اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

التظاهرات: لماذا لم تدافع الحكومة عن نفسها؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب 

التظاهرات: لماذا لم تدافع الحكومة عن نفسها؟

صائب خليل

 

للظواهر الغريبة ميزة ثمينة، هي أنها تفند التفسير الاعتيادي العام المتفق عليه، وتجبر الانسان على التفكير، وتكشف لمن يتمسك بها، حقائق مخفية، لم يكن له ان يراها دون مساعدتها. واغرب ظاهرة في التظاهرات العراقية التي انتهت مؤخراً، هي أن الحكومة التي تهاجمها التظاهرات وتدعي الإصرار على إسقاطها، لم تدافع عن نفسها! وينطبق هذا ليس فقط على حكومة الكاظمي التي نامت مع قادة المتظاهرين في فراش واحد، رغم ادعاء التظاهرات بخصومتها واستمرارها لفترة بعد تنصيب السفارة له لفترة، إنما أيضا حكومة عبد المهدي التي حملت معظم جرائم القتل!

ففي الحالتين، لم تزد محاولات الحكومة للدفاع عن النفس عما يبدو انها حركات بسيطة ومتناثرة، وكأنها مصممة لإقناع الناس بأن هناك حكومة بالفعل وان هناك تظاهرات ضدها!

 

وهذه الحقيقة يمكنها ان ترشدنا الى الكثير من الحقائق الأخرى الخطيرة وتصحح النظرة الى ما يجري في العراق. لكننا سنؤجل هذا الأمر الى المقالة القادمة، فبرهان حقيقة ان الحكومتين لم تدافعا عن نفسيهما، يستحق مقالة (قصيرة) لوحده، لذلك خصصنا هذه لها. وسأحاول البرهان على ذلك من خلال تساؤلات عن التصرفات المريبة للحكومتين مع التظاهرات، نكتشف من خلالها أنهما اضاعا عمداً فرصاً لم يكن ممكنا ان يضيعاها لو كانا بالفعل يخشيان التظاهرات.

 

فلماذا لم تعلن حكومة عبد المهدي أو الكاظمي عدد الشهداء وتحرج التظاهرات؟ لماذا اكتفت بتصريحات متفرقة غير رسمية؟ لماذا لم تحرج التظاهرات بالمطالبة بقائمة من الأسماء، حتى لو كان بحجة ضرورة التحقيق، والإلحاح على عدم توفر أسماء بذلك العدد بشكل متكرر؟

 

لماذا لم يتم انهاء التظاهرات في أي مكان من قبل الحكومة؟ لماذا لم تنتج تدخلات الحكومة، حتى العنيفة منها، اخلاء أية ساحة من الساحات من التظاهرات بشكل ثابت، بل لم يبد اطلاقاً من خلال تصرف الحكومة، وجود مثل هذه النية.ما الهدف مثلاً من مجزرة جسر الزيتون في الناصرية (مجزرة الفريق جميل الشمري) ولماذا كانت حدثاً طارئاً بدون استعماله ضمن خطة لفرض السلطة على أي مكان؟ وهذا يقودنا الى التساؤل التالي:

 

لماذا لم تحاكم أي من الحكومتين من ارتكب القتل وتبرئ نفسها؟إن لم تكن جريمة جميل الشمري، ضمن خطة حكومية، فكيف حدثت؟ (لم تتم محاكمة الشمري إلا من أجل تبرئته، وسنعود له بتفصيل أكثر في الحلقة الأخيرة لأنه جزء من شرح حقيقة ما يحدث). ومن الواضح ان من قتل المتظاهرين لم يكن من قبل افرادفقدوا سيطرتهم على أنفسهم اثناء الاشتباكات، بل كان الامر مبيتاً، وشاركت به المجموعة العسكرية المهاجمة كلها) فكان ينتظر من الحكومة لو كانت تشعر بالخطر او يهمها إعادة الوضع الطبيعي، ان تلقي القبض على هؤلاء وتعاقبهم وتبرئ نفسها.

لماذا لم تكشف أي من الحكومتين من قتل رجال الأمن على الأقل؟ الطبيعي ان الحكومة نصبت الكامرات في كل مكان وحتى بواسطة الدرونز (الطائرات المسيرة) وصورت المتظاهرين. ولا شك انها بذلك كانت قادرة على تحديد مرتكبي جرائم العنف والقاء القبض عليهم مما يضعف التظاهرات، كما ان عرض تلك الأفلام سيسيئ إلى التظاهرات امام الناس ويضعف التأييد لها.

 

فلماذا، بشكل عام، لم تحاول أي من الحكومتين الفاسدتين، الإساءة الى سمعة التظاهرات بحملة إعلامية جدية رغم توفر الفرص؟ فالناس كرهت التظاهرات من خلال مشاهداتها للتظاهرات وافعالها وبدون أي جهد يذكر من الحكومة لتشويه سمعتها كما ينتظر من حكومة فاسدة تبغي التظاهرات ازالتها، كما هو المعلن من الأهداف. لماذا لم تستغل جريمة ساحة الوثبة من قبل خطة إعلامية حكومية تكون جزءاً من خطة عامة للتصدي للتظاهرات، بدلا من ترك كل جهة ان تبدي رأيها؟

لماذا لم تستغل الحكومة حقيقة أن أكبر محرضي التظاهرات كانوا مشبوهين بالعمالة للاحتلال ولهم تاريخ سيء وحاضر لا يكادون يخفوه في تلك العلاقة؟

 

