كـتـاب ألموقع

من الذي يمارس التقية؟ إيران ام خصومها؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب 

من الذي يمارس التقية؟ إيران ام خصومها؟

صائب خليل

19 ك1 2020

 

لفت نظري منشور لشخص يدعي انه إيراني واسمه محمد طاهر، يكيل التهم والمسبات لإيران حول قضايا سخيفة بجمل متسلسلة مثل

*#إن كنت أفغانياً..فإيران هي من أدخلتالأمريكانإلى كابول !!*

*#وإن كنت عراقياً..فإيران من ذبح أبناء السنة هناك وساعد الاحتلال الأمريكي !!*

*#وإن كنت سورياً..فإيران من دعم النظام الدموي فقتل وقتلوا مئاتالآلاف من السوريين !!*

وهكذا الى اللبناني واليمني، ثم إن كنت من محبي سنة النبي وان كنت ضد الشرك وكنت تكره الموبقات الخ..

الكاتب الفذ صنع من إيران الهاً يسيطر على العالم كما يبدو، ويريد الشر للجميع، ولا يكلف نفسه تقديم أي دليل على أي شيء يقوله. فكأن الأمريكان كانوا ينتظرون على أبواب كابل والعراق وكانوا بانتظار موافقة إيران على دخولهما! اما عن سوريا واليمن ولبنان، فيبدو ان الكاتب كان يرى ان الأنظمة المناسبة لها أن تترك اليمن بيد من تقرره السعودية لتحكمها ولا يحق لجهة ان تعترض عليه، ويحق للسعودية عند ذاك ان تقصفها وأمريكا ان تحاصرها وتقتل اطفالها. أما العراق وسوريا فيريد لهما كما يبدو مستقبلا زاهرا مع داعش والنصرة، حرمتهما منه المساعدة الإيرانية. وبالنسبة للبنان فكان يجب ان يترك منعما محتلا من قبل إسرائيل، فخربت إيران تلك النعمة عليه!

الملحوظ ان المنشور ينتهي بعبارة تهين الفرس وتقول ان لا عهد ولا ذمة ولا أخلاق لهم، الخ، وهو ما يدل بوضوح ان الكاتب ليس ايرانياً ولا علاقة له بإيران، لكن المتمتعين بطائفية المنشور، لم يكونوا بالحد الأدنى اللازم من الذكاء لاكتشاف ذلك، فقد كانت المشاعر الطائفية تحجب الرؤية، وسبق ان كتبت ان #الطائفية_تقلل_الذكاء لأنها تقمع الملكة النقدية للعقل.

بغض النظر عن الكاتب المتخفي، وعدا الكلام الخريط الباقي عن شرك إيران وسرقة "الخمس" وطعن زوجة الرسول والصحابة وأنها "أنكرت السنة بالكامل"، والذي يناقض الواقع الذي يراه أي زائر لإيران او مستمع لإعلامها، فإنني توقفت عند عبارة:

*#ان كنت تكره الموبقات مثل النفاق والكذب والغدر ونقض العهود.. فإيران تتعبد بارتكاب الموبقات تحت ذريعة التقية !!*

يشير الكثيرون إلى مبدأ "التقية" بالشك والرفض باعتبار انها تستعمل حجة لمهادنة القوي ومنافقته، ويبدو في هذا الخطاب بعض المنطق النظري. لكننا لو نظرنا إلى واقعنا الفعلي، وبحثنا عمن ينافق القوي في المنطقة، لوجدنا ان إيران ومن تدعمه إيران من مقاومة، (وهي الجهات التي يفترض أن تؤمن بمبدأ "التقية" عموماً) هي الجهات الوحيدة التي بقيت تقاوم القوي المستبد المعتدي وظلمه! أما الجهات التي تدّعي رفضها للتقية، فهي الوحيدة التي استسلمت وأذلت نفسها وخضعت للقوي الظالم، وقبلت حكوماتها ان تجعل من أنفسها مجموعة "قو..دين" لإجبار شعوبهم على قبول الاغتصاب المسمى "التطبيع"، وتحمل هؤلاء نظرة الاحتقار من كل أبناء شعبهم الرافض لهذا العار!

وإن كان المذهب الشيعي يقر بالتقية في حدود معروفة ومحددة، فإن المجموعة التي القت بنفسها تحت قدمي اميركا وإسرائيل تعاملت بـ "تقية" مطلقة غير محدودة واستسلام تام مهين ومدمر لبلدانها وشعبها. والأغرب من ذلك، انه كلما ازداد البعد والكره لإيران وخاصة المحافظين فيها، كلما كثرت عبارات التقية مثل "النأي بالنفس" و"إسريل موجودة رضينا أم ابينا" و "نظرية المؤامرة" و "شحصلنا من العداوة" الخ.

هؤلاء، رفضوا ضريبة "الخمس" التي يفترض ان توزع للفقراء، واعتبروها "سلباً" لبعض أموال الناس، لكنهم نهبوا الكل بدلا من الخمس، وابقوه لأنفسهم علناً. ورفضوا ولاية الفقيه باعتبارها تحديداً للديمقراطية وحرية الشعب في انتخاب حكوماته، فنصبوا أنفسهم ملوكا على شعوبهم بلا اية ديمقراطية ولا اختيار للشعب، وقبلوا على أنفسهم بدلاً من ولاية الفقيه، أن يخضعوا لـ "ولاية السفير". ورفضوا "التقية" المحدودة بضوابط، بحجة أنها تعدّ تهرباً من مجابهة المستبد الظالم، لكنهم استبدلوها بالانبطاح التام والصريح امام المستبد الظالم.