كـتـاب ألموقع
علي الوردي والقطع واللصق- 4// عبد الرضا حمد جاسم
- المجموعة: عبد الرضا حمد جاسم
- تم إنشاءه بتاريخ الثلاثاء, 27 آب/أغسطس 2024 20:03
- كتب بواسطة: عبد الرضا حمد جاسم
- الزيارات: 1048
عبد الرضا حمد جاسم
علي الوردي والقطع واللصق- 4
عبد الرضا حمد جاسم
يتبع ما قبله لطفاً
رحلة في خوارق اللاشعور
توقفنا في السابقة عند المقطع التالي: [اثنى عشر: ـ في ص380 من كتاب دراسة في طبيعة المجتمع العراقي كتب: [مشكلة أبناء الجيل الجديد في العراق انهم آمنوا بصحة "من جد وجد" إيماناً غير محدود واعتبروه مفتاح النجاح وسبيل النجاح في كل مجال].
هنا الموضوع المهم وهو جزء من القول المعروف : [ من جد وجد ومن زرع حصد] سأُبين فيه رأي الراحل الوردي وطرحه لهذا القول المهم والكبير والمتشعب والعظيم والمهم أقصد من جد وجد وكيف تصرف معه الوردي له الرحمة والذكر الطيب.
ورد رفض وتأييد الوردي لهذا القول "من جد وجد...." في مواقع عديدة من تلك التي أصدرها الراحل الوردي... اليكم منها التالي:
1ـ في ص12 من خوارق اللاشعور/ 1952: [وأود ان اصارح القارئ بأني كنت في أيام شبابي ضحية من ضحايا هذا المبدأ السخيف "من جد وجد"...الخ] انتهى.
أقـــول: انتبه عزيزي القارئ لوصف الوردي لهذا القول الكبير المتشعب و المهم و المنتشر بشكل واسع عند من يقرأ و يكتب و عند من لا يقرأ و يكتب.
2- في ص11 خوارق اللاشعور/ 1952: [إن هذه النصيحة لا بأس ان نلقيها على أطفالنا وتلاميذنا الصغار حيث نحرضهم بها على العمل والدأب ومواصلة الدراسة ثم نردعهم بها عن اليأس والخمول. هذا ولكن التطرف فيها وتلقين الكبار والبالغين إياها قد يؤديان الى عكس النتيجة التي نتوخاها منها] انتهى.
أقــول: هنا نسي عالم الاجتماع القول واسع الانتشار الذي هو: (التَّعَلُمْ في الصغر كالنقش على الحجر).
3ـ في ص109 خوارق اللاشعور/ 1952 ورد التالي: [قد ذكرنا من قبل ان مبدأ "من جد وجد" قد يصلح لتربية الصبيان والصغار، لكنه يمسي مبدأً خطراً عندما يعتنقه الكبار فهو إذا انتشر بين الكبار صار حجة بيد الأقوياء في أن يأكلوا الضعفاء او يسيموهم خسفاً واستغلالاً. فإذا أخذ الفقراء يطالبون بحقوقهم قالوا لهم متبجحين..."من جد وجد"] انتهى.
أقـــول: يعني هنا لا يقولون لهم :( و اطيعوا الله و رسوله و اُلي الامر منكم)... (الله يرزق من يشاء بغير حساب).
4- في ص379 دراسة في طبيعة المجتمع العراقي/ 1965: ["من جد وجد" يحرك المجتمع ويبعث فيه التطور ولكنه من الناحية الاخرى يجعل الفرد شديد الطموح والتكالب لا يطمئن الى شيء ولا يرضيه حال] انتهى.
5- في ص380 / دراسة في طبيعة المجتمع العراقي/ 1965 كتب التالي: [مشكلة أبناء الجيل الجديد في العراق انهم آمنوا بصحة "من جد وجد" إيمانا غير محدود واعتبروه مفتاح النجاح وسبيل العظمة في كل مجال...] انتهى
6- في ص 9/ خوارق اللاشعور كتب: [إني لا أبغي أن اُقنع القارئ بصحة النتيجة التي وصلتُ اليها. يكفيني أني قد اقتنعتُ بها شخصياً بعدما كنتُ شاكاً بها.] انتهى.
في ص270، اسطورة الادب الرفيع،1957 كتب الراحل الوردي التالي: [انهم يظنون إني جئت بهذه الأفكار المستحدثة من جيبي وإني وحدي الذي ادعو اليها. والرجاء منهم ان يعلموا بأنها أفكار علمية تكاد تسيطر الان على عقول المفكرين في العالم الحديث ولست إلا ناقلاً لها. وناقل الكفر ليس بكافر] انتهى.
