كـتـاب ألموقع

هل تسعى الغربية حقا لتخريب الجنوب؟// صائب خليل

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

صائب خليل

 

عرض صفحة الكاتب 

هل تسعى الغربية حقا لتخريب الجنوب؟

صائب خليل

 

الادعاء بأن هناك دعم عام من الغربية لتظاهرات الجنوب ومن اجل تخريبها، كما يطرحها المجند أحمد عبد السادة، تناقض الواقع رغم تعاطف الكثير معه.

في الغربية وفي الجنوب، هناك من وقف ضد التظاهرات ومن دعمها، مثلما هناك من وقف ضدها ودعمها في أي مكان في العراق. وبالنسبة للغربية، فإن دعمها للتظاهرات كان الأقل بكثير ان قيست بمن دعم التظاهرات من نفس مدن التظاهرات. وفي الوقت الذي يشير عبد السادة الى دعم بعض افراد مجندين من الغربية وقنوات أمريكية معروفة (يسميها سنية) للتظاهرات، فإنه يتجاهل الدعم الكبير من الغالبية الساحقة من الأحزاب الشيعية، وكذلك المرجعية. بالمقابل هناك دليل مسجل قبل عام، بالفيديو ابدت فيه قيادات السنة الدينية ومؤسساتها بالأسماء والحضور الشخصي، موقفها المضاد والمحذر بشدة من التظاهرات، إضافة الى موقف الشارع فيها كما تثبت الكثير من الفيديوات والمقابلات، هو بشكل عام ضد التظاهرات والناس يخشونها لما شاهدوه من تدمير لها في بغداد والجنوب ولما خبروه ممن حثوا شبابهم على الاعتصام والذي انتهى بداعش وكل كوارثها.

لذلك فالحشد الأكبر في الغربية هو ضد التظاهرات بشدة، وربما ليس فيها من يدعم التظاهرات سوى المجندين من السفارة، وهذا لم يكن الامر تماما في بغداد والجنوب التي لم تجرب تلك الويلات سابقا.

هذه هي الحقيقة اذن وليس ان "الغربية" وقفت مع التظاهرات عندما كانت في الجنوب، واعترضت عليها عندما جاءت الى الغربية.

من يريد ان يوهم الناس بهذا الوهم، يقوم بـ

1- التركيز على القلة التي جندتها السفارة في المراحل الأولى من التظاهرات، ليقول ان الغربية مع التظاهرات، ثم

2- يركز على الكثرة التي وقفت ضد التظاهرات اليوم في الغربية، ليقول ان الغربية ضد التظاهرات عندما تأتي الى مدنها!

بهذه الانتقائية يمكن خلق "الحقائق" المناسبة لإيهام غير المنتبهين وتوجيههم الى تحليل مختل مقصود. وهنا من المفيد مشاهدة هذا الفيديو الذي جمعته للمناسبة(1)

 

وقد بينا حقيقة موقف الشارع السني من التظاهرات لابد من الإشارة الى نقاط أخرى خطيرة في هذا الموضوع، يتعلق بموقف السفارة:

لماذا صمت مجندو السفارة من السنة في محافظاتهم ولم نسمع صوتهم وهم لا يدينون بالولاء إلا للسفارة، ولا يهمهم لا سلامة مدنهم ولا تحطيمها؟

لماذا لم تصدر الأوامر للجيش بالسماح للمتظاهرين بدخول الانبار، وقياداتهم جنود في خدمة السفارة؟

أين الحملات الإعلامية للسفارة التي تشن قبل التظاهرات بزمن طويل؟ لماذا تقتصر على دعم شكلي بسيط مثل تغريدة أحمد البشير الداعمة للتظاهرات، وامثالها؟

إن قلنا ان السفارة لا تريد للتظاهرات في مدن السنة، إما لأنها مثلا لا تريد تخريب المدن السنية لاي سبب كان، او لأنها ترى ان اقتصار التظاهرات على الوسط والجنوب هو الأفضل لمخططاتها، أو لأنها لا تجد أهدافا كافية في الغربية، أو لأنها عرفت ان تلك المحاولة فاشلة بسبب الموقف الشعبي الرافض لها... في كل هذه الاحتمالات، لماذا وجهت السفارة عملائها من المتظاهرين للتوجه الى الانبار ووضعهم في موقف محرج، بدلا من توجيههم لترك الأمر؟

