كـتـاب ألموقع

حكاية عقود التراخيص– 8 اعتراضات شائعة على عقود التراخيص واجوبتها// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب

حكاية عقود التراخيص– 8 اعتراضات شائعة على عقود التراخيص واجوبتها

صائب خليل

 

وردت الكثير من الاعتراضات المنطقية وغير المنطقية على عقود التراخيص في مقالات ومقابلات تلفزيونية ودراسات اقتصادية مختلفة (1).  وقد ناقشنا اهم تلك الاعتراضات، ونكمل القائمة بالاعتراضات التالية والرد عليها.

 

1- ندفع في عقود الخدمة أرباحاً ثابتة للشركات حتى لو انخفضت أسعار النفط، فكيف تكون في صالحنا؟

هذا صحيح، لكن هذه طبيعة عقود الخدمة. الدولة تحصل على كل أرباح زيادة الأسعار، وتتحمل خسائر انخفاض الأسعار من الجهة الأخرى. ولكن جب ان تنخفض الأسعار بشكل شديد جداً قبل ان يتساوى ما يمنحه عقد المشاركة مع عقد الخدمة.

مادامت أسعار النفط عالية، فأن عقود الخدمة هي التي تعطي الدولة حصة اكبر مما تعطيها إياها عقود الشراكة. وكلما انخفض سعر النفط، كلما اقتربت النتائج المالية لعقود الخدمة مع عقود المشاركة، أي أن الفرق بين ما تربحه الدولة بين نوعي العقود سيكون أقل، وسيقترب النوعان من بعضهما. لكن الانخفاض يجب ان يكون شديداً قبل ان يتساوى النوعان من العقود. وصحيح أنه اذا هبطت الأسعار اكثر، فستكون عقود الشراكة أجدى للدولة من ناحية المردود المالي. لكن في أي سعر للنفط يكون هذا؟

لقد حسب الأستاذ أحمد موسى جياد ذلك فوصل إلى أن عقود الخدمة أجدى ماليا للدولة إلى ان ينخفض النفط تحت 10 دولار للبرميل الواحد! فما دامت أسعار النفط لم تهبط هذا الهبوط الشديد، فأن عقود الخدمة التي وقعتها بغداد، اكثر مردوداً من عقود المشاركة التي وقعتها كردستان.

إضافة إلى ذلك فهناك السلطة السيادية على النفط، وهي مهمة جداً، وهي افضل دائما وبكثير في عقود الخدمة، حيث لا تستطيع الشركات ان تفرض رأيها إلا في حالات خاصة جدا وبطرق الاحتيال والرشاوي. لذلك فأن عقود الخدمة هي الأنسب في الغالبية الساحقة من الحالات.

 

2- هناك تكاليف إضافية مثل تكاليف حماية خبراء الشركات وموظفيها! وهناك رواتب خبراء الشركات وموظفيها، بعضها يبلغ 60000 دولار شهريا لصغار المدراء، وأنه "لا يحق لاحد الاستفهام من الشركة المتعاقدة عن أرقامها الخيالية"

من الطبيعي ان تتكفل الحكومة بالحماية وتكاليفها في مثل هذه العقود. وهذا أفضل من ترك الأمر للشركات، لتحسبها بنفسها وتتصرف بها، وتأتي بمن تشاء للحماية مثل "بلاك ووتر" وأمثالها من العصابات إلى العراق. أما تكاليف ورواتب الموظفين فهي ليست جزء من العقود. التكاليف تحدد من خلال تقديم الشركة 3 عروض تختار الحكومة الأنسب منها، وتستطيع الحكومة الضغط وتقديم بدائل بنفسها إن كان هناك ارادة. أما ان لم يكن هناك إرادة فالعقود لا تستطيع حل المشكلة، مهما كانت نصوصها مناسبة.

 

3- لا يوجد نص يحدد استخدام الكوادر العراقية في العقود

في الحقيقة هناك نص يقول (ان الشركات المتعاقدة، تقوم بتشغيل الكوادر العراقية، قدر الإمكان)

وعبارة "بقدر الإمكان" تتيح لفريق الحكومة اجبار الشركة على تشغيل الكوادر العراقية المتوفرة وتستطيع محاججتها بها متى توفرت تلك العناصر.

