كـتـاب ألموقع

مؤامرة النفط الوطنية.. هل تسقط كما سقطت مؤامرة الحرس الوطني؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب

مؤامرة النفط الوطنية.. هل تسقط كما سقطت مؤامرة الحرس الوطني؟

صائب خليل

22 تشرين الأول 2018

 

تناولت مواقع التواصل مهزلة صدور ثلاثة كتب متتابعة كلف في الأول منها، وزير النفط جبار لعيبي، بمهمات رئيس "شركة النفط الوطنية العراقية" والذي قام فور ذلك بإصدار الكتاب الثاني والقاضي بضربة واحدة بفك ارتباط 9 شركات تابعة لوزارة النفط والحاقها بـ "شركته" – "شركة النفط الوطنية العراقية" والتي تم تدبيج قانونها في غفلة من الناس وفي نهاية الفصل التشريعي السابق. وبعد يومين من صدور ذلك الكتاب الذي سلق بعجالة غريبة، قام الوزير لعيبي بإصدار كتاب بـ "التريث" في تنفيذه. والحقيقة أن كلمة "تريث" كانت لذر الرماد في العيون، فلم يكن أصلا التنفيذ ممكناً لذلك الكتاب المليء بالأخطاء من جميع النواحي.

 ولم يكن هذا الإجراء هو الوحيد الغريب في قصة قانون شركة النفط الوطنية، فقد كان القانون الذي مرر خلسة في نهاية الدورة النيابية الماضية عبارة عن مجموعة من النقاط الكارثية التي يعد تمريرها عاراً آخر يسجل في تاريخ مجلس النواب، بل لعله العار الذي سيبقى في التاريخ أطول من غيره.

فقد كان واضحاً أن القانون كان خطوة أولى في مؤامرة تستهدف إعادة تسليم النفط العراقي الى الشركات النفطية العالمية وإعادة الساعة إلى الوراء إلى ما قبل النظام الجمهوري الذي وصفت إجراءاته بأنها "مجحفة" من قبل رئيس الوزراء المكلف عادل عبد المهدي، والذي يبدو انه جيء به إلى رئاسة الوزارة (بطرق غريبة أيضا ولا دستورية) لغرض تمرير القانون وتطبيقه، بالدرجة الأولى.

القانون الغريب الذي يضع ثروة النفط تحت تصرف "شركة مستقلة" ترتبط بمجلس الوزراء ويرأسها وزير، بدا مفصلاً ليناسب وزير النفط الحالي جبار لعيبي الذي يبدو انه قد وعد به مسبقاً. وبالفعل تم تعيينه رئيساً للشركة، ليسارع بـ "سحب" شركات وزارته إلى "شركته". لكن الرجل، لاستعجاله المشروع الواعد بالثراء، ارتكب مجموعة أخطاء مذهلة في ذلك الكتاب، بحيث اضطر الى اصدار تريث به بعد يومين، رغم ان لديه خبرة تكاد تصل الى نصف قرن في مجال عمله!

كتب خبير النفط حمد موسى جياد مقالة بعنوان "ما هكذا تؤسس شركة النفط الوطنية العراقية" عزى فيها التخبط إلى استباق الطعن المقدم بشأن القانون الى المحكمة الاتحادية، ونقتطف منها ما يلي:

وصف جياد الكتابين بأنهما "يدللان على ضخامة التخبط وفقدان الرؤية"، واستنتج أن التعجل ربما يكون "بسبب قناعة الجهات التي اصدرتها بقوة الطعن وإن المحكمة ستحكم بقبول الطعن خاصة وإن اللوائح التي قدمها كل من الوكيل القانوني لرئيس مجلس الوزراء والوكيل القانوني لوزارة المالية تؤيد وتدعم العديد من الفقرات الواردة في الطعن".

ولاحظ السيد جياد ان كتاب تنسيب لعيبي لرئاسة الشركة جاء بالضبط في آخر يوم من مدة " التمكين " البالغة ستة أشهر في قانون الشركة. كذلك لاحظ السيد جياد أن الكتاب الثاني الذي أصدره لعيبي بفك ارتباط الشركات التابعة لوزارة النفط قد وقعه باعتباره "رئيس شركة النفط الوطنية"، في الوقت الذي اقتصر كتاب الأمانة العامة على "تكليف" لعيبي "بمهمات" رئيس الشركة، وهذا لا يجعله رئيساً للشركة من الناحية الإدارية. فيتوجب وفق الدستور ان يوافق البرلمان على تعيين رئيس الشركة، باعتبار انه بمنصب وزير.