2- كتبتُ في الجزء السابق بأن التالي له "الحالي" سيكون حول اعتراضي على اعتراض الراحل الوردي على "من جد وجد" واعتبار الوردي له: "مبدأ سخيف"، وهو جزء من القول المتداول/ المسموع/ المقروء: "من جد وجد ومن زرع حصد".
افهم هذا القول "من جد وجد" بأنه واسع/ شامل لم/ لا يقتصر على فعل "العضلات" فقط فمن جد في تربية النشأ الجديد "سلباً او ايجاباً" يجد منهم في الغالب ما جد في تعليمهم عليه وترسيخه فيهم، وهذا نجاح يُحسب له. ومن جد في عمارة ارض وجادت الطبيعة، وَجَدَ وَحَصَدْ.
ان في "من جد وجد" نسبة عالية من احتمالات التحقق حيث لا نقول بحتمية نتائجه لان هناك عوامل كثير تعترضه كما أي فعل حياتي مفيد اخر، من تلك العوامل ما هو ذاتي/ شخصي/ داخلي وما هو خارجي/ مجتمعي / طبيعي وكمثال على ذلك متسابقي المائة متر في الألعاب / الرياضية/ الأولمبية حيث جميعهم جدوا واجتهدوا وحفزوا قواهم النفسية لكنهم يصلون بدرجات متفاوتة حتماً حتى لو كان بفارق جزء من الالف من الثانية وقد لا يصل أحدهم الى خط النهاية لأي عارض يعترضه خلال تلك الثواني أو قد يخفق بعضهم من تحقيق الرقم الذي حققه في السابق سواء في مسابقات او في تدريبات. وكلهم ناجحين أي انهم "وجدوا" بعد ال"جدوا"، من نال الوسام الذهبي او من تلاه، وحتى من سنحت له الفرصة بمجرد المشاركة بالتصفيات الأولية يُعْتَبَرْ/ يَعتَبِرْ نفسه ناجحاً ويتأمل في المستقبل...اي يطمح ان يكون بحال وموقع / مركز أفضل.
الراحل الوردي اخذ هذا القول العام / الواسع وهو يعرف القصد من طرحه جيداً ويؤيد طرحه بقوة كما سأُبين ذلك، ويعرف فائدته للشخص والمجتمع، لكنه اختار الوقوف ضده بقوة ايضاً لأسباب منها الضياع بين العام/ المنتشر والخاص/ النادر
وربما محاولته إثارة الجدل او تسجيل ْتَّمَيُزْ غير مسنود/ مبرر، ويفهم ذلك من خلال الصياغات التي طرحها لرفضه لهذا القول وغيره من الأقوال والأحكام والعبارات .
اعتراضي على اعتراض الوردي على مبدأ "من جد وجد" ناتج مما ورد أعلاه من عبارات وتناقضات وعدم فهم كما اظن...فهذا المبدأ ال"سخيف" كما وصفه الوردي والذي كان هو أحد ضحاياه كما يدعي و ادعى ودعوة الوردي الى اعتباره نصيحة نلقيها على الأطفال بقوله ان "من جد وجد" يصلح لتربية الأطفال لنحرضهم فيه/ به على العمل والدأب ومواصلة الدراسة ونردعهم به عن الكسل والإهمال واليأس والخمول...تلك الطروحات تدفع للتوقف عندها. ان الراحل الوردي يعرف ان تربية الأطفال على هذا المبدأ وبهذه الصيغة التي طرحها تعني ترسيخ ذلك في العقل الباطن لأغلبهم وهو يعرف ان تغلغل هذا المبدأ هناك يجعله راسخ وصعب التأثير فيه/ عليه.... وقد كتب في ص46 خوارق اللاشعور/ 1952: [إن الإنسان لا يستطيع ان يتخلص من اطاره الفكري إلا نادراً. فهو فرض لازب علية. فالإطار شيء كامن في اللاشعور كما ألمحنا أليه آنفاً والإنسان لا يستطيع أن يتخلص من شيء لا يشعر به] انتهى
فكيف يحاربه ويوصي بتعليم الصغار به وحثهم وتحريضهم على العمل والدأب ومواصلة الدراسة وردعهم به عن اليأس والخمول!!!!
ثم يؤكد الوردي على ان "من جد وجد" يحرك المجتمع ويبعث فيه التطور ولكنه "سخيف" لأن الوردي يخاف من ان هذا المبدأ السخيف "قد" يؤدي الى ان يجعل الفرد "شديد الطموح" و "التكالب" ولا "يطمئن" الى شيء...
