اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

مبدعون وابطال الحرية

مشروع سيناريو: موكب الشمس شرق كانيكا!// يوسف أبو الفوز

 

الموقع الفرعي للكاتب

مشروع سيناريو: موكب الشمس شرق كانيكا! *

يوسف أبو الفوز

التخطيطات  للفنان الفقيد اياد صادق

 

أستهلال

 ــ في ايام 5 الى 16 كانون الثاني 1987 خاض انصار الفوج الاول / قاطع بهدينان، من قوات انصار الحزب الشيوعي العراقي( حشع )، ورفاقهم من قوات الدعم، التي هبت لاسنادهم،  ووصلت على مراحل ، من مقر قيادة قاطع بهدينان، الفوج الثالث، السرية الخامسة، ومقر قيادة قاطع اربيل، وبالاشتراك مع "بيش مه ركة" الحزب الديمقراطي الكردستاني (حدك)، ومقاتلي المقاومة الشعبية من فلاحي القرى في المنطقة، خاض الجميع معارك ضارية، وعلى عدة محاور، وفي ظل ظروف جوية قاسية، ضد الحملة العسكرية الشرسة التي شنتها قوات النظام الديكتاتوري، على مناطق  نشاط  انصار الفوج الاول (حشع)، ومناطق لجنتي عقرة والشيخان لمقاتلي (حدك)، وسكان القرى في المنطقة المجاورة لمقرات الاحزاب، حيث زجت فيها السلطات بوحدات عسكرية مدرعة من الجيش والجحوش، وساهم فيها الطيران الحربي والهليكوبتر، وابدى الانصار آيات من البطولة والمقاومة والصمود والبذل، وكانت اياما اسطورية، حافلة بالمجد، غدت احاديث الجماهير ونسجت عنها قصصا كثيرة!

ــ  كانيكا (بالكردية : كاني كه) : قرية تقع عند اطراف ناحية اتروش (قضاء الشيخان ــ محافظة الموصل)، وموقع القرية أستراتيجي بالنسبة للمنطقة، لذلك شيد النظام الديكتاتوري هناك قلعة كونكريتية، ومنذ السبعينات، وضمن سلسة قلاع ومواقع عسكرية، شيدت بتصميم وتنفيذ من شركات رومانية، وكانت القلعة مقرا لفوج استخبارات عسكري، واثناء الاحداث المذكورة كانت السلطة قد اخلتها ارتباطا باوضاعها العسكرية على جبهات الحرب مع ايران وايضا تنامي نشاط ومقاومة الانصار في كردستان!

ــ لأستقبال العام الجديد 1987، صمم الرفاق العاملون في مكتب الاعلام لانصار الفوج الأول (النصير أبو ايار، النصير أبو طالب، النصير أبو رعد) ، بطاقة بيضاء كبيرة، وضعوها في مكان بارز في مقر "مه راني" ، كتبوا في اعلاها (أحلم!) وتركوا الحرية لكل نصير ليسجل أمانيه بمناسبة العام الجديد!

مشهد في ذمة التأريخ

ثلاثة ... 

ثلاثة أنصار ...

ثلاثة أنصار شيوعيين  ...

ثلاثة أنصار شيوعيين يتقدمون  ...

ثلاثة أنصار شيوعيين يتقدمون نحو  ...

ثلاثة قلوب مترعة بالأحلام، والعنفوان، والهواجس!

ثلاث قامات مدججة بالرصاص والمبادئ والأماني!

ثلاث بنادق شيوعية تتقدم نحو لحظة تاريخية!

الأول: النصير ياسين (جماهير أمين الخيون) يحمل بندقية كلاشينكوف، وقاذف R B G 7 جاهز للاطلاق، ويحلم بـ: "...التسكع في شوارع بغداد، مصابا بالحرية، وبأمي مختنقة بالسعادة".

 الثاني: النصير جنان (فارس جرجيس موسى) يحمل على كتفه العفاروف، وثلاث وعشرين نرجسة، وفي قلبه تتزاحم الفرحة ببطاقته الحزبية، وشهادة الدورة الحزبية التي انجز، ويحلم بــ : " ... امان لا حصر لها" ‍

الثالث: النصير كاتب هذه السطور. بالاضافة لبندقيته الكلاشينكوف المرقمة 1425 ، والقنابل اليدوية على حزامه، كان يحمل قذيفتي R B G 7 ويحلم بــ : "... تجاوز حدود الاماني واللوعة"!

ثلاثة أنصار شيوعيين يتقدمون نحو هاجس اللحظة القادمة‍!

ثلاثة أنصار شيوعيين يتقدمون ...

ثلاثة أنصار شيوعيين ...

ثلاثة أنصار...

ثلاثة ...

لكنهم ... عادوا اثنين‍!

الأول  و ... الثالث، عادا!

لماذا تخلف الثاني؟

لماذا؟

لماذا ا ا ا ا ا ا ا ا؟

قطع..

