاع ربية واغار عليها مع رفاقه الانصار، فكر بربية اخرى ليقوم بالإغارة عليها، فبعد إحتلال مقر سرية (سه رى سه رين) في عيد الحزب في آذار عام 1982 قام في تشرين الاول/ اكتوبر من نفس العام بالإغارة على مقر السرية الواقعة على جبل (كوسبى سبى) واقتحامها، ولم تصمد ربية من ربايا العدو الكتاتوري امامه، فلا غرو ان يطلق على هذا الانسان المضحي بالمغوار.

ان حركة الأنصار لعبت دورا مجيدا في تعزيز هيبة ونفوذ الحزب الشيوعي العراقي في الحركة الوطنية العراقية والكوردستانية، وفي مقاومة إرهاب الدكتاتورية المتسلطة على الشعب، وقام الأنصار بنشاطات بطولية جسدت روح الشعب التواقة للحرية والديموقراطية، وتصدت ببسالة لهجمات السلطة المتلاحقة ولجرائمها بحق الجماهير الشعبية، وقدمت الحركة من اجل إنتصاراتها دماء خيرة ابنائها ومناضليها، وفي المقدمة منهم النصير الشيوعي ابن الشعب { خدر كاكيل } الذي استشهد في 2/5/1983 عندما هاجمت قوات الاتحاد الوطني الكوردستاني مقرات الحزب الشيوعي العراقي في بشت آشان.

4/9/2015

 

•     ** تجدر الإشارة بأن: ابن الشهيد خدر كاكيل: الشهيد عثمان خدر كاكيل واسمه الحركي {سه ركه وت}  من مواليد 1967 التحق بانصار الحزب الشيوعي العراقي، واصبح آمر فصيل، واستشهد في معركة هيلوه الشهيرة في 13/11/1986..