 

هناك نظرية مثيرة للاهتمام لتفسير الأمر قدمها الكاتب الوطني محمود الهاشمي، وملخصها:

ان مخطط دعوة التظاهر بالأنبار (اليوم) الهدف منها دق اسفين بين اهالي مناطق الوسط والجنوب وبين مناطق الانبار، حيث اصبح مشهد ابن الجنوب هو ذلك القادم ليحرق ويدمر ويعتدي ويقتل خاصة وان الصور التي اظهرت العدد الهائل للعجلات المرافقة للمتظاهرين نذير شؤم للمزيد من الحرائق. هذا (الاسفين) القصد منه ابعاد اهالي الانبار عن بقية المجتمع العراقي، وتكوين رؤية ان الاخرين يريدون بهم السوء. الانبار تقع ضمن مشروع (صفقة القرن) والذي يقضي باقتطاع جزء من اراضي المحافظة (الصحراء الغربية) واسكان جزء من الشعب الفلسطيني بدعوى تعويضهم ارضا غير ارضهم في فلسطين، والتخلص من كفاحهم بالعودة لأرضهم المغتصبة.

الخطة لا تنتهي عند هذا الامر، بل تتمدد الى (الكراهية) للحشد الشعبي واخراجهم والى القوات الامنية والى فصل المصالح المشتركة

وربما تبدأ بإقليم وتنتهي الى انفصال، وسيكون الحلبوسي رمزها (الاول)، وهناك جهات خليجية قدمت لهم عناوين استثمارات للغاز والنفط والسيليكات والاسمدة والزراعة والسدود، ومقابل ذلك الذهاب الى (التطبيع)(2)

 

من هذا وذاك ربما يكون التفسير العام هو ان السفارة ادركت استحالة نجاح التظاهرات في الانبار إضافة الى عدم وجود اهداف قيمة لها (لا مجال لاتهام الحشد بقتل متظاهرين، ولا سجون دواعش بأمل اطلاقهم، ولا حكومة او برلمان يتم ارهابه لفرض عميل للسفارة)، لكنها قررت الاستفادة من هذا "الاسفين" بين الاثنين، ومنح مجنديها فرصة كبيرة مضافة للمساهمة فيه.

 

لن نصور الامر ورديا اكثر من الحقيقة، ولا شك ان هناك نسبة مهمة من سنة الغربية رأوا في تظاهرات بغداد، بعد سيول الإعلام التي اخترقت رؤوسهم في شيطنة الحشد وايران، فرصة لتحجيم سلطة هؤلاء المفترضة على العراق، وبالتالي ايدوها في بغداد والجنوب، او أملوا منها خيرا. لكن الخلل هنا أيضا لا يعود اليهم وحدهم، بل الى قلة الوعي وشدة القصف الإعلامي الذي تركتهم الحكومات العميلة تحته لعشرين عاما. وبالمقابل فهناك نسبة كبيرة أيضا ممن تؤيد الحشد وتعتبره منقذا لها، كما اثبتت عملية اعتقال قاسم مصلح من قبل الامريكان قبل فترة قصيرة. والسؤال هو: من سيفرض رايه على الغربية: كارهي الحشد ام داعميه؟ هذا يعتمد على أي من الجهتين سيحصل على الدعم. وللأسف، كالعادة فإن رؤية السفارة ومجنديها واضحة، ومهمتها واضحة دائما اكثر من الشعب، وهذا قد يغير موازين القوى في الغربية، حتى لو كان داعمي الحشد هم الأغلبية.

 

(1) فيديو عن اتهام الغربية بالسعي لتدمير الوسط والجنوب

https://www.youtube.com/watch?v=b_ZfRlj2sfw

 

(2) ماذا وراء (تجمع متظاهري تشرين) عند تخوم الانبار؟! محمود الهاشمي

https://burathanews.com/arabic/articles/397926

 

(3) رفض ادخال التظاهرات الى الانبار

https://www.youtube.com/watch?v=T8W_bLpw-L0

 

https://www.youtube.com/watch?v=JdEJO7_SUmI