والأدهى من ذلك انه حتى لو كان رئيسا للشركة بالفعل، فكيف يمكن لرئيس الشركة ان يفك ارتباط شركات بوزارة النفط ليربطها بشركته؟

إضافة الى ذلك فهناك أخطاء كثيرة في التسميات وفي ارقام المواد القانونية وغيرها، مما دفع بجياد إلى التساؤل إن كانت تلك من نتائج “قيادة القطاع النفطي برأسين وتهميش دور الوزارة”، وكذلك إن كان لعيبي يصلح لرئاسة "اهم قاعدة انتاجية في الاقتصاد العراقي"(1)

 

وفي مكان آخر، كتب عضو من أعضاء عصابة قانون النفط، د ابراهيم بحر العلوم، مقالة بعنوان "النفط الوطنية ... بدايات تنفيذية متعثرة"، أشاد بها بالقانون واعتباره ضمن "خطوات ارتقاء للجهد الوطني لدفع عجلة النهوض باقتصاد البلد"، معترفا ببعض "الملاحظات، ملقياً باللوم على العبادي في التقصير في "وضع الاسس السليمة لتنفيذ هذا القانون المهم"، وانما تم التعامل معه بسياقات دون مستوى الطموح، وأن عدم التعاون تسبب في "هفوات ما كان يمكن ان تحدث" لو كان التعاون افضل.

وعزا بحر العلوم "الارباك الذي حصل.. ضم الشركات الوطنية التسع الى الشركة وفك ارتباطها من الوزارة" إلى "تضارب المصالح بين الوزارة والشركة"، مشيرا الى ضرورة "التركيز على تشكيل مجلس ادارة الشركة واختيار اعضائها بشكل مهني وشفاف"، ولاحظ ان "تسجيل الشركة رسميا لم يتم حتى الان" ولا "راس مال الشركة" وغيرها ليختتم: "لذا جاء قرار ضم الشركات التسع غير مدروس ويفتقر الى ابسط القواعد القانونية واثار موجة من الانتقادات الى رئاسة الوزراء ووزارة النفط. في حين ان قرار الفك والضم يمكن ان يشكل الخطوة الاخيرة في سلسلة الاجراءات ويتم من قبل وزير النفط." (2)

 

يبدو ان السيد لعيبي كان مستعجلا أن يقوم بتعيين نفسه ونقل شركات الوزارة الى شركته ليطمئن على مستقبله، وعلى تنفيذ هذا القانون. وهذه بشرى خير، فعندما يقلق المتآمرون، فهي علامة أن المؤامرة تتحطم. وليس هذا بعيدا، رغم جو التشاؤم الذي يسود البلاد والغموض الذي صاحب الاختيار اللادستوري لرئيس الحكومة المكلف، والذي هو أكبر عرابي المؤامرة المذكورة. هذا "التريث" العام، ليس سوى فقدان للزخم الهائل الذي انطلق به المشروع المشبوه، ومحاولة انقاذ ماء الوجه بالتظاهر بالموضوعية والتأني والحرص، من قبل الوزير والسيد بحر العلوم، و "المرونة" التي يبديها هؤلاء بالاعتراف بالهفوات والملاحظات على قانون الشركة وعلى أسلوب تنفيذه.

رغم ان الوقت مازال مبكرا للاحتفال، والقانون مازال سارياً، والطعن لم يقرر بعد، لنا أن نتفاءل بمرور الوطن بسلام من هذا اللغم المخطط لتدميره، وبفضل نباهة وبسالة بعض أبنائه في الذود عنه. لقد تحطمت من قبل مؤامرة الحرب الأهلية ومؤامرات الأقاليم الانفصالية ومؤامرة داعش ومؤامرة الحرس الوطني وغيرها، ولنا ان نأمل بتحطم مؤامرة "شركة النفط الوطنية" وفضيحة القائمين عليها أمام كل أبناء الشعب، حتى لا يتاح لهم فرصة جديدة لتكرارها، وأن يسلم النفط العراقي، متنفس العراقيين الأخير، ويسقط من يحاول خنقهم.

 

في المقالة القادمة سأقدم شرحا لمؤامرة خصخصة “أرامكو السعودية”، واحتمال تعلق قضية خاشقجي بها، وتزامنها وتشابهها مع مؤامرة "شركة النفط الوطنية العراقية".

 

 (*) روابط للقانون ومقالاتي ومقالات اخرين واخبار حول الشركة

http://alrad0.blogspot.com/2018/10/blog-post_22.html

(1) ما هكذا تؤسس شركة النفط الوطنية العراقية – احمد موسى جياد

 https://www.facebook.com/FreePeopleNotFreeMarket/posts/1578414162259552

(2) "النفط الوطنية ... بدايات تنفيذية متعثرة"- د. إبراهيم بحر العلوم

https://www.facebook.com/ibrahimbahar.energy/posts/2152216911699986