اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

مانيفستو القدس– ما هو موقفنا؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

مانيفستو القدس–  ما هو موقفنا؟

صائب خليل

8 ك ا 2017

 

قال ترمب: "وفيت بالوعد الذي قطعته بالاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل"، مؤكداً أن "لإسرائيل الحق في تحديد عاصمتها". وشدد على أنه يجب أن يحظى أتباع الديانات الثلاث بحرية العبادة في القدس، داعياً جميع الأطراف إلى "الحفاظ على الوضع الحالي في مدينة القدس، خاصة فيما يتعلق بالحرم الشريف".

تماما مثل بلفور الذي وعد لإعطاء اليهود ما لا يملك بكل صلافة، فأن ترمب وعد ووفى بوعده بإعطاء إسرائيل "الحق" في تحديد عاصمتها.. على أرض ليست لها، استولت عليها عام 67، وهي ارض محتلة في وثائق الأمم المتحدة وحتى في ادبيات الخارجية الأمريكية نفسها!

ومثل وعد بلفور، فأن وعد ترمب مذيل بعبارة من السخرية الصفراء تشترط بشكل ما، ألا يتضرر الباقين من القرار! ولعله يأمل في داخله أن يكون للقرار، التداعيات الكارثية التي كانت لوعد بلفور على الشعب الفلسطيني.

 

ولتفسير القرار قالت ممثلة ترمب في الأمم المتحدة نيكي هالي: "ترامب اتخذ هذا القرار لأنه لا يستطيع ان يحرم الشعب الأمريكي من تحقيق رؤيته للسلام"!

من ميزات الصلافة المطلقة أنها تفحم العقل المقابل فلا يعود، لهول الكذب قادراً على الرد. مع ذلك كتبت احدى القارئات ساخرة: "صحيح، لقد ملأنا الشوارع بالتظاهرات المطالبة بنقل السفارة الى القدس! اراهن ان 80% من الشعب الأمريكي لا يدري في اية قارة هي القدس".

 

بهذه الضربة الجديدة التي وجهتها الإدارة الأمريكية إلى الضمير العربي والعالمي، يقف شعبنا على مفترق طريق حاسم، فأما ان يسير في طريق المقاومة الوعر، إلى نهايته غير المؤكدة، ولكن المفعمة بالأمل، أو يسير في طريق الخنوع السهل، إلى نهايته الحتمية المأساوية. فترمب قد وعد أيضا بأن يجلب مئات المليارات لأميركا من الخليج، ونفذ وعده، ووعد بأن يستولي على النفط العراقي، لان العراق بلا شعب، تماما كما قال الإسرائيليون عن فلسطين حين استولوا عليها، وقد ينفذ وعده!

إن قرار نقل السفارة الأمريكية الى القدس كان قد صدر من الكونغرس منذ 1995، لكن أحداً من الرؤساء الأمريكان لم يجرؤ على تنفيذه، ولعلهم جاءوا بتلك الشخصية "المميزة"، ترمب، خصيصاً لهذا الغرض. فمثل هذا القرار يتطلب مثل هذا الرئيس.

 

العالم كله ينظر اليوم إلى رد الفعل العربي على هذا الهجوم على وجوده وكيانه. فالقدس ليست سوى خطوة في الطريق الوحشية الرامية الى احتلال العرب "من النيل إلى الفرات"، بل وأبعد من النيل والفرات بكثير، ومن لا يرى ذلك فهو مصاب بالعشو.

العالم لا ينظر فقط، بل قد أعلن موقفه واضحا منددا بتلك الجريمة، وحتى من كان في حقيقته مع المجرمين في جريمتهم من دول عربية واجنبية، قد نأى بنفسه عنها ببيان انتقاد

 

لكن العالم لن يفعل أكثر من ذلك من أجل العرب، ما لم يتحرك العرب من أجل الدفاع عن بشريتهم المهددة قبل غيرهم. العالم على استعداد لدعم العرب إن رأى منهم حركة، لأنه يدرك أن سياسة ترمب وبلفور تستند إلى التحطيم الأخلاقي والقانوني للعالم، وهذا يهدد الجميع في نهاية الأمر. ولأن مازال معظم البشر رافضين للظلم، مخلصين لطباعهم الإنسانية ومستعدين للتضحية من أجلها، رغم التفاوت في ذلك الاستعداد.

 

ليس هذا هو الاعتداء الأمريكي أو الإسرائيلي الأول الذي يستحق الغضب العربي والاستهجان والثورة بالتأكيد، فأميركا وإسرائيل، كما قيل، لا تمتلكان تاريخاً، بل سجلا إجرامياً فقط، وكان للعرب حصة الأسد منه. لكنه مفصل حاسم في ذلك السجل، يتمثل بتحد كامل لقيم الشعوب العربية والإسلامية، ورفع لسلاح جديد أكثر شراسة في تلك المعركة، ليس أمام المقابل إلا أن يرتعد وينكمش خوفاً أمامه ليرضى بدونية تزداد انخفاضاً كل يوم، أو أن يرفع سلاحاً مقابلا في وجهه.

 

ولأنها معركة حاسمة، فقد أطلقت إسرائيل كل جيوشها الإعلامية والإلكترونية لتفعل فعلها. وقد لاحظت احدى الناشطات العراقيات ان الصفحات العراقية تعج بصور ولوحات فلسطينية مضادة للشعب العراقي ومؤيدة لدكتاتوره صدام حسين، مثلما تعج الصفحات العراقية بأعداد ومعلومات عن انتحاريين فلسطينيين فجروا انفسهم في العراق. 

