اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

الذين اعادوا لـ "فن الممكن" اعتباره// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب

الذين اعادوا لـ "فن الممكن" اعتباره

صائب خليل

29 تموز 2019

 

كلما دعونا حكوماتنا التي تنصبها السفارة الواحدة تلو الأخرى، الى موقف ينسجم مع مصالح البلد، حتى لو كان المطالبة بخروج القوات المحتلة الامريكية او حتى التركية، قفز لنا من يذكرنا بأن "السياسة فن الممكن"! ولا أذكر ان احداً استخدم هذا الشعار بعكس ذلك.

وعلى هذا الأساس فأنه كلما كان المرء أكثر استسلاماً، كان "سياسياً" أفضل و "فناناً" اكبر! وبالتالي فالمرء لا يحتاج الى أي مخ او معلومات أو دراسة للسياسة: فقط استسلم اكثر من غيرك فتكون سياسياً فناناً لا تجارى!

 

طبيعي ان هذا كلام "خريط" لكنه الاستنتاج المنطقي الوحيد من الطريقة المشوهة التي تستعمل هذه العبارة بها. فـ "الممكن" متحرك حسب الظرف والموضوع، صعوداً وهبوطاً، وليس في حالة هبوط مستمر. و "الفن" كلمة تطلق على ما يحتاج الى دقة الموازنة بين خطأين، دقة متحركة لا يدركها الا قلة من الناس نسميهم "فنانين". هم القادرين على اكتشاف "إمكانيات" جديدة لم نكن نتخيلها، مثل الرسام الذي يدهشنا بوضع بقعة حمراء في مكان ما من اللوحة، فلا تخربها كما نتوقع، بل تزيدها جمالاً. لقد رأت عينا هذا الفنان ان هذا "ممكن"، وأرتنا الدليل.

 

لذلك، فأن السياسي الجيد هو من يدرك "الممكن" ويلاحظه بدقة "فنان"، في صعوده وهبوطه، ويحسب رهانه عليه بشكل لا يقدر عليه غيره. وضمن دول المنطقة يسود التعريف الاستسلامي لعبارة "فن الممكن" إلا لدى جهة المقاومة التي يمثلها الحرس الثوري والمقاومة اللبنانية وبعض فصائل المقاومة الفلسطينية!

لقد استطاعت هذه الجهات ان تدهشنا، - نحن غير الفنانين في السياسة - عندما برهنت أن ما كنا نتصوره "غير ممكن" هو "ممكن". فمن كان يتخيل ان تحرير لبنان من إسرائيل "ممكن"؟ من كان يتصور ان مقاومة شعبية يمكن ان تمثل ردعاً لإسرائيل عن اختراق أجواء بلادها وقصفها؟ من كان يتخيل مقاومة فلسطينية تستطيع الاستمرار في الحياة تحت الحصار بين إسرائيل وعملائها؟ وان تقاوم وان تبتكر الوسائل وتطور أسلحتها رغم الحصار شبه التام على كل ما يدخل اليها؟

 

ومن ناحية أخرى لان ننسى ما قام به تجمع عراقي من المواطنين غير المدربين على القتال ولا يملكون أسلحة متطورة، بدحر عصابة داعش التي استولت على ثلث بلدهم ودحرت جيوشهم في كل مكان وجدت فيه! كان هذا "ممكنا" فقط لان الحشد لم يعتمد على ضباط تم تدريبهم في اميركا ولا أسلحة واليات وأجهزة اتصالات أمريكية، بل اعتمد لإكمال نواقصه على إيران والمقاومة اللبنانية، وانتصر على داعش المدعومة أمريكياً بكل شيء!

 

على مستوى الدول، من كان يتخيل أنه من "الممكن" ان تنجح ثورة اشتراكية في روسيا، وأن تتمكن رغم عداء العالم، أن تحول روسيا الفلاحية المتخلفة إلى ثاني اقوى دولة في العالم، وهي التي خرجت مهشمة من الحرب العالمية الثانية؟

من كان يتصور "ممكناً" ان تنجح كوبا في استعادة سيادتها من اميركا التي لا تبعد عنها سوى "شمرة عصا"، وتضع فيها إحدى قواعدها العسكرية، وان تقوم رغم حصار لأكثر من نصف قرن بإنجازات لشعبها وتتفوق على اميركا في قلة وفيات الأطفال وغيرها، وأن لا تسقط رغم مئات المؤامرات العسكرية وغير العسكرية؟

 

وبالعودة الى منطقتنا، من كان يتخيل "ممكناً" ان دولة في العالم الثالث كإيران، تتجرأ على تحدي اميركا، وفي زمن البلطجة الأشد والانهيار الأشد، وترفض مفاوضة اتفاقها وتسقط طائرة لها وتحتجز سفينة لأحد ذيولها الأكثر أهمية؟

 

وباستعارة تعبير من اشهر المسرحيات الكوميدية دعونا نسأل: "هو ده فن الممكن والا مش هوه"؟؟

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.