اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

• الإفراط في تداوليات لفظية غير واعية

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. هاشم عبود الموسوي

الإفراط في تداوليات لفظية غير واعية

 

ليس مستغرباً أن نكون نحن الذين ندّعي الثقافة مثل قومنا ومن نفس طباع مجتمعنا.. نأكل بإفراط ونُمارس الجنس بإفراط.. ونُحبّ بإفراط ونكره بإفراط، وليس من مفر.. فإننا جُبلنا على أن نعشق بشراهة، ونخون بشراهة، ونحلم بشراهة، ونعيش بشراهة، نتوق بشراهة، نتخلّف بشراهة، نجتمع بشراهة، وبشراهة ننام وبشراهة نكذب، وبشراهة نختلف.

فمنا من يحفظ الآيات القرآنية والأدعية ويُكرّرها طوال اليوم بمناسبتها أو غير مناسبتها، ومن هذه الأمثلة، انّك عندما توجّه الشكر لمن قام بعملٍ إيجابي تجاهك قائلاً له شكراً، يُجيبك بلهجة جافة: "الشكر لله".. وكأنّه يرفض شُكرك.. يقود ذلك إلى أنّك ستشعر بالخجل فالرجل يتّهمكَ بالجهل والغباء وقلة الأدب، إذ كيف تقول له شكراً.. مع أن الشكر لله يا "حمار".

يا سيدي نعرف أن الشكر لله سبحانه وتعالى فنحن نشكره صباح مساء، نشكره على نعمته نشكره على الستر.. نشكره على نعمة الإسلام.. لساننا أيها الذكي "المُفلّق" يلهج بالشكر لله صباح مساء وفي كل ساعة، وأقلنا إيماناً يشكر الله خمس مراتٍ في اليوم أي عقب كل صلاة ولكن جرت العادة – وهي بالمناسبة من العادات الجميلة – أن يشكر المرء أخاه على عملٍ ما، أو فعلٍ ما، كلمة طيبة ما، فيردّ عليه بمثلها فتمضي الحياة على الأرض، فالدّين المعاملة أيضاً.. فهل سترتكب إثماً، إذا رددتَ على أخيك بكلمة مثلها إذا قال لك شكراً.

ويُبالغ البعض فيقول "الشكر لله" وكأنّه ينهرك يقولها بغلظة وفظاظة ثم لا يلبث أن يُشيح بوجهه عنك فتشعر بالندم وتتمنى لو قُطع لسانك قبل أن تتكلم، الله يريدنا أن نتعامل مع بعضنا بالحسنى ومن الحسنى هذه الكلمة وأحسن منها أن ترد عليّ أنا البشر الواقف أمامك، وبينك وبيني الله وبيني أنا وبين الله أوقات شاسعة أخرى نتوجه له فيها بالشكر ونخاطبه بما في قلوبنا سراً أو جهراً ولا داعي أن تكون أنت شاهداً.

وهنا نود أن نطرح السؤال التالي: هل التداوليات اللفظية الدينية هي غاية بحد ذاتها؟

هذا السؤال نطرحه بقوة على اعتبار أن الإجابة عليه تحدد جملة القيم والمعايير التي يجب أن تتحكم في لغتنا اليومية المتداولة.. والتي نرى ضرورة مراجعتها والإطاحة بمشروعيتها القدسية الخاطئة. والمفروضة قسراً ضمن نسيجها العلائقي الاجتماعي. وهكذا يُمكن تفكيك لغة النفاق. والتداوليات اللفظية غير الواعية. هذا هو الخيار الأمثل، - من وجهة نظرنا المطروح أمام الفكر العربي، والذي أُريد له أن يتجاوز محنته المتمثلة بوفرة بتداولية لغوية مصطنعة، والتي تجعلنا في ساحة فكر مغترب، فكر يجتر قضايا غير قابلة للهضم ولا للتمثل ولا للتحول إلى دم يغذّى ويمنح القدرة على البقاء.

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.