حوار مع الشاعر اللبناني الياس زغيب// آمنة وناس

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

حوار مع الشاعر اللبناني الياس زغيب

آمنة وناس

تونس

 

السلام عليكم

وعليكم السلام

تأبّط القصيدة، و راح يستنشق صفيرها في الإحساس والنفس، تخبره عن الفجر والمساء، عن الظلمة و الضياء، عن قيمة سميت الإنسان، بين يقين و حدس، بين ضحكة وبكاء، يوشوشه الحرف، بأنه عن أعماقه باحث، بين خلجاته ماكث، عن جنانه يحادث، وبدواخله يعرّف. يغفو الورق، وشهقته يناغمها قلم صدق، كتب عن الصاحب وعن العَلم، عن الأمل وعن الحلم، عن الفرح وعن الألم، نزف حبره ليبلغ المدى، صرخ عطاءه ليردد الصدى، أنفاس مرقمه تعطّر كأس الحياة، و نبض كلماته رحيق دهشة أيقظت البسمة والآهات، هو الشاعر اللبناني "د.الياس زغيب".

 

مرحبا بك سيدي

أهلا ومرحبا، وشكرًا على المقدمة اللطيفة

 

س "يوم ارتكبني الوجود هفوة، عاقبته الحياة بقصيدة"، الشاعر"الياس زغيب"، الملتحف لشهقة القصيدة، كيف يلفظ تنهيدتها؟

ج علاقتي بالقصيدة متشابكة متداخلة، ولا أعرف إن كنت أكتبها أو هي تكتبني معظم قصائدي وليد الانفعال الوجداني، والإحساس العميق باللحظة، بالطبيعة، وبالإنسان... لذلك فالقصيدة تكوّن أجنحتها في داخلي وتطير.

 

س "أعتقد بان الشعر هو فعل تجاوز اللغة باللغة، فأحاول أن أعبر بالكلمة إلى أعماقي والمدى في آن"، هذه هي قناعة الشاعر اللبناني "مكرم غصوب"، إلى أين يصل بك هذا النبض ؟

ج طبعًا مكرم غصوب هو أخ وصديق وشاعر ومثقف حقيقي، أعتقد أن تعريفه الشعر قريب جدًا من الواقع الفلسفي والإنساني الذي يعيشه. أنا بصراحة أهرب من التعريفات التي تؤطّر ما لا حدود له كالشعر والحياة إلخ. لكنني أعترف كمكرم أن الشعر هو انعكاس لذاتي للأنا الصغرى ومحاولة لاستيعاب الكون اللامحدود والوجود والتعبير عن الأنا الكبرى...

 

س كيف يطوّقنا وشاح حرف الشاعر "الياس زغيب"، والقصيدة ما تزال في منتصف الصمت؟

ج القصيدة تبدأ حين ننتهي من كتابتها أو تلاوتها، يعني أنها تبدأ بالصمت ولا تنتهي، طبعًا أنا أتحدّث عن الشعر الحقيقي. أما قصيدتي فهي محاولة تشبهني، وتعبر عني بصدق، وحرفي هو صورة عن أناي التي أطمح أن تلقى صداها الإنسانيّ في الوجود.

 

س ماذا يأخذ منك الحرف، وماذا يعطينا؟

ج الحرف يأخذ ملامحي الفكريّة والإنسانيّة، ويعطيكم صورة عن "الياس زغيب" الشاعر والإنسان...

 

س كيف هي تقاسيمنا في النزف المهاجر إليك؟

ج المتلقي يأخذ حيّزًا كبيرًا من اهتمامي وأنا أكتب القصيدة، بيد أنّني أكتب بالدرجة الأولى لنفسي، فأنا أوّل متلقٍّ للقصيدة، لذلك فلا فرق بين تقاسيم المتلقي وبين تقاسيمي الإنسانية كوني المتلقي الأول للنص الذي يخرج بوساطتي.

 

س "الحرف الي شاف الصبح ورقة بظرف"، إلى أين يأخذنا بصره؟

ج الحرف يأخذ كل متلقّ إلى حيث يكون مستعدًّا، فكلّ منّا يتعامل مع النص انطلاقًا من معرفته وبنيته الفكرية والثقافية والاجتماعية... من هنا نقول إنّ النصّ مفتوح على احتمالات لا متناهية، ويخضع إلى قراءات متعدّدة ومختلفة باختلاف الذات التي تقرأ من زاويتها.

 

س  هل تعتقد في اكتمال اللقاء بين بوحك وبين الذات المحلقة؟

ج لا اكتمال في الوجود بل نحن في سعي دائب إليه، وما الحياة إلا محاولات لبلوغ الكمال في اكتمال التجربة. وبالتالي فالشعر أو البوح هو محاولة لمعانقة الوجود والاتحاد فيه، وسنبقى نحاول بهدف اللقاء وانصهار الذات بالحرف.

 

س شو النفع لو اكتب صدى لل ما حدا؟"

ج نعم هو تساؤل الشاعر لمن يكتب؟ وعلاقة الكتابة بالصدى أي بالوصول إلى الآخر وبقدرتها على اختراق الذات الأخرى ومحاكاتها والتأثير فيها. والما حدا قد أكون أنا أو الفراغ الذي يهدد الإنسان أو الغياب الذي ينتظره. هي حياتنا محاولة لترك بصمة في الوجود بكل ما نقول ونفعل.

