اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

من انتصر في معركة هيفاء الأمين ومن خسر؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب

من انتصر في معركة هيفاء الأمين ومن خسر؟

صائب خليل

8 مايس 2019

 

لو كنت مكان إسرائيل، لخصصت لجنة من بضعة اشخاص في مركز قيادة العمليات الأمريكية في بغداد، (والتي تسمى سفارة)، مهمتها أن تراقب أي حدث في البلاد، وتجتمع بسرعة فور وصول إشارة بحصوله، للبحث عن افضل طريقة لاستخدام الحدث كشرارة لأحداث تخدم اجندتها، مثل خلق شق جديد في الصف العراقي، وافتعال الهاء جديد يستر المسيرة الحثيثة الى الهاوية التي يقود البلاد اليها رجالها في الحكومة.

لو كنت مكان إسرائيل لفكرت بهذا.. لذلك فمن المعقول جداً أن هذه اللجنة موجودة بالفعل، وفي هذه الحالة، ما الذي سترجوه هذه اللجنة من موضوع هيفاء الأمين؟ وهل تحققت بعض امنياتها؟ يمكننا ان نرى إن الخاتمة التي وصلنا إليها، قد حققت ما يلي:

 

أ - "إنجازات" مباشرة للجهات المشاركة في المعركة هي:

 

1- تسويق هيفاء الأمين بين "رفاقها" كمدافع عن قيمهم ومواقفهم مثل حقهم باعتناق ما يؤمنون به وما لا يؤمنون، وحول ملابس المرأة والموقف من قانون الأحوال المدنية الجعفري، والشعور بالتعاطف معها، حتى لو لم يكونوا معها في موقفها من الاحتلال والسعودية والتوافق مع الفاسدين.

2- إعادة الاعتبار لهيفاء الأمين ضمن الحزب، بعد ان وضع الكثيرون عليها علامات استفهام لما تسببه للحزب من احراجات تعزى أما الى أجندة مخفية مقلقة، او ببساطة الى محدودية قدرتها على التفكير وحساب نتائج اقوالها.

3- هذا سيقدم لهيفاء الأمين الحماية اللازمة لتمكينها من اطلاق تصريحاتها الداعمة للاحتلال وتوابعه بجرأة اكبر.

4- دعم الأحزاب والمؤسسات الدينية التي تعاني من نفور الناس لإغراقها في الفساد، وإعادة تسويقها كمدافع عن "الحق المذهبي" لتخفيف انتباه الناس الى فسادها وتماهيها مع الاحتلال.

 

ب - "إنجازات" أخرى تتعلق بالوضع والأحداث العامة في هذه الفترة في العراق:

 

5- ترسيخ الإحساس لدى الجانب المعارض للمواقف المداهنة لجماعة إسرائيل، بالإحباط وأنه "يغرد خارج السرب" فيخفض صوته، مقابل إحساس الجانب المؤيد لها بشجاعة اكبر فيرتفع صوته، معطيا انطباعا في الحالتين بأن اتجاه التماهي مع إسرائيل في الحزب اكبر من حقيقته. هذا يعني إصابة الجهات التي تحاول إعادة بوصلة الشيوعيين إلى اتجاهها بضربة مباشرة. تلك الجهات التي تحاول إعادة الوعي للحزب وناخبيه ومؤيديه بان الخطر يأتي من الاحتلال ومن إسرائيل، وليس من الدين والإسلاميين، وتقديم مثال عملي على العكس وتثبيت الإسلام والمسلمين باعتبارهم الخطر المباشر على الشيوعيين والعلمانيين، وان لا مفر من التحالف مع اقطاب اميركا وإسرائيل في البلاد لحمايتهم من خطر هؤلاء.

6- التغطية على التحالف الجديد الذي يقوده سعد عاصم الجنابي – صهر الجنرال كارنر، ويعتزم الحزب الشيوعي دخوله مع مثال الآلوسي من خلال نسيانه من جهة، ومن خلال النقاط أعلاه التي تجعل رفضه اقل أهمية من الجهة الأخرى.

7- إلهاء الناس عن المؤامرات الأمريكية مثل الحرب على إيران والتي هي في الحقيقة جزء من مؤامرة على المنطقة ستتيح لإسرائيل فرض تراجعات على كل دولها واحدة واحدة، عندما يأتي دورها.

8- دفع مشروع قانون طرد جيش الاحتلال إلى الوراء بعيدا عن أولويات الناس وتخليص الأحزاب التي وعدت به، والتي تقف معه، من الإحراج، وتلك التي تقف ضده من الافتضاح بالعمالة الصريحة للاحتلال.

9- التغطية على الاتفاقات الاقتصادية المتسارعة التي تقوم بها الحكومة لإغراق البلد وتكبيله لحساب خطة أميركا وإسرائيل.

 

ج - "إنجازات" عامة بعيدة المدى:

 

10- تسميم الجو السياسي في العراق بشكل عام، واستبعاد طرق الحوار لحل الخلافات وتشجيع اللجوء للعنف اللفظي، خاصة بين العلمانيين والمتدينين في العراق، وهو ما يضمن ادامة تلك الخلافات. وهذا الهدف بالمناسبة كان من اهم الاهداف التي سعى اليها موقع “الحوار المتمدن”.

 

11 - تأكيد مشاعر العدائية الداخلية والخوف من الآخر في العراق وتوجيهها بعيدا عن الاحتلال

12- إحداث شق إضافي او "طائفية" من نوع آخر، في مكونات المجتمع العراقي

13- اصابة من يأمل بوحدة الشعب العراقي بالإحباط ودفعه خطوة أخرى نحو اليأس، وتقليل نشاطه

14- بالمقابل تنشيط الدعوة للأقاليم واللامركزية وكل ما من شأنه تقريب موعد إكمال الخطة الأساسية لإسرائيل في تفتيت العراق

 

إلى أي مدى دفعت هذه المعركة العراق والمجتمع العراقي باتجاه كل نقطة من تلك النقاط؟ هذا صعب التقدير من ناحية الحجم، لكن الاتجاه واضح تماما، مثلما هو واضح من الذي انتصر. فكما نرى فأن هيفاء الأمين خرجت من المعركة كأكبر مستفيدة، ويأتي بعدها قادة حزبها الحريصين على استمرار دفع الحزب باتجاه تل ابيب وممثليها في العراق والمنطقة. ومما لا شك فيه ان الأحزاب الفاسدة المغرقة في قرصنة النفط، قد تنفست الصعداء وأخيراً هناك السفارة، المنتصر الأكبر في كل القضية. إنها اهداف عزيزة جدا على السفارة، ولا نستطيع ان نجزم أن تلك "الإنجازات" قد جاءتها بمساعدة جهد بذلته أم وصلتها مجاناً تماماً، لكننا لن نستغرب ان علمنا انه كان هناك احتفال وسعادة وشرب انخاب في السفارة في الليلة الماضية.

فمن هو الخاسر إذن؟ إنه العراق، وشعب العراق، ومن يتمنى له ان يبقى على قيد الحياة!

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.