اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

هل حقاً ان نظام الانتخاب النسبي في العراق يعطي صوتك لمرشح اخر؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

 عرض صفحة الكاتب 

هل حقاً ان نظام الانتخاب النسبي في العراق يعطي صوتك لمرشح اخر؟

تفنيد خرافات الإعلام حول أنظمة الانتخاب

صائب خليل

21 ك1 2019

 

من المقولات الشائعة بين المواطنين العراقيين عن نظام الانتخاب الحالي: 1- إنك تنتخب مرشحاً، لكن صوتك قد يذهب الى مرشح آخر تختاره الأحزاب. وأيضاً: 2- النظام غير عادل، لإن مرشحين من ذوي الأصوات الأقل كثرما يفوزون بالمقاعد ويحرم منها ذوو الأصوات الأكثر.

فهل هذا صحيح؟

عندما تطرح الحقائق بهذا الشكل يستنتج منها ان من اخترع النظام الانتخابي النسبي (وهو المتبع في العراق)، لا بد أن يكون مجنوناً، لكن الأمر كما سنرى ليس بهذا الشكل. فالعديد من البلدان الراسخة ديمقراطيا يتبع هذا النظام، بل ان بعضها قد انتقل اليه من نظام الانتخاب الفردي مثل الدنمارك وهولندا وبلجيكا وقبرص وأستراليا ونيوزيلندا، فلماذا فعلوا ذلك؟

هناك مشكلة أساسية في الانتخاب الفردي، تولد مشاكل عديدة قاتلة، فهي “أم الظلم والمشاكل”!

لنبدأ من البداية. في نظام الانتخاب الفردي، وهو ما يسمى نظام "الفائز يأخذ كل شيء"، يفوز المرشح صاحب الأصوات الأعلى كما في الرسم التوضيحي المرفق، لكن ماذا عن أصحاب بقية الأصوات؟ أصواتهم تلقى في سلة المهملات، ولا يعود لهم أي تأثير أو وجود في الطيف السياسي في البلد، للأربعة سنوات التالية. تلك هي “أم الظلم والمشاكل” وسرطان التصويت الفردي!

لنلاحظ ان هذا الأمر يمكن أن يشمل أكثر من نصف الناخبين! أي أن هناك احتمال قد يزيد على النصف أن صوتك لن يكون له وجود في سياسة بلدك. وإن تكررت الخسارة، فمن الطبيعي أنك قد تفقد الأمل وتبتعد عن التصويت، ولا تعود تشعر أن مجلس النواب المنتخب يمثلك، فلا صوت لك فيه. وهكذا تفقد الديمقراطية مصداقيتها بالنسبة لك ولنصف أو أكثر من المواطنين، ولا تعودون تؤمنون بها كنظام يقود البلد. وبالفعل، فمن المعروف أن نظام الانتخاب على أساس فردي، يعاني أكثر من أي نظام أخر من إحساس المواطنين بالاغتراب فيه وانخفاض نسبة المشاركين في التصويت!

 

ليس هذا فقط، فهناك حالة أخرى لا يكون فيها صوتك مؤثرا ايضاً، هي عندما يحصل مرشحك على أصوات أكبر مما يحتاج ليضمن المقعد. فما فائدة حصول المرشح على 90% من الأصوات إن كان يكفي 30% لضمان المقعد (أو 51% في نظام الجولتين)؟

في كلتا الحالتين لن يكون لصوتك أي تأثير، وفي الحالتين قد تتردد في المشاركة، سواء كنت متأكداً من فوز مرشحك او من خسارته.

 

كيف نحل هذه المشكلة؟ لقد تم حل هذه المشكلة بتطوير النظام لكيلا تهدر كل تلك الأصوات، وتم الوصول الى أفضل الصيغ لذلك. ولشرحها دعنا نسأل: أين تريد أن يذهب صوتك، إن لم يكن باستطاعته ان يسهم في حصول مرشحك المفضل على المقعد؟ سيكون شيئا مثالياً لو وجدنا نظاماً بحيث أن صوتك بدلا من ان يلقى في سلة المهملات، يذهب ليسهم في دعم أقرب المرشحين الآخرين الى قناعتك، من ناحية الأهداف التي يتبناها والثقة به، اليس كذلك؟

ولكن كيف نعرف من هو المرشح البديل الأقرب إلى مرشحك، برنامجا وثقة؟ ماذا لو تجمع المرشحون الذين يعملون باتجاهات متقاربة ويثقون ببعضهم البعض في تجمع واحد، لعرفنا حينها لأي بديل نعطي صوتنا الفائض.

هذا بالضبط ما يحدث في نظام التمثيل النسبي! فعندما لا يحصل مرشحك على ما يكفي من الأصوات للحصول على مقعد، أو كان لديه ما يزيد عن حاجته، فأن صوتك يذهب الى أكثر زملاءه حاجة اليه ليحصل على المقعد!

