كـتـاب ألموقع

ليس من ساتر بعد سوريا// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

ليس من ساتر بعد سوريا

صائب خليل

13 نيسان 2018

 

لنتخيل أنك في معركة تدافع فيها عن بيتك، وأنك في هذه اللحظة تقف خلف السياج لتطلق النار على المهاجمين. لكن النار تشتد عليك، وتشك في قدرتك على الصمود في موقعك وتفكر بالتخلي عن السياج والحديقة والتراجع إلى الخلف، وتفكر: ما قيمة الحديقة والسياج؟

كيف ستقرر؟ ما يحدد قرارك هو البحث عن موقع أكثر صلابة تستطيع الصمود فيه. ويمكن أن تتراجع إلى البيت وتترك الحديقة للمهاجمين، شرط أن يكون هناك موقع أكثر صلابة خلفك في البيت! فإن كان الدفاع من داخل البيت أسهل، فالقرار قد يكون حكيماً، أما إن لم يكن البيت مناسباً كساتر لصد الهجوم، فسيكون تراجعك خطأً جسيماً، بل هو الخطأ القاتل.

عليك في هذه الحالة ان تصمد حتى النهاية ولا تتراجع. فالتراجع في هذه الحالة يعني الموت الأكيد، وفرصتك مهما بدت ضيقة وعسيرة على الساتر الأعلى فهي أفضل بكثير من تلك التي بدون ذلك الساتر، فعليك ان تتمسك به وتدافع عنه كما لو كان يمثل فرصة الحياة بالنسبة لك.

 

اليوم يشتد العدوان والخطر على سوريا، ولعل الجميع في المنطقة يفكر: هل أقف معها وأعرض نفسي للخطر، أم اتركها لمصيرها وانجو بنفسي؟ أليست السياسة مصالح؟ ألم يقولوا: لا اخلاق في السياسة؟ الا يفترض بالمرء أن يهتم بمصلحته ومصلحة بلده، خاصة وأن الخطر كبير؟

نعم على المرء ان يهتم بمصلحته ومصلحة بلده، لكن في أي اتجاه هي مصلحة بلده؟ في أي قرار هي مصلحة العراق؟ سوريا وإيران ولبنان بالنسبة للعراق (مثلما العراق هو لها) السياج والحديقة التي إن سقطت فسوف لن يصمد البيت يومين. هزيمة سوريا لن تجعل العراق بحال أفضل في مواجهة اعدائه الجبابرة البعيدين أو ذيولهم القريبة السامة.

ولو تركنا سوريا تسقط وتراجعنا، فاين سيقف هذا التراجع؟ دعونا من الهرب من الحقائق المرة. نحن في العراق مخترقون إلى عظامنا، وجيشنا الذي سلمت قياداته مدنها واسلحتها لعصابة صغيرة، مازال كما هو لم ينظف من خائن واحد! ورئيس وزرائنا والقائد العام لقواتنا المسلحة الذي عين تعيينا علينا من قبل الأمريكان، في ترتيب مشين وخطير، دون ان ينتخبه أحد، مازال هو القائد. مازال الحال الذي أنتج هذا الخراب قائماً ويهدد كل شيء، فكيف سيصمد من كان حاله هذا الحال إن بقي لوحده؟

 

إنهم لا ينوون الاكتفاء بالحديقة، او التوقف عند سرقة محددة، كما تبين التجارب التي سبقت في سوريا وليبيا، بل يهدفون الى التدمير الشامل والكامل لهذه البلدان. ليس من هدف سيرضي هؤلاء، أقل من الدمار التام والنهائي لكل شعب من شعوب المنطقة! أي شعب منها يتصور أنه سيعامل بشكل مختلف لو كان "لطيفاً"، هو أحمق يتعجل نهايته. فإن كان لشعوبنا فرصة للنجاة، ففرصة هذه الشعوب هي بصمودها معاً، وسقوط أي منها يقرب بقية البلدان خطوة إلى المصير الأكيد الذي يخططونه لها – الفناء الشامل!

 

إنها ليست شعارات ثورية، بل تحليل بسيط. إنها ليست دعوة للتهور، بل العكس، هي دعوة للحذر والقلق الشديد من المصير الذي ندفع إليه. دعوة لأن نرى نتيجة تفرقنا واستسلامنا، وأن نخاف منها أكثر من الخوف من مجابهة مشتركة هي فرصتنا الأخيرة. قد تقول إنك أضعف من أن تساند سوريا وتقف معها، لكنك ستكون أضعف كثيرا بدون سوريا. وإن كانت مواجهة الغول معاً صعبة وخطيرة، فستكون اقل قدرة على مواجهة ذلك الغول، القادم إليك حتما، حين تكون لوحدك. الوقوف خطير ومكلف، إلا ان الاستسلام والشلل في مثل هذه اللحظة مرعب ومدمر!

 

بغض النظر عن كل الحقائق الأخرى، فهناك اليوم حقيقة لا ريب فيها، هي: إن كان لنا ان نقاوم، فهنا مكان المقاومة وليس بخطوة إلى الخلف. إن كان لنا ان ننجو، فهنا عند هذا الخط، فرصتنا الأخيرة. لا يجب أن نترك ساتر "سوريا"، فسوريا هي الساتر الأخير، وليس بعد سوريا من ساتر لنا، وليس بعدنا من ساتر لها!