لقد وضعنا ترمب أمام هذا الخيار بين طريقين، ولم يعد هناك مكان للمترددين والمتحججين بمختلف الحجج، فأنت أما ضد احتلال إسرائيل لكل كيان شعبك ووطنك، والذي ينطلق اليوم باندفاع جديد، أو انت معه. وموقف شعبك منك سيكون انطلاقا من تأثير فعلك، بغض النظر عن اسبابك ودوافعك، فما تفعل يمثل خندقك وهويتك، وإن اخترت العداء لشعبك فلك تحتفظ بتبريراتك لنفسك!

 

إن العلامات الأولى تبشر بالخير، فردود الفعل جاءت أفضل من التوقعات، رغم انها تبقى اقل من الطموح. ولعل ردود الفعل المحدودة للحكومات الذيلية لإسرائيل هي الأكثر معنى، وأكثر مدعاة للتفاؤل. فهذه السعودية التي لم تخف ان تصرح انها تشارك إسرائيل "رؤيتها" للمنطقة، تضطر للنأي بنفسها عن القرار، ولو بعبارات خجولة، وكذلك فعلت بقية دول الخليج. وهذا العبادي يضطر ليس الى الاعتراض فقط بل ويستدعي السفير الأمريكي، وهي من العجائب أن يستدعي المرء سيده! وحتى أبو الغيط المغرق في اسرائيليته فتح فمه بالاعتراض، وكذلك تمتم قائد فرقة الأمن الإسرائيلية الفلسطينية محمود عباس نفسه ببضعة كلمات خجولة.

 

نحن لا نخدع أنفسنا بهذا. ونعلم جيدا أن ملك السعودية الذي يقود اليوم الحملة الإسرائيلية لإخضاع العرب للحالة المذلة وتطبيعهم عليها، هو أكثر حرصا من نتانياهو على القضاء على بقية كرامة العرب المزعجة له قبل غيره. ونعلم حقيقة مشاعر بقية حكام الخليج وأبو الغيط والسيسي. وفي العراق نعلم ان العبادي الذي يستدعي السفير، أن هذا السفير هو من جاء به وفرضه حاكما بتهديد العراقيين بداعش. ونعلم أن العبادي هو الذي أعاد القوات الأمريكية وعصابات البلاك ووترز إلى العراق، وهو الذي يبارك بصمته قصف الجيش الأمريكي لجيشه وللحشد الشعبي وتكرار تقديم العتاد لداعش.. وكلها "بالخطأ". إما ان كان غاضباً من إسرائيل فليوقف تصدير كردستان لأكثر من ثلاثة ارباع النفط الإسرائيلي، وهو الذي قال قبل أسابيع ان كردستان تحت سيطرة قواته!

نحن لا نخدع أنفسنا ولم ننس كل هذا، ولكن هذه هي الفكرة بالذات. الفكرة هي انه حين يضطر هؤلاء إلى مثل هذه المواقف، فهو يعني أنهم يخشون شعوبهم بالفعل. وهو يعني فوق ذلك أن سيدهم سمح لهم بهذا الهامش الكبير من الحركة لامتصاص الغضب الشعبي دون الإطاحة بهم! وسيدهم هذا يعرف الحقائق جيدا، فهو يتابع دبيب النمل!

إن هذه المبالغة الكبيرة في الإعلام الخليجي بالذات، والتي وصلت حد انكار وجود الفلسطينيين تماما في أحد برامجهم، وهذه الكثافة الإعلامية في مواقع التواصل الاجتماعي في امتداح إسرائيل والتهجم على الفلسطينيين في هذه اللحظة بالذات ملفتة للنظر. فمشاعر العروبة والكرامة موجودة وقوية في دول الخليج ولا يمكن تغييرها هكذا بين ليلة وضحاها. لذلك فأني لا أرى هذه الحملة الشعواء دليلا على سيطرة إعلامية وساحة شعبية مؤيدة لها، بل دليل على قلق كبير ونشاط غير معتاد لجيوشهم الإلكترونية ومن خدعتهم تلك الجيوش، وبعض من استلذ المذلة واشتاق ان يكشف ما يضمره مفترضاً أن الوقت قد حان. ولقد خبرنا حالة مماثلة حين كانت إسرائيل تقصف غزة، وكان موقع "الحوار المتمدن" يتبنى الموقف الإسرائيلي ويزور اللايكات والأرقام لصالح المواقف المناسبة لها، للتغطية على حقيقة معاكسة بشدة بلا شك.

 

لنشعر هؤلاء السفلة الذين وضعوا على رؤوس حكومتنا اننا لا نقتنع بالكلام، بل نطالبهم بمواقف عملية، ولتكن تظاهراتنا متوجهة نحو السفارة الأمريكية ولإيقاف التعاون معها والضغط بكل السبل الإعلامية والتظاهرات والانتخابات من أجل طرد قواتها من أرضنا. لنضغط أكثر حتى يضطر أعتى ذيول إسرائيل، حتى مثال الآلوسي، أن يتبرأ منها علنا او يتخلى عنه حاشيته المتملقة! فكلما أعلن ذيل تراجعه، خافت بقية الذيول وتراجعت أكثر.

لا اريد ان أكون متفائلا جداً ولا أنكر إنها ضربة موجعة، لكنها بالتأكيد مغامرة أيضا من جانبهم، وقد تكون نتائجها السلبية على المغامر أكبر من فوائدها، وعلينا وعلى مبادراتنا تتوقف تلك النتائج. والحقيقة أن لا خيار لنا فهي أما ضربة قاتلة لن تقوم لنا بعدها قائمة، أو أن نردها. فصدق من قال: "إن كل ضربة لا تقتلني تزيدني قوة"، وصدق من قال: "رب ضارة نافعة"! لنجعلها "نافعة" إذن.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.