اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

لماذا انسحب مقتدى؟ الجزء الأول// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب 

لماذا انسحب مقتدى؟ الجزء الأول

صائب خليل

 

أقول مقدما انها "تحليلات" لما يتوفر من معلومات معروفة وليس عندي اية معلومات سرية وصلتني بشكل شخصي. انها محاولة لربط الأشياء ببعضها، ومصداق هذا الربط وكل من تفاصيله سيحكمه المستقبل القريب.

 

لكن لماذا التحليل لأي تصرف؟ ومتى نحتاجه؟ نحن نحتاج الى تحليل أي تصرف والبحث وراء الكواليس عن تفسير له، فقط عندما تبدو الأسباب والتفسيرات المعلنة له غير مقنعة. ونستطيع بسهولة ان نرى أن الأسباب التي قدمها مقتدى لانسحابه من العملية السياسية برمتها، كانت غير مقنعة، فهي تناقض الواقع، وتكشف أن هناك ما يخفى، ولا يريد او لا يستطيع البوح به.

لا بد من التحذير المسبق اننا لا يجب ان نعتمد لتفسير كل تصرف غريب، انه يعود الى "الغباء"، وإلا نكون قد وقعنا في فخ يعمينا عن اكتشاف الحقائق الدفينة التي تكشفها التصرفات "الغريبة". وفي تصوري ان تثبيت صفة الغباء والتقلب على مقتدى كان مقصودا إعلاميا لهذا الغرض، حتى لو كان الرجل فعلا له حظ محدود من الذكاء. لذلك علينا ان نفكر بالاحتمالات الأخرى حتى لا يبقى أي احتمال سوى الغباء، قبل تبني الفرضية لتفسير التصرف.

 

تفاجأ الناس أن مقتدى ترك فجأة مشروعه الإصلاحي الذي طبل له كثيرا، دون مقدمات. والغريب أن مقتدى لم يكن يعاني انسدادا في مشروعه ليدفعه اليأس الى الانسحاب! فرغم انه لم يكن في البلد حكومة، فقد تمت الموافقة فورا على مشروعي قانونين خطيرين للغاية، قدمهما مقتدى، واحتفل بهما خصومه كأنهما انجازين ايجابيين.

وبدلا من ان يستثمر مقتدى هذا النصر الكبير، ويستفيد من تشظي التأييد الشعبي لخصومه، خاصة بعد تصويتهم لصالح القانونين من جهة، وتلاحم اتباعه وسعادتهم بانتصارهم، ويحتفل بأول انتصارات مشروعه "الإصلاحي" كما يقول، ويكسب المزيد من الثقة والدعم، نراه ينسحب "زعلانا" متذمراً، وكأن اعداءه نجحوا في إفشال مشروعه واصابه اليأس، فتحول بإرادته وبشكل غريب، إلى صورة مهزوم، وليس منتصر!!

لتفسير انسحابه دخل مقتدى في دور مسرحي، ادعى فيه انه "عاهد ربه" بترك العملية السياسية لوجود "الفاسدين"، وانه لن يعود إلا اذا خلا العراق منهم. وهذا منطق مقلوب. فالمفروض ان الفساد هو ما يستدعي الإصلاح، فمن سيحتاج الإصلاح اذا خلا البلد من الفاسدين؟ هل يأتي المصلحون الى بلد صالح ليصلحوه، ام يكثر فيه الفساد لينقذوه منه؟ هل يعقل أن يعاهد مصلح ربه، ان لا يتحرش بالفاسدين ماداموا في بلده؟

 

ويبدو ان هذه التناقضات وهذه الخيبة للأمل بين اتباعه، قد اثارت لديهم التساؤل وبعض الامتعاض، رغم انهم اكثر من يباهي بالثقة به وبطاعتهم العمياء له. ولذلك شعر من يدير الكتلة الصدرية (سنعود لذلك لاحقا في المقالة) أن عليهم تقديم تفسير لتهدئتهم.

وبالفعل نشر عنصر ارتباط مقتدى الصدر بأتباعه، حسن العذاري، (في 16 حزيران 2022) منشورا على صفحته في الفيسبوك، استعان فيه بمثال النبي موسى والخضر ليصل في النهاية إلى "وهذا يدل على إن ادراك الحكمة من أفعال الصالحين ليس بالأمر الهين" ويطلب من الأتباع في حالة شكوكهم (في تصرفات مقتدى)، ان يبقوا "مؤمنين" حتى يأتي الوقت الذي يدركون فيه حكمته، ولسان حاله يقول "أننا لا ندرك حكمة مقتدى لأنها اعمق منا"!

وهنا يجب ان نقف عند بضع ملاحظات حول رد العذاري:

1- أنه اعتراف ضمني ان تصرفات مقتدى غير مفهومة.

2- هو اعتراف ضمني أن الإحساس بالخلل والاستغراب لم يشمل النواب الصدريين فقط، بل شمل جمهور مقتدى، وهو ما اوجب نشر مثل هذا المنشور في وسائل التواصل.

