اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

اليمن بين حقه في السيادة وخطر المجاعة// د. زهير الخويلدي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

اليمن بين حقه في السيادة وخطر المجاعة

د. زهير الخويلدي

كاتب فلسفي/ تونس

 

" الدولة هي المجال الذي تتم فيه التضحية بالمصالح الفردية من أجل المصلحة الكلية"1[1]

لا يتهدد اليمن التقسيم إلى دويلات فقط ولا تعاني الأرض السعيدة خطر التجزئة وغول الإرهاب فحسب بل هي على حافة كارثة إنسانية حقيقية بل إن مسالة وجود سكانها باتت تتأرجح بين البقاء على قيد الحياة والزوال التدريجي من الوجود البيولوجي بسبب تزايد المخاطر التي تتربص بهم وتدهور الوضع الغذائي والبيئي واتساع الضغوطات وتعدد التدخلات الخارجية واتساع دوائر الحصار إلى البر والبحر والجو، وكذلك انهيار المنظومة الصحية وقلة الأدوية وندرة وسائل العناية وكثرة الأوبئة والآفات. لذا يدفع اليمن في هذا الزمن العصيب تكلفة بشرية باهظة نتيجة جميع مواقفه الوطنية الثابتة وتتأخر عملية تنميته بسبب الخسائر المادية التي يتكبدها نتيجة النزاع الداخلي الذي استمر لمدة هامة والاعتداء السافر على أراضيه.

لقد شارك الشعب اليمني العرب والمسلمين في كل معاركهم الوجودية ضد الاستعمار والاستيطان وناضل بكل قواه ضد التطبيع والاستسلام والتفرقة والانقسام وامن بالوحدة والديمقراطية والعدل والحرية ولكن نرى اليوم تحول الدول العربية إلى عدو لدود له ومصدر تهديد بعد تخلي كيانات سياسية أخرى عنه. لقد دافعت القوى الوطنية في اليمن عن الحقوق العربية وتمسكت بالقيم الإسلامية النيرة وظلت ركنا ثابتا في المجتمع المدني العربي وكفاحه ضد الامبريالية والصهيونية والرجعية رافعة راياتها من أجل الاستثبات.

غير أن المصير المداهم للسكان اليمنيين الأبرياء يبقى مجهولا طالما أن البلد على حافة مجاعة كبيرة غير مسبوقة في ظل عدم توفر الغذاء والوقود بالصورة الكافية وفي ظل تواصل الحصار والانغلاق والتهديد.

والحق أن ما يحدث يمكن إدراجه في خانة الجرائم التي ترتكب ضد الإنسانية وأن الأمر لو يترك على حاله كماهو الآن سيتفاقم وتشتد حدته وأن المتفرجين ليس فقط مجرد ساكتين عن الحق بل شاهدين على الفساد والتخاذل والخيانة وكل الرذائل التي أصابت الجسد العربي وجعلته يتعرض للاستباحة والتنكيل.

صحيح أن الموقع الاستراتيجي الذي يحتله اليمن هو على درجة عالية من الأهمية وأن الكيانات السياسية التي تتنافس على الحكم في حالة احتراب دائم وأن اللاعب الإقليمي في الجغرافيا السياسية لهذا البلد الشقيق قوي ومؤثر ولكن الأصح هو الدور الخطير والمريب الذي يؤديه اللاعب السياسي العربي في نسخته التقليدية وفي ثوبه الجديد في ظل تكاثر الأوامر الترتيبية وظهور خرائط تقسيم فوق الطور المقبول ومعارضة الوعي الوطني الذي يتمثله المجتمع المدني لأشكال التفويت والتقسيم وضد كل رجوع  قهقرى.

المطلوب دوليا هو حماية الشعب اليمني من الزوال والتفكك في ظل التلاعب العولمي بسيادة الدول وكرامة الشعوب والتوجه نحو إنقاذ الأبرياء من الهلاك والمرض وذلك بالإغاثة الإنسانية والمساعدة العاجلة. من جهة ثانية يفترض أن توقف القوى اليمنية القتال والتوجه إلى التفاوض والحوار من أجل التفاهم والمصالحة ويتطلب ذلك التنازل عن الشروط المجحفة والمصلحة الفئوية من أجل الخير العام.

اليمن أرض الأجداد وقلعة حصينة ضد كل الارتداد ومنبع القيم الأصيلة وأخلاق المروءة وحافظة ذاكرة العرب وخزائن العلم ويستحق وقفة بطولية من طرف الجميع من أجل إنقاذه وإيقاف التدحرج نحو الأسوأ. لهذا يفترض التخلي عن الولاءات الضيقة وتنسيب الانتماءات المذهبية وتوظيف التكاتف القبلي والتلاحم الجهوي بغية تعزيز سيادة الدولة وتقوية فكرة المواطنة والانتماء القانوني إلى فضاء العدالة والمساواة.

يحتاج اليمن إلى كل قواه الحية وكل طاقاته وخبراته الموجودة في الداخل والمهاجرة في الخارج وينتظر من كل جيرانه وأشقائه أن يمدوا له يد العون وأن يتوسطوا في الخير وأن يساعدوه أو يكفوا عنه الأذية على الأقل ويمتنعوا على المشاركة في الاعتداء عليه وأن يتوقفوا عن محاصرته وأن يبادروا إلى الصلح.

على ما يبدو من غير اللائق تحميل اليمن ما لا يطاق وتعكير الأجواء داخله لكي يكون حاضنة للإرهاب وبوابة حرب إقليمية أوسع ومن غير معقول إضعاف الدولة والمجتمع قصد تمرير املاءات غير شعبية. في هذا السياق يمكن التذكير بأن الدولة "قومية في جوهرها هي كيان واحد يعبر عن الأمة تجتمع فيه اللغة والدين والفكر...الخ في وحدة تامة فلا معنى لان يقف الفرد منها موقف الخصم فهي كماله النهائي"2[2] لكن ألا تتوقف سلامة اليمنيين على التفاهم فيما بينهم واجتماعهم التشاوري على الولاء للوطن وعلوية الدولة؟ وهل قدر اليمنيين دفع فاتورة الأزمة الداخلية التي تعصف ببعض الأنظمة وتقوم بتصديرها إلى الخارج   من أجل الترفيع من شروط التفاوض وتوفير فرص النجاح عند خلق التعادل في الضرر بين الأنا والآخر؟

الإحالات:

[1]   الجابري محمد عابد، في نقد الحاجة إلى الإصلاح، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، طبعة 2005 ، ص178

[2]   الجابري محمد عابد، في نقد الحاجة إلى الإصلاح، نفس المرجع، ص178

المرجع:

الجابري محمد عابد، في نقد الحاجة إلى الإصلاح، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، طبعة2005.

كاتب فلسفي

 

[1]   الجابري محمد عابد، في نقد الحاجة إلى الإصلاح، مركز دراسات الوحدة العربية، بيروت، طبعة 2005 ، ص178

 

[2]   الجابري محمد عابد، في نقد الحاجة إلى الإصلاح، نفس المرجع، ص178

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.