 

4- في العقود نص يقول: لا تسري القوانين الجديدة بما فيها الضريبة على الشركات الاجنبية العاملة في البلد.

هذا شيء طبيعي، فليس من المعقول أن تسري قوانين ضريبية جديدة على الشركات بعد توقيع العقد. فلا تستطيع ان توقع عقدا مع شركة وتبلغها بأن الضريبة ستكون 30% على أرباحها، على سبيل المثال، ثم تغير نسبة الضريبة وتجعلها 50% بعد توقيع العقد.

 

5 - لا يتم التحكيم على الخلافات بالمحاكم الوطنية بل في المحاكم الدولية ومنها محكمة غرفة التجارة الدولية في باريس.

هذا صحيح وهو في غير صالح الدولة المضيفة لكن للأسف لا مفر من ذلك، وهو من مكاسب الضغط الرأسمالي الذي تم تثبيته في قوانين التجارة العالمية لإعطاء الشركات الأفضلية على الحكومات.

 

6 - في عقود الخدمة تتحكم الشركات النفطية بالتكاليف والتكنولوجيا

في عقود الخدمة عقود تأتي الشركات بخبراتها التكنولوجية لخدمة العقد، وتقدم قائمة بتكاليف تلك التكنولوجيا. لكن هذا لا يعني أن الدولة المضيفة ليس لها رأي في ذلك، بل يمكنها ان تجادل وتفاوض على كل من التكنولوجيا وكلفتها في كل مراحل تنفيذ العقد، وتسعى إن استطاعت ان تبين ان التكنولوجيا غير مناسبة او ان تكاليفها مبالغ بها وتشتكي إن اضطرت إلى المحكمة التي قد لا تستطيع ان تقف بجانب الشركة دائماً. ويعتمد هذا طبعا على قدرة الدولة وكادرها من ناحية المعرفة التكنولوجية والمتابعة، ومن ناحية النزاهة والإرادة السياسية.

 

7- طول فترات العقود غير المعتاد، تفرغ عقود الخدمة من استقلاليتها.

صحيح الى حد ما. المفروض بعقود الخدمة انها تضع على الشركات خدمات محددة تنفذها وتترك المكان، أما ان يكون العقد طويلا جدا ليغطي عمر البئر مثلا، فهو يسلط ضغطا على حرية التصرف الحكومي والقدرة على المناورة للخيارات الجديدة الأنسب وربما الأقل كلفة، وإن لم يكن يسلط ضغطا فيما يتعلق بالسياسة النفطية.

 

8- إن كانت عقود التراخيص جيدة، فلماذا كلفة "انتاج" البرميل فيها اكبر بكثير من تلك التي قبل الاحتلال؟

يجب ان نذكر بداية، أنه في الفترة التي سبقت الاحتلال الأمريكي في 2003، كانت التخصيصات لتطوير القطاع النفطي قد توقفت من زمن طويل، لذلك لم تكن هناك "كلف استثمار" ثابتة، وكانت "الكلفة التشغيلية" وحدها، هي الكلفة الكلية. ولهذا كانت كلفة إنتاج برميل النفط العراقي واطئة جدا وتبلغ (1,6–2) دولاراً. (فؤاد الأمير) ولكن بعد عام 2003 والعمل على زيادة “الإنتاج”، تم إدخال استثمارات كبيرة جديدة، لذا توجب إضافة مبالغ اندثاراتها و "كلفة رأس المال" إلى الكلف التشغيلية، من اجل حساب الكلفة النهائية لاستخراج برميل النفط"(2) وهو ما زاد كلفة انتاج البرميل الواحد، ولا علاقة لذلك بسوء عقود التراخيص.

الحلقة القادمة: خاتمة

 

(1) د.نبيل جعفر عبد الرضا: التراخيص النفطية—قيود جديدة على الاقتصاد العراقي

goo.gl/aaz1ZZ

(2) لاحظ حمزة الجواهري ان معظم الكلفة التشغيلية هي مبالغ سوق يعاد تدويرها في الاقتصاد العراقي، مثل رواتب الموظفين.