 

س "من الآخ عم بتدّين حروفي: ما عاد عندي جروح تا أوفي... ما قدرت فيق اليوم، بدي نام..."، كيف يستنشق حرف الشاعر "الياس زغيب" وجع الإنسان "الياس زغيب"؟

ج "الياس زغيب" الشاعر هو نفسه "الياس زغيب" الإنسان، وبالتالي حرف "الياس زغيب" هو ترجمة للإنسان على لسان الشاعر.

 

س "في بالمحبة والبغض أسرار، بيحكوا الحقايق مثل ما هنّ، اخبز محبة واطعم الكفّار، بالطّلع الكفار عالجنّة، ورش البغض بحناجر الأطيار، تتخرص وتبطّل تغني"، هكذا تزنّم الشاعر اللبناني "موسى زغيب"، أين يترجّل الإنسان "الياس زغيب" بين المحبة و البغض؟

ج عند "الياس زغيب" لا مكان للبغض، قد أغضب وقد أحزن، لكن لا أبغض أحدًا. المحبة هي الطابع الإنساني للإنسان، ولا إنسان من دون محبة!

 

س عندما تحزن المحبّة، كيف يخاطب تنهيدتها المحب "الياس زغيب"؟

ج عندما أغضب أغضب بمحبة، وإن كانت مواقفي قاسية وحاسمة لحظة الغضب، لكنني لا أتنازل عن المحبة كما لا أتنازل ولا أساوم على مبادئي وأحاول ألا أتنازل عن وقاري وعن أخلاقيات التعبير التي أتّبعها.

 

س عندما تجرح الصورة، الجدار المعلّقة عليه، كيف ينزف ألمه في تجاعيدها؟

ج نعم الصورة على رقتها قد تجرح الجدار، والقصيدة تجرح جدار الروح لتنزف الحروف فيض المشاعر، يستفزها موقف أو مناسبة تلك هي لحظة الإبداع!

 

س بماذا يوشوش لك الإبداع؟

ج بالقصيدة بكل بساطة... أنا أعيش القصيدة كأنها تنبض في داخلي، تفتّق مشاعري وتخرج. فالإبداع هاجس وهم كل مبدع، يواكبه يعيش معه ليعبر بوساطته عن رؤيته للوجود! والإبداع يوشوشني بالجمال وبالعاطفة وبالرؤيا.

 

س من قطف الجمال، و تنفّس رحيله إلى اللامكان؟

ج الجمال نسبي ووردته تبقى مزهرة في كل مكان وزمان، نحن لا نقطف الجمال إلا لحظة الإبداع بالخيال! صدقت القول إنّنا نتنفّس الجمال نقاربه لكن لا نحيط بكلّه!

 

س "مش مهم يذبل زهر المواعيد، المهم يبقى من العطر نتف، ماذا تبقى للتراب، إذا ما الوردة ضحكت للسماء؟

ج يبقى العطر ذكرى تخبر عن الزهر والمواعيد، حين نردّ أمانة التراب للتراب، يا عزيزتي لا يبقى سوى ما أنجزنا... نحن نكتب حضورنا لحظة الرحيل!

 

س "قولك بيرجع فينا ها الغيم العتيق"، ما علاقة الأمس بغد "الياس زغيب"، إنسانا وشاعرا ؟

ج الأمس هو ذخيرة الأيام الماضية والمعجن الذي منه يتغذى الآتي من الأيام، الماضي هو الأساس الذي يبنى عليه المستقبل. الإنسان والشاعر لا ينفصلان ولهما الهواجس عينها.

 

س تقول الشاعرة العراقية "نازك الملائكة" "سنحلم أنّا نسير إلى الأمس لا للغد"، كيف تعيش هذا الشعور بالحلم؟

ج الحلم هو المتنفّس في سجن الجسد وسجن الوجود، الحلم هو السفر إلى الماضي لنستنبط منه ضوءًا إلى المستقبل. في بعض الأحيان يختلط علي الأمر فأعيش حلمي واقعًا أو واقعي حلمًا، إنها نزعات الإنسان وطموحاته ورغباته...

 

س هل يثق بك الحلم؟

ج أعتقد أننا نثق ببعضنا، لقد حققت الكثير من أحلامي أو ربما معظمها، لا هي خذلتني ولا أنا خذلتها!

 

س ما هو طعم الأبد بين أصابع الحلم؟

ج بالنسبة إليّ طعمه قلم يبشّر بقصيدة.

 

س كيف هو مذاق ألم هذا القلم عند سقوطه في النفس العطشى؟

ج يسقط كسقوط قطرة الماء على التراب، تحييه تنعشه وتدب فيه الحياة على الرغم من الوجع والألم. ودائمًا للقلم المحمّل بالفكر والعاطفة والجمال طعم مختلف، لا يطاله وصف ولا تدانيه متعة.

 

س ما اللون الذي تسمعك لحنه هذا الحياة؟

ج هو لون الأمل بغدٍ أفضل، ولون الانتظار، ما يبعث في داخلي فرحًا داخليًّا ورقصة على إيقاع الحياة!

 

شكرا لك الشاعر الياس زغيب على حسن تواصلك و إلى لقاء آخر ان شاء الله

شكرًا لك ولحسن التحضير وعمق الأسئلة. دمت بخير!