اخر الاخبار:
اخبار المديرية العامة للدراسة السريانية - الأربعاء, 24 نيسان/أبريل 2024 18:10
احتجاجات في إيران إثر مقتل شاب بنيران الشرطة - الثلاثاء, 23 نيسان/أبريل 2024 20:37
"انتحارات القربان المرعبة" تعود إلى ذي قار - الإثنين, 22 نيسان/أبريل 2024 11:16
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

المجتمعان المدني والأهلي.. الأهداف وآلية العمل// د. عدنان عويّد

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. عدنان عويّد

 

عرض صفحة الكاتب

المجتمعان المدني والأهلي.. الأهداف وآلية العمل

د. عدنان عويّد

كاتب وباحث من ديرالزور- سورية

 

     كثيراً ما تتداخل المفاهيم السياسية والفلسفية والثقافية والأخلاقية... الخ مع بعضها بعضاً, الأمر الذي يؤدي إلى خلق إشكال معرفي وسلوكي لدى المتلقي أو المتبني لهذه المفاهيم. ومن هذه المفاهيم التي تداخلت مع بعضها يأتي تداخل مفهومي المجتمع الأهلي والمجتمع المدني, الأمر الذي يدفعنا هنا لفك الارتباط أو التداخل بين المفهومين, بغية الوصول إلى معرفة كل منهما ودوره وأهدافه وآلية عمله, وبالتالي امتلاك القدرة في التعامل مع كل منهما وفقاً للظرف التاريخي المعيوش.

 

إذن هناك فرق بين المجتمعين الأهلي والمدني, فالمجتمع الأهلي هو مجموعة من المتحدات التضامنية ذات الأبعاد الاجتماعية والاقتصادية والثقافية, والتي غالباً ما يصب نشاطها بالضرورة بشكل مباشر أو غير مباشر في مساعدة الأنظمة السياسية القائمة لتحقيق التنمية في الدولة والمجتمع. وذلك من خلال تحالف وتضامن بعض المتطوعين من المواطنين ورجال الخير, الذين يضعون لعملهم أهدافاً غالباً ما تأخذ وجهاً إنسانياً خيرياً, حيث يتجلى عمل هذه المتحدات في الاشتغال مثلاً على حقوق المرأة, والطفولة, والمعوقين ذهنيا أو جسدياً, كالمكفوفين والعجزة وذوي الأمراض المستعصية وغير ذلك.

 

     إن أهم ما يميز عمل هذه المتحدات الاجتماعية الخيرية, هو حالة التنظيم في سريان عمل لجان هذه المتحدات, ووصول أعضائها إلى تسلم المهام فيها. حيث نجد أن هناك عملاً يقوم على خطط ممنهجة قابلة للتطوير والتجديد دائماً, مثلما نجد هناك خطاً ديمقراطياً واضحاً في سير عملها, إن كان على مستوى وصول قيادات هذه المتحدات عبر الترشح والانتخاب, أو عبر اتخاذ القرات الحاسمة في شأن هذا المتحد أو ذاك.

 

     أما بالنسبة للمجتمع المدني: وهو مشتق هنا من المدينة, والمدنية. أي مشتق بتعبير آخر من الوضعية التاريخية لتطور المجتمعات التي وصل فيها المجتمع والدولة إلى مرحلة لم يعد فيها ذاك الدور الكبير والفاعل للمرجعيات التقليدية (عشيرة وقبيلة وطائفة ومذهب) في ضبط آلية حركة المجتمع من جهة, مثلما أصبح لمكونات بنية المجتمع والدولة في هذه المرحلة دلالاتها الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية من جهة ثانية.

     فعلى المستوى الاقتصادي: تأتي دلالات المجتمع المدني في التوجه نحو اقتصاد قادر على تحقيق تنمية مستدامة للدولة والمجتمع معاً. أي التوجه لتجاوز اقتصاد السوق العينية والصغيرة والريعية, إلى سوق اقتصادية أكثر سعة وشمولية ومنهجية قادرة على خلق دخل إضافي لميزانيات الدولة ينعكس إيجاباً على حياة الفرد والمجتمع.

وعلى المستوى الاجتماعي: تأتي دلالات المجتمع المدني في السعي لتحقيق دولة المواطنة والقانون والمؤسسات, بدلاً عن دولة العشيرة والقبيلة والطائفة والحزب الواحد.

أما دلالاته على المستوى السياسي: فتأتي بالدعوة إلى التعددية السياسية وتداول السلطة والمشاركة فيها واعتبار الشعب هو مصدر السلطات.

وعلى المستوى الثقافي: فدلالاته تكمن في محاربة كل الفكر الرجعي المثالي والامتثالي الاستسلامي الوثوقي, والتأكيد على دور العقل النقدي وحرية الإنسان في صنع حياته وحياة الأجيال القادمة. ويدخل في هذا الاتجاه تنمية عقل الفرد والمجتمع على ضرورة التعامل مع خصوصيات الحاضر دون نكران الماضي والمستقبل. فالماضي يظل يحمل في مضمونه جوانب عقلانية لولاها لما استمر التاريخ أصلاً, ومن هنا تأتي عملية الربط بين الأصالة والمعاصرة.

 

     إن أهم مرتكزات المجتمع المدني هنا, هي أن المتحدات الاجتماعية التي تواجدت في المجتمع الأهلي تظل قائمة, مع دخول متحدات جديدة ذات طابع سياسي (أحزاب), هدفها الوصول إلى السلطة, من أجل المشاركة فيها وبالتالي تداولها.

 

     إن المجتمع المدني يعني في المحصلة الدولة المدنية, التي تأسست فيها قواعد بناء المجتمع والدولة الحديثين, وأهم ما تأسس فيها في هذا الاتجاه, هو العلمانية والديمقراطية, ففي الديمقراطية تتحقق المشاركة, وفي المشاركة يقضى على التفرد بالسلطة, وعبرها يتساوى الناس في الحقوق والواجبات, وفي الديمقراطية يُفرض احترام المرأة, والرأي والرأي الآخر. أما العلمانية وهي الوجه الاخر للديمقراطية, ففيها يسود العقل والمنطق في تطبيق سياسية الدولة الداخلية والخارجية بما يخدم مصلحة الدولة وهيبتها وحماية المجتمع ووحدته وتجذير فكرة المواطنة فيه .. في العلمانية تتم عملية ضبط الديمقراطية ذاتها بحيث لا تتحول الديمقراطية إلى أداة لتفجير المرجعيات التقليدية واستخدامها في صراعات داخلية من أجل الوصول إلى السلطة و والحصول على الغنيمة. فالعلمانية هنا ترسم الحدود بين مصلحة المجتمع ومصلحة الفرد, وبين مصلحة الدولة المؤسساتية, أو  المواطنة, وبين دولة العشيرة والقبيلة والطائفة.

إن المجتمع المدني في المحصلة هو الدولة المدنية.

 

كاتب وباحث من ديرالزور- سورية

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.