3- هو تناقض مباشر وسافر لإمام المذهب الشيعي الإمام علي في اهم واشهر مقولاته: لا يعرف الحق بالرجال. لأنك حينما تقر مسبقا أن أي خطأ تجده في تصرفات مقتدى بأنه لقصور في فهمك له، فإنما تقر ضمناً ان مقتدى دائما على حق. أي ان "تعرف الحق بمقتدى". وهنا يجب على اتباع مقتدى ان يحددوا موقفهم بين قول الإمام علي ودعوة العذاري لهم بـ "الإيمان" ان مقتدى على حق دائما، وأن الإمام علي قد اخطأ في أشهر مقولة له!

 

ماذا إذن عن قصة الخضر؟

إن اردنا ان ندخل في هذا التبرير البائس، نلاحظ ان هناك فرقا أساسيا بين القصتين: ففي قصة الخضر رفض الأخير ان يعطي موسى تفسيرا لعمله في البداية، وحين أعطاه التفسير اصبح واضحا جدا، ولم يكن القصور في عقل النبي موسى عن الفهم، بل لأن الخضر لم يخبره بالسبب في البداية، وحين اخبره، صار كل شيء واضحا. أما مقتدى فقد أخبر اتباعه السبب ("لكي لا يشارك الفاسدين") ولكن السبب نفسه لم يكن مقنعاً!

قد لا نفهم تصرف شخص ما، لا نعرف سببه، وهذا لا يشكك بصاحبه، لكن السبب غير المقنع يخفي وراءه دائما سببا لا يريد صاحبه ان يكشفه!

 

إذن التفسيرات المعلنة من مقتدى غير مقنعة، بل مضحكة، وبالتالي يتوجب البحث عن تفسير اكثر اقناعا لما فعل، ولما فعل الإطار أيضا.

 

قبل ان ابدأ، أقول ان تفسيري يستند إلى اعتقادي بأن مقتدى يتلقى أوامره من السفارة مباشرة كتعليمات أو بشكل اقتراحات من احد مجنديها المقربين منه، وأن تصرفاته، خاصة الهامة والمفصلية منها، مثل قرار الانسحاب، لم يكن بدافع الاستفادة المادية او السلطة او الاندفاعات العشوائية وعدم الاستقرار المعروف به أو أي سبب من ذاته، بل هي تعليمات السفارة. هناك ادلة أخرى كثيرة على أن حركة مقتدى تدار من السفارة، مثل هذا التنظيم وكفاءة الوصول الى نتائج (تماما كتظاهرات تشرين)، إضافة الى كونها جميعا قد صبت في مصلحة السفارة في النهاية، وملاحظة ذلك من قبل وسائل إعلام امريكية.

إذا اعتبرت عزيزي القارئ ان هذا غير وارد، فربما من الأفضل ان تتوقف عن القراءة لأن كل ما سيأتي بعد هذا السطر يعتمد عليه.

 

لقد قدم مقتدى لغير اتباعه، كشخص متقلب، بليد، ومتخلف عقليا، وهو كذلك الى حد بعيد. لكن بلادة مقتدى امر مختلف عن القرارات التي تصدر منه. فنلاحظ أن قرارته تبدوا عشوائية، لكنها في النهاية منسقة الحركة وتحقق التقدم في اتجاه محدد (حتى ان لم يكن الاتجاه الذي يدعي انه يريده). وهذا دليل قاطع على انها توجه من قبل جهة عاقلة ومتطورة. ويترك له أحيانا في الأمور غير المؤثرة، ان يتصرف بما يراه وتثبيت صورة الغباء عنه لدى الجمهور العراقي من غير اتباعه ومعاملته كشخص مثير للضحك. وهذه طريقة معروفة في السياسة، فهي الوقاية الأفضل من الكراهية الشديدة التي يشعرها الجمهور تجاه العملاء، واهم من ذلك انها تصلح لتغطية تصرفات تتجه بعكس ادعاءاته بالمقاومة، وتخدم الامريكان والإسرائيليين، وكانت ستكشف حقيقته تماما لولا انها كانت تفسر على انها بسبب الغباء والتقلب.

 

لم تكن مواقف مقتدى وحدها الغريبة و"المتقلبة" والمثيرة للشكوك. فبدلا من ان يستغل خصومه تلك الفضيحة المزدوجة في القانونين سيئي الصيت، وتبيان ان قانون حظر التطبيع هو قانون للتطبيع، ويعلنون أيضا معارضتهم لقانون النهب الغذائي وكسب الغالبية الساحقة من العراقيين التي تقف ضده بقوة، صوت خصومه بالموافقة عليهما وكأنهم منومين مغناطيسيا او ان شيئا ما يجبرهم على العمل بالضد من مصلحتهم ومنطقها!

 

يتبع الجزء الثاني

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.