 

هل هناك مشكلة في هذا؟ هل هناك ظلم؟ ابداً، بل بالعكس، النظام أكثر عدالة واقل تضييعا للأصوات! وبرهان ذلك بسيط حتى ان لم تشعر أنه قابل للتصديق. فلو أنك خيرت بين امرين: أن يذهب صوتك الذي لم يستعمل لتحقيق مقعد مرشحك، الى مرشح يعمل بنفس اتجاهه، او الى سلة المهملات، فأيهما ستختار؟ هذا الامر يعود لك طبعا، لكن معظم الناس سيختار ان يستعمل صوته في هذه الحالة لتحقيق مقعد لزميل له في نفس القائمة.

هذه هي قصة "أنت تختار مرشحاً فيذهب صوتك الى مرشح آخر يختاره رئيس القائمة"! إنها قصة إيجابية كما رأينا وليست سلبية كما سعى الإعلام المخادع الى تصويرها.

 

ولكن إلى أي من زملاء مرشحك في القائمة يذهب صوتك؟ الطريقة القديمة كانت تعتمد على وضع الكتلة لتسلسل المرشحين في القائمة. فيتم منح صوتك الفائض مع غيره من أصوات فائضة، إلى اعلى المرشحين في تسلسل القائمة حتى يكمل مقعده، ثم تعطى الأصوات الأخرى الفائضة إلى من يليه وهكذا. هذه الأولوية تقررها القائمة نفسها، ويسمى النظام: "القائمة المغلقة".

ثم حصل تطور آخر، يمنح الناخبين حرية إضافية لتحديد من يتم اختياره لإكمال مقعده. في هذه الطريقة الثانية يهمل التسلسل في القائمة وتعطى الأصوات إلى المرشح الذي حصل على اعلى أصوات الناخبين من بين من لم يكملوا العدد اللازم للمقعد، وتسمى الطريقة بـ "القائمة المفتوحة".

أي انه في النظام الأول (القائمة المغلقة)، تقوم الكتلة بتحديد إلى أي المرشحين تذهب أصوات الناخبين الفائضة، بينما في الثانية يحدد الناخبون ذلك، وبالتالي فالثانية (المفتوحة) أقرب الى تمثيل رأي الناخبين، وهي أفضل الصيغ الديمقراطية وأكثرها عدالة! وربما كانت المفاجأة لك أن هذا هو النظام المتبع حالياً في العراق! فهل هناك أي منطق في اعادته إلى نظام الانتخاب الفردي القديم، الذي يلقى بالأصوات الزائدة فيه، في سلة المهملات؟

 

إذا كان النظام النسبي هو الأكثر تطوراً والأصدق تمثيلا لرأي الناخبين، من النظام الفردي فلماذا اذن يبدو الامر مختلفاً في العراق فيصعد نواب سيئون بأصوات الناس؟ هذا يتعلق بأمور أخرى غير نظام الانتخاب، كالتزوير والرشاوي والطائفية وسوء خيارات الناس وقلة متابعتهم وغيرها. وهي عوامل يمكن ان تسبب نفس المشكلة في أية انتخابات، أما النظام النسبي نفسه فلا يمنح أية أصوات لنائب ظلماً، ولا يضيع إلا اقل الأصوات، ولا يعطيها إلا الى أقرب خيارات الناخبين الممكنة.

 

وما هي قصة أن يخسر المقعد شخص حصل على أصوات أكثر ويفوز به آخر في كتلة أخرى لم يحصل الا على أصوات أقل؟

هذا أيضاً سوء فهم أو مغالطة متعمدة. فمبدئياً، لا يوجد مرشح يفوز بأصوات اقل في النظام النسبي، خاصة ان كان البلد دائرة انتخابية واحدة، وهي الافضل. وسبب انتشار هذه الفكرة الخاطئة، هو ان ما يراه المشاهد من الأصوات الموزعة في أوراق قوائم الانتخابات، هي الأصوات التي حصل عليها كل مرشح بشكل “مباشر” فقط، بينما يحصل المرشح فعلياً على نوعين من الأصوات كما رأينا. حيث يكون النوع الثاني هو الأصوات غير المباشرة، التي تنتقل اليه من زملائه في القائمة، والتي كانت فائضة عن حاجتهم. وبالتالي، فأن المرشح الفائز يكون هو الذي حصل على مجموع أكبر من الأصوات، المباشرة وغير المباشرة. لذلك فقد يحصل أحدهما على أصوات مباشرة أعلى من الأصوات المباشرة لآخر في قائمة أخرى، لكنه لا يجد أصواتا كافية غير مباشرة من قائمته، ولا تنتقل الأصوات طبعاً من قائمة الى أخرى.

فكما ترى، فأن قصة المرشح الذي يفوز رغم ان اصواته اقل، قد تم طرحها بشكل غير أمين، لتبدو ظالمة، وليس في هذا أي ظلم، وهو التوزيع الأكثر أمانة لأصوات الناخبين.