لماذا مثلاً، لم تكشف أي من الحكومتين الخلل الكبير في قانون الانتخابات وقانون المفوضية اللذان فرضتهما التظاهرات، لإحراج القائمين بها وإظهارهم (على حقيقتهم) كجهلة لا يعرفون ما يريدون؟ لماذا ضيعوا فرصة السخرية منهم بتبيان ان القانون الذي يطالبون به قانون قديم تم تقديمه من قبل حكومة من أفسد الحكومات قبل سنتين ولم يمرر؟ولماذا لم تستغل الحكومة هذه الفضيحة بتخويف الناس من التظاهرات التي كانت تعلن طموحها لتغيير الدستور، والقياس على ما حصل للقانونين أعلاه لاستنتاج ما كان سيحصل للدستور لو تمكن منه المتظاهرون؟

 

ومهما يكن السبب في امتناع الحكومة عن فضح قانون الانتخاب وقانون المفوضين السيئين أعلاه، وان افترضنا ان التغيير كان استجابة للتظاهرات بالفعل، فلماذا لم تحاول الحكومة ومجلس النواب و "الأحزاب"، ان تستغل هذه الخطوات التي تحققت من مطالب التظاهرات، لإحراج التظاهرات ومطالبتها بالتوقف أو لمفاوضتها على موعد التوقف وشروطه؟

 

لماذا لم تتجسس أي من الحكومتين لتعرف وتكشف بوضوح وبالوثائق، مصادر تمويل التظاهرات، إلى أن كشفها متظاهرون بأنفسهم؟

من المعتاد ان تتهم أية حكومة، التظاهرات التي تخرج ضدها بأنها مدفوعة من جهات اجنبية، حتى لو لم تكن كذلك. اما حكومتا العراق في وقت التظاهرات، فتجنبت ذلك إلا بتصريحات فردية متناثرة، رغم اكتشاف وجود أجانب في التظاهرات كان يكفي بذاته بإلقاء القبض عليهم والتحقيق العلني معهم كما ينتظر وتحقيق ضربة شديدة للتظاهرات – لو كانت هناك حكومة بالفعل، وكانت هناك تظاهرات ضدها بالفعل!

 

لماذا لم تستغل أي من الحكومتين ما قام به متظاهرون او مندسون في التظاهرات من اعمال حرق وقتل وإرهاب وتعليق وغلق مدارس واقالة موظفين، لكي تلجأ إلى اعلان حالة الطوارئ المعمول بها في جميع بلدان العالم، وقد كان بإمكانهم بلا شك الحصول على دعم شعبي قوي إضافة إلى إمكانية الرد على أي مساءلة دولية.

 

لماذا لم تحقق الحكومة وتكشف من اين جاءت قنابل الدخان التي تخترق الجمجمة وهو امر يحدث لأول مرة في العالم؟ كيف يمكن لحكومة ان تعلن ان "طرفاً ثالثاً" هو من يقوم بالعنف لتتهم هي، دون ان تتحرك اطلاقاً بعد ذلك لكشف هذا "الطرف" بل تجعل من نفسها مسخرة لإعلام التظاهرات؟

لماذا لم تكتف الشرطةبتجاهل من يحرق المؤسسات ولم تسجل حادثة قتل لأي ممن كانوا يفعلون ذلك، بل هاجمت وقتلت المتظاهرين السلميين غير المسلحين والأقل خطراً عليها كما يفترض؟

 

عندما أطلق اعلام التظاهرات والإعلام المعروف الدفع من قبل الاحتلال، حملة سمجة ومضحكة عن استعمال الحكومة للغازات السامة لقمع التظاهرات ومنها غازات الأعصاب والسارين كما جاء في وسائل الإعلام، لماذا لم تستغل الحكومة الفرصة لتكشف سخف وكذب هذا الإعلام وتآمره؟ لماذا لم تذكر الناس بحملة إعلامية واضحة، بالكذب الذي فضح في نفس القصة مع التظاهرات السورية قبل سنوات قليلة؟

لو قارنا بين تصرف الحكومة العراقية في هذا الأمر وتصرف الحكومة السورية، لاكتشفنا فرقاً هائلا. ففي حين لم يعرف الكثير عن قصة السارين في العراق، فأن الحكومة السورية لم تترك أي منظمة دولية واعلام خارجي لم تبلغه وتعلمه وتفضح التظاهرات التي ارادت اسقاطها!

لم هذا الفرق؟ لماذا تبدو الحكومة العراقية حريصة على ان لا تسيء الى سمعة التظاهرات مهما فعلت؟

 

كل هذه الحقائق وغيرها، تؤكد لنا امراً غريباً لا تفسره التفسيرات الطبيعية، وهو أن لا حكومة عبد المهدي ولا حكومة الكاظمي، ولا حتى الأحزاب التي هاجمتها التظاهرات، قد حاولت الدفاع عن نفسها بوجه التهم التي سيقت عنها ومحاولة اسقاطها، فما تفسير هذا؟

كما قلنا، فإن تفسيره يكشف لنا حقيقة الساحة العراقية بشكل كبير، وحقيقة القوى الفاعلة فيها والمستترة بأسماء لا تناسبها، وادوار لا علاقة لها بتلك الأسماء.. وهو ما سنحاول كشفه في الحلقة القادمة الأخيرة من هذه المقالة.

 

التظاهرات – ملف الأسئلة الأساسية

https://saieb.com/article/498

 

التظاهرات: لماذا لم تدافع الحكومة عن نفسها؟

https://saieb.com/article/514

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.