اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

"ريمونتادا" سياسية عراقية// محمد عبد الرحمن

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد عبد الرحمن

 

عرض صفحة الكاتب 

"ريمونتادا" سياسية عراقية

محمد عبد الرحمن

 

"ريمونتادا"، كلمة اسبانية تعني تخطي الصعاب والعودة، وقد استخدمت في حروب وثورات الاستقلال بين القرنين السادس عشر والتاسع عشر، عندما كان اقليما الباسك وكاتالونيا يحاولان الانفصال عن النظام الملكي في اسبانيا.

 

توسع لاحقا استخدام "ريمونتادا" ودخلت مجال كرة القدم، وعلى وجه الخصوص في السنوات القليلة الماضية، عندما نجح فريق برشلونة في تحقيق عودة "إعجازية" وقلب الطاولة على فريق باريس سان جرمان الفرنسي في الدور ثمن النهائي لموسم 2016- 2017 من دوري ابطال اوربا لكرة القدم.

 

وإعادت صحيفة "سبورت" الكتالونية عام 2013 اطلاق هذا المصطلح بعد ان كان ينسى، واخذ مداه الاوسع بعد المباراة المشار لها أعلاه. وفي حزيران 2020 دخلت كلمة "ريمونتادا" معجم "لاروس" الذي هو من أشهر المعاجم في فرنسا والعالم.

 

ولو اخذنا هذه الكلمة ذات اللفظ الموسيقي الى واقعنا السياسي العراقي، فيمكن القول باطمئنان ان انتفاضة تشرين 2019 هي ريمونتادا سياسية عراقية. والدليل ان الأوضاع بعدها هي غير ما كانت عليه قبلها، وان الارتدادات العكسية لهذا الزلزال الشعبي المدوي ما زالت متواصلة حتى يومنا هذا، وإن كانت تتمظهر على شكل موجات تبدو وكأنها هادئة، او كأنها الريح التي تسبق العاصفة. فهناك جمر تحت الرماد، ووعاء الغضب والتذمر والسخط يطفح وقد ينفجر في اية لحظة، خصوصا وأنْ لا حلول تلوح في الأفق، حلول تستجيب لاولويات الناس وتطلعاتهم، لا لحل مشاكل المتنفذين وتيسير سبل استمرار هيمنتهم وسطوتهم.

 

صحيح ان الاحتجاجات والاعتصامات الراهنة تأخذ طابعا مطلبيا، ولكن المطالب هي في نهاية المطاف انعكاس لواقع مترد وخدمات غائبة،  ولسوء في الأداء والإدارة وفساد مستشر وتمييز مجحف بين العراقيين  وتعيينات في مؤسسات الدولة لذوي القربى والمناصرين والمطبلين، ولمحاصصة مقيتة في اسناد الوظائف وصلت الى المدارس، وتغول للمليشيات واضعاف لقدرات الدولة وهيبتها.

 

وتلك المطالب ليست بعيدة عن الراهن العراقي بابعاده السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية، ويصطدم ايجاد حلول حقيقية غير ترقيعية لها، تحول دون تكرارها تحت عناوين أخرى، بطبيعة المنظومة الحاكمة والأقلية المهيمنة. انها من تداعيات الأزمة العامة الشاملة التي يعاني منها بلدنا، وان قطع الطريق على تكرار الازمات والحؤول دون نشوء المزيد منها، يوجب التوجه نحو التعامل مع أسّ الازمات، وهو المحاصصة الطائفية – المكوناتية التي يقاتل المستفيدون اليوم لادامتها والحفاظ على جوهرها، ولا بأس في تغييرات شكلية مجردة.

 

وبغض النظر عن آلية تشكيل الحكومة ضمن توازنات القوى القائمة، ومصالح الأطراف المتصارعة، والتدخلات الخارجية الواسعة، فان المهمة ستبقى قائمة تنتظر الإنجاز، ونقصد التغيير الشامل بما يعنيه من إزاحة منظومة المحاصصة والفساد، وفتح الافاق الواسعة للسير على طريق بناء دولة المواطنة والديمقراطية الحقة، وإرساء العدالة الاجتماعية.

ومن المؤكد ان وضع بلادنا على هذا الطريق يحتاج الى ريمونتادا سياسية جماهيرية عراقية.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.