 

النظام النسبي بالقائمة المفتوحة المستعمل حالياً في العراق هو إذن أكثر نظام انتخابي امانة على أصوات الناخبين، ويوزعها بأقرب ما يكون الى رغباتهم، ونظام الانتخاب على أساس فردي هو النظام الأكثر ظلماً للناخبين واصواتهم وأكثر هدراً لها!

إن كانت هذه الحقيقة صعبة التصديق، فلأنك عزيزي القارئ قد تعرضت لهجوم اعلامي مليء بالأكاذيب لتشويش الصورة عليك، يهدف عمداً لتحطيم أسس الديمقراطية في بلدك.

 

لنلاحظ أن عدد الأصوات المهدورة يزيد كلما ازداد عدد الدوائر الانتخابية في البلد، وكلما ازداد عدد الكتل سواء كانت هذه بشكل قائمة او كتلة من شخص واحد. لماذا؟ لأن الأصوات لا تستطيع ان تنتقل، لا بين الدوائر الانتخابية ولا بين الكتل والمرشحين المستقلين. وبالتالي فأن نظام الانتخاب على أساس فردي، سواء كان بجولتين او جولة واحدة، هو النظام الأكثر هدراً للأصوات والأكثر اغراقاً في هذه المشاكل الناتجة عنها.

نظام الانتخاب على أساس فردي يحمل إذن أكبر ما يمكن من “أم الظلم والمشاكل”، وقد أصبحت هذه خاصية مميزة له. وانطلاقا من هذه الخاصية، وتداعياتها تأتي معظم سلبياته، فهو اكثر الأنظمة التي يمكن ان يفوز بها حزب او كتلة لم تحصل على اعلى الأصوات وهو اقل نظام في العالم من ناحية المشاركة الجماهيرية واكثر نظام متحيز للأحزاب الكبيرة واقل الأنظمة استجابة لتغير رأي الشارع بالكتل السياسية، كما ان نتائجه تعتمد كثيراً على رسم اعتباطي لحدود الدائرة الانتخابية وهو ما قد يسبب صراعات عنيفة ومشاكل كثيرة إضافة الى انه يركز اهتمام المواطن بالأمور المناطقية والعشائرية فيختفي الوطن تدريجيا من اهتماماته فيسهم في تقسيم البلد وتثبيت الطائفية والتخلف فيه الخ. ولعل هدف التقسيم هو الهدف الحقيقي لبعض من يروج للنظام الفردي إن كان يدرك حقيقة ذلك النظام. ومن الأفضل اذن ان نسير بعكس ما يدعونا اليه فنعود الى العراق كدائرة واحدة مع الاحتفاظ بالقائمة المفتوحة والنظام النسبي وهذا هو خير الخيارات!

 

كيف يمكننا ان نحل مشكلة فساد البرلمان والأحزاب في بلادنا اذن؟

بالتعامل مع أسباب هذه المشكلة، ونظام الانتخابات ليس واحداً من تلك الأسباب. الأسباب طرحتها في المقالة المفصلة "هذا هو الحل الحقيقي لمن لا يخشى مواجهة المشكلة الحقيقية"(1) وهي انعدام الشفافية في مجلس النواب، وسهولة تزوير الأصوات، وامتناع الناخب عن أداء واجبه في الرقابة على ممثليه! هذه هي أسباب المشكلة واليها يجب ان توجه جهود البحث عن الحل، وإلا فإننا سنكون كمن "يخوط بصف الاستكان" كما يقول المثل العراقي، وسنبقى نسير من سيء إلى أسوأ، ومن كارثة الى كارثة أكبر!

 

 (1) صائب خليل - هذا هو الحل الحقيقي لمن لا يخشى مواجهة المشكلة الحقيقية

 https://www.facebook.com/permalink.php?

story_fbid=456400375074510&id=100021136541736

 

فيديو مبسط عن نظمة الانتخابات - النسبي والفردي والمختلط لمن لا يعرف الفرق بينهما

https://www.facebook.com/100021136541736/videos/454210135293534/

 

الانتخاب الفردي نظام الأحزاب العشائرية والكبيرة والتهميش والنزاعات – محاسن ومساوئ النظام الفردي

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=444608036253744&id=100021136541736

 

موجز المقالة أعلاه::

https://www.facebook.com/Gov.Citizen/posts/2231747110263055

 

فيديو يبين أن القانون هو قانون معصوم قدمه قبل سنتين من التظاهرات وليس قانون التظاهرات https://www.facebook.com/saiebkhalil/videos/523556908555686

 

صائب خليل - مساوئ نظام الانتخاب الفردي المقترح على مجلس النواب...  مع المصدر

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=449751729072708&id=100021136541736

 

صائب خليل ردود على ترويج أثير ادريس لنظام الانتخاب الفردي 1- اغلب دول العالم تتبعه؟

https://www.facebook.com/permalink.php?story_fbid=446779316036616&id=100021136541736

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.