يوم 6 كانون الثاني وبسبب كون بناية القلعة نقطة دلالة لقصف الطائرات والمدفعية اضطر الانصار الى اخلائها من المقاتلين. عند الساعة الواحدة والربع ظهرا، والثلج يتساقط بغزارة، أفاد مقاتلي الحزب الديمقراطي الكردستاني "حدك"، بوجود جماعة داخل القلعة، فتوجه ثلاثة أنصار لاستطلاع الامر. أقتربوا من القلعة وسط ضباب كثيف. ثمة أصوات تصلهم باللغة العربية والكردية. من هم؟ هل هم رفاقهم الانصار الذين طلبوهم برسالة من المقر؟ أم رجال من المقاومة الشعبية ؟ صاروا على بعد عشرين او ثلاثين مترا حين انقشع الضباب فجأة. صارت الرؤية واضحة تماما. حدث كل شيء بلمح البصر. لا مجال للتراجع. وجها لوجه بمواجهة حوالي ثلاثين من قوات المرتزقة الجحوش ورجال الاستخبارات. صاح الجحوش بالأنصار ليستسلموا : "تعالوا.. تعالوا  لا تخافوا". رد الانصار السريع كان النار. كان اشتباكا سريعا وضاريا. الرد السريع للانصار نفعهم كثيرا وخلق حالة من الارتباك بين المرتزقة الجحوش. أحتمى الانصار بالصخور والاشجار القريبة التي راحت أغصانها تتساقط بسبب كثافة النيران. حالما بدأ الاشتباك هب الرفيق النصير "أبو نصير" المتمركز جيدا على بعد حوالي مائتي متر للمساندة ودعم الرفاق للانسحاب.

نجمة تطرز السماء

لكن جنان ... على صهوة العفاروف، وبالسرعة الابتدائية لسقوط نجمة، انطلق ثابت الجنان، "فارسا" نحو سماء المجد، وكانت هواجسه من عيار السنة الجديدة، فاصل 1987.

صور اضافية :

ــ  الشهيد النصير ابو ايار: فؤاد يلدا سلمان،  مواليد 1951، خريج معهد الفنون الجميلة ـــ بغداد / معهد الفنون فلورنسا ــ ايطاليا. التحق بقوات الانصار في اواخر عام 1982، عمل في اعلام الفوج الاول، تولى مهام مستشار سياسي في السرية الرابعة، جرح في ساقه في معركة قرية شيخكا تموز 1988، استشهد في 11/9 /1988 حين حاصره الاعداء، بعد أصابته بجراح، فأبى الاستسلام، وانهى حياته بيده مسجلا مأثرة خالدة!

ـ الشهيد النصير ياسين (جماهير امين الخيون) شاعر. مواليد 1961 ابن المناضل الشيوعي المعروف امين خيون الذي اغتيل في سبعينات القرن الماضي من قبل النظام الديكتاتوري البعثي. ساهم ياسين بفعاليات في مختلف النشاطات الثقافية الانصارية. في اثناء ادائه مهام حزبية في بغداد نهاية ثمانينات القرن الماضي، اعتقل وغيبت اخباره، حتى سقوط النظام الدكتاتوري حيث عثر على اسمه في سجلات المعدومين من قبل النظام المقبور.

ــ الشهيد النصير جنان هو (فارس جرجيس موسى) مواليد 1964 ، من قرية "بنداويه" (القوش ــ الموصل) سائق بلدوزر. التحق بقوات الانصار في 1983،

وكان الشهيد جنان قد تميز بحمله للاسلحة الرشاشة المتوسطة، التي تحتاج الى مهارات عسكرية وامكانيات جسدية، ويوم معركة "كاني كه" كان يحمل رشاش العفاروف.

ـ الشهيد النصير ابو نصير (هرمز خوشابا هرمز) كان امرا للسرية الرابعة / انصار الفوج الاول. من قرية بقري ـ سهل الموصل. مواليد 1951 .عامل قالب. كان اصغر نصير في تشكيلات الانصار في الستينات. التحق بقوات الحزب من جديد نهاية السبعينات وتحمل عدة مسؤوليات عسكرية. تعرضت عائلته للابتزاز والمضايقات باستمرار، واضطرت زوجته واطفالها الخمسة الى الالتحاق به الى الجبل. استشهد في 23 تموز 1987 في معركة قرية شيخكا في سهل الموصل  والتي كانت مقرا في المنطقة لاستخبارات النظام الديكتاتوري. في حملات الابادة المسماة بالانفال في شهر اب 1988 ومع  عشرات الالاف من سكان القرى التي هدمها النظام الديككتاتوري تم تغيب وأضاعة اثار زوجته ام نصير واطفالها الخمسة.

ــ العفاروف: رشاش متوسط عيار 62, 7 ملم ، سوفياتي الصنع. استخدم في الحرب العالمية الثانية، مداه 1200 متر ، ومؤثر على تجمعات المشاة والاليات الخفيفة التصفيح، يركب عليه من الاعلى مخزن اطلاقات دائري الشكل يسع خمسين اطلاقة، تميزت مفارز الانصار الشيوعيين العراقيين في كردستان بامتلاكه واستخدامه، وحاز العفاروف كسلاح على سمعة طيبة بين الفلاحين ، وزرع الرعب بين صفوف العدو. 

ـ الجحوش: من كلمة جحش، وباللغة الكردية تكون "جاش" وهذا تعبير ساخر يحمل استهانة واحتقار الشعب الكردي لابناء جلدتهم الذين يشكلون قوام وحدات المرتزقة التي يديرها النظام الديكتاتوري تحت اسم (قوات الفرسان).

  موسيقى

لكل الأشياء مداراتها ،

ولكل المدارات ابتداء ،

وللشهداء ــ دوما ــ مدار الدهشة والانتماء !

 

* أعد النص بالاستفادة من مؤلف الكاتب "تضاريس الايام في دفاتر نصير" المدى دمشق 2002

 

 ** طريق الشعب العدد 125 السنة 82 الثلاثاء 14 شباط 2017  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.