كـتـاب ألموقع

اخطاء متقابلة!// محمد عبد الرحمن

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

اخطاء متقابلة!

محمد عبد الرحمن

 

حصل استفتاء اقليم كردستان كما خططت له قيادة الإقليم ودعمته معظم الاحزاب والقوى الكردستانية ونفذ في موعده. ولم تكن نتيجته بعيدة عن توقع من يعرفون عن كثب الأوضاع في الإقليم، فيما كان البعض من الكتل والشخصيات السياسية العراقية يراهن على انقسام وشقاق كردستانيين بأمل ان تأتي الـ «نعم» بنسبة غير معتبرة. وهذا الرهان كان اقرب الى التمني منه الى الحسابات الواقعية.

ومن غير المستبعد ان تكون إجراءات مجلس النواب والحكومة الاتحادية والتصريحات المتشنجة ضد الإقليم عشية الاستفتاء قد شكلت حافزا اضافيا دفع المترددين من المواطنين الكرد الى حسم موقفهم والتصويت بنعم. بل حتى بعض من عارضه من القوى الكردستانية في البداية لدوافع متنوعة ، امسك في اللحظات الاخيرة بالعصا من الوسط، وبقى على موقفه السياسي المعلن فيما على الارض سارت الأمورعلى نحو آخر .

والآن اصبح واضحا ان الاقدام على الاستفتاء من قبل الإقليم هو خطوة اتخذت من جانب واحد، وقد تكون وراءها عوامل ودوافع متعددة، خاصة من جانب القادة والمتنفذين. ولكن من المؤكد ايضا ان بينها رغبة قومية شعبية واسعة، تراكمت عناصرها خلال اجيال وليست ابنة اليوم كما يتصور البعض، ولكن جرى السعي لتحويلها الى ممارسة تأخذ اطارا محددا في وقت غير مناسب ولم تنضج ظروفه بعد، والدليل هو ما سببه مجرد اجراء الاستفتاء من تداعيات ما زالت تتفاعل، ومن غير المعلوم كيف ستكون مآلاتها النهائية.

وفي مقابل هذه الخطوة الخطأ في توقيتها والمساحة التي جرت فيها، خاصة شمولها مناطق متنازعا عليها، كما وصفها الدستور، جاءت القرارات الصادرة عن الحكومة الاتحادية ومجلس النواب اقرب الى ردود الفعل، ساعية، وبجرة قلم (ومن طرف واحد ايضا) الى معالجة ما تراكم من مشاكل، تتحمل كل الأطراف بهذه الدرجة او تلك المسؤولية عنها، خلال الـ ١٤ سنة الماضية. وربما كانت بداياتها قبل هذا وترجع الى الاتفاقات التي عقدتها أطراف في المعارضة العراقية ضد النظام المقبور. ومنها الاتفاقات التي رعتها أمريكا وحملت بذور المحاصصة الطائفية والإثنية، التي ابتلي بها وبأزماتها شعبنا ووطننا، وحرص المتنفذون من كل الأشكال والالوان على التمسك بها.

خطأ كبير في حسابات الوقت وردود الفعل من جانب قيادة الإقليم، يقابله تسرع في اتخاذ خطوات تصعيدية، وكأن البعض كان ينتظر هذا الاستفتاء على أحر من الجمر، ليخرج ما يختزنه من حقد وكراهية ، ويتخذ من الإجراءات، بغض النظر عما يعلن من نوايا، ما يؤذي شعب كردستان والشعب العراقي كله.

ولعل الاخطر هو هذه الهرولة الى دول الجوار وتناسي كل مواقفها السابقة، وخاصة تركيا التي ما انفك قادتها يقرعون طبول الحرب، فيما العديد من سياسيينا، ومن دون حساب للعواقب، يترنح طربا عليها، ويبدو معجبا كثيرا هذه الأيام بصوت اردوغان .

ان الحرب واللجوء الى السلاح التي يكاد البعض يحاصر رئيس الوزراء حيدر العبادي بها ويقول له نفس ما قاله البعض للدكتاتور صدام وقتها: «فوت بيهه وعالزلم خليهه» ، ليس خطا فقط بل هو خطيئة لا تغتفر، وستكون نتائجها كارثية، مهما حققت على الارض، وهي لن تحقق الا الدمار والخراب، وقبل كل شيء الضحايا من البشر. وان على دعاة الحرب هؤلاء ان يتمعنوا قليلا في ما قدمه شعبنا وقواتنا المسلحة والحشد الشعبي والبيشمركة وعموم المتطوعين من خسائر وضحايا كبيرة في معركتنا ضد داعش والارهاب .

في كل هذا التصعيد والتصلب والعناد والغطرسة والعنجهية، من كل الأطراف، لن يخسر غير شعب كردستان وعموم شعبنا العراقي .

وان الجميع لمدعوون الى إعطاء فرصة للعقل والحكمة والعقلانية، وبما يفسح في المجال لحوار مسؤول وجاد وغير مشروط. وعلى كل معنيّ في الطرفين ان «يترجل من بغلته» قبل فوات الاوان.