كـتـاب ألموقع

ليحرثوا البحر!// محمد عبد الرحمن

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

ليحرثوا البحر!

محمد عبد الرحمن

 

لست في معرض الدفاع عن الشيوعيين وحزبهم العريق، فتاريخه ونضالاته وشهداؤه وما قدم   لخير الشعب والوطن على امتداد ثمانين عاما، هي ادلة وبراهين وشهادات على مسيرة حافلة بالعطاء، لا تثلمها هفوات ونواقص واخطاء حصلت، وكان الشيوعيون قبل غيرهم السباقين الى الحديث عنها وانتقادها واستخلاص العبر والدروس منها، بما يفيد المسيرة ويغينها ويجنبها الانحرافات عن  الاهداف السامية الكبرى التي رسمها المؤسسون الاوائل وسارت عليها اجيال من الشيوعيين غير هيابة.

لقد انصف هذه المسيرة الكثيرون .. الكثيرون وحتى ممن لم يحسبوا، لا من قريب ولا بعيد على الشيوعيين وحركتهم في يوم من الايام، وكانت للبعض مواقف وفي مقاطع مهمة، اجلت ما كان موضوع جدل وازالت الغموض وبينت الحقيقة الناصعة.

وفي تاريخه الطويل تعرض الحزب الشيوعي الى حملات ظالمة، فكرية وسياسية وبوليسية وقمعية، وبعضها سعى، ولا يزال، الى ارتداء جلباب الدين تسترا على اهداف سياسية جلية واضحة،  ولم تنطل على ابناء شعبنا الاضاليل والاكاذيب وتشويه الحقائق والصاق التهم المفبركة بالشيوعيين وهم منها براء، تلك التي كانت تديرها وتدبرها ليس فقط قوى محلية، ظلامية، لا تريد لشعبنا الانعتقاق والتحرر والتقدم، بل ووراءها جوقة من الدول بمؤسساتها المختلفة وفي مقدمتها اجهزتها الاستخباراتية والامنية.

الشيوعيون عرفوا وخبروا من تجربتهم انه في المنعطفات الهامة والحساسة، وبهدف خلط الاوراق وتضبيب الرؤى، ينبري البعض ليتوقف عند احداث تاريخية مرت على بلدنا، بعضها مؤسف  حقا، وكان يفترض ان لا يحصل ولا يقع، والشيوعيين كانوا صادقين مع انفسهم في قول الحقيقة للناس بشأنها، ولكن هذا البعض غير معني بذلك في شيء، فالهدف بالنسبة الى هذا النفر القليل،   المريض، هو الاساءة الى الحزب ولا اقل من ذلك، ولكن هيهات، فقد خابت ضنون هذا البعض في  الماضي، ولن تكون المحاولات الجديدة احسن حالا من سابقاتها.

ابناء الشعب عرفوا من هم الشيوعيون، ومن اية طينة هم، فهيهات ان تمر بعد اليوم افتراءات الخمسينات والستينات مهما كانت طريقة اخراجها، وبأية عبارات منمقة روج بها، ومهما كانت   منزلة من يقف وراءها، السياسية والدينية والاجتماعية.

لن تعكر احتفالاتنا بالعيد الثمانين، محاولات اجترار بعض احداث الماضي الذي يصر عليه البعض، وقد حسبنا ان تجربة بلدنا قدمت ما يكفي من الدروس والعبر لهؤلاء لمراجعة النفس رحمة ببلدنا وشعبنا قبل كل شيء.

لن يكون ما خص الشيوعيين في حديث الشيخ احمد الكبيسي، للاسف، في ستوديو التاسعة لفضائية البغدادية قبل ايام، الا كمن يحرث في البحر، فالمسيرة لم تعقها مثل هذه التقولات سابقا، وهي ابعد من ان تنال منها حاضرا ومستقبل.

ـــــــــــ

نشر في جريدة "طريق الشعب" الاحد 5/ 1/ 2014