أقول : استغرب اختيار هذه الكلمات من قبيل "شديد الطموح" في مجتمع تَرَّسَخَ فيه عدم الطموح منذ قرون طويلة من خلال "القناعة كنزٌ لا يفنى" و"خليها على الله" "كلمن ورزقة "و"الكاتبه الله ما يصير غيره" وغيرها...فالطموح في مجتمع مثل المجتمع العراقي وقتها ماذا يعني او ماهي مجالاته غير الدراسة والزراعة والحرف اليدوية وبعض المجالات السياسية...فهل الطموح في تعلم مهنة خطير؟ و "التكالب" الذي خاف منه الوردي على ماذا في تلك الفترة غير انه يعني المنافسة في الدراسة؟ ...التكالب على ماذا... هل على التطوع في الجيش او الشرطة او التكالب على تعلم مهنة الحمالة والتنظيف او الدراسة؟. ما هي أوجه الخوف في ذلك؟؟؟...و "لا يطمئن الى شيء" وكأن الراحل الوردي يريد من الناس ان تطمئن لكل ما يقع لها ويبعد عنهم واجب الشك والتحَّسب للمستقبل والتفكير به ومصيرهم وعيالهم ... ويدعوهم للاطمئنان وفق "عيش يا.... لمن يجيك الربيع" و "لا تكن للعيش مجروح الفؤاد...". والشك الذي ردد ضرورته الوردي في الكثير مما كتبه وهو قوام المنطق الجديد الذي يعبده الوردي ... وما يؤكد طرحي هذا ما كتبه الوردي في هذا الكتاب / خوارق اللاشعور في ص32 حيث كتب التالي: [إني اشتهي ان اجعل من هذا الكتاب الذي اُقدمه بين يدي القارئ صرخة مدوية ضد هذا الدين السائد بين شبابنا المتعلم في هذه الأيام والذي جعلهم يؤمنون بالعقل ويتخذون منه إلهً يُعبد] انتهى.
هناك ينهي عن ""من جد وجد" وهنا ينهي عن إعمال ال"عقل"...فلا عقل ولا جد ولا اجتهاد ولا طموح ولا تحَّسُب...
ولم ينتبه الوردي في حينه ان الشباب المتعلم والذين اتخذوا العقل ديناً لهم ليعبدون، هم او أغلبهم كما اعتقد وفهمت من القول مشمول بدعوة الوردي لعدم قراءة هذا الكتاب حيث هم المدللون المستجدون الاغرار الذين لم يمارسوا بعد مشكلة الواقع ولم يذوقوا مرارة الحياة وكأنهم منفصلين عن معاناة أهلهم وذويهم ومجتمعهم ولا يفكرون بما يحيط بهم ومستقبلهم واحلامهم ومواهبهم وقدراتهم ورغباتهم.
المفروض ان الراحل الوردي يعرف انه يكتب وينشر في مجتمع تغلب عليه الاُمية بكل صورها...والغالب من شبابه المتعلم الراشد منهم أو المستجد/ المدلل/ الغر لا يفرق بين العقل والعلم بعد، وهو الذي كتب عنهم ما كتب فكيف يريد ان يصرخ الوردي صرخته المدوية تلك؟
وخلافي/ اعتراضي مع/ على الدكتور الوردي ايضاً ناتج من ان الكتاب الذي اطلع عليه الوردي وهو في الباخرة عند عودته من أمريكا والذي حَّفَزَهُ على اصدار ونشر كتابه :خوارق اللاشعور:1952/ كان قد صدر بعد ان تَشَّكَلَ علم الاجتماع بأكثر من قرن وصدر في دولة قام علمائها بدراسات كثيرة لحالة مجتمعهم ويأتي الوردي ليبدأ به عصره الزاهي في النقل والتعريب والتعريق والتأليف والنشر وهو لم يدرس المجتمع العراقي ولم يجري بعد أي بحث في بعض جوانب مشاكل المجتمع العراقي التي لا تعد ولا تحصى ولم يجري أي تجربة او امتحان او اختبار على أي مواطن من هذا المجتمع وهو يعرف ان هذا المجتمع ربما اكثر من 95% من أفراده لا يعرفون معنى علم الاجتماع وربما اكثر من 85% منهم اميين و ربما اكثر من 80% من متعلميه لا تُميز بين العقل والعلم.
اعارض الراحل الوردي او اختلف معه هنا كون المفروض/ الواجب عليه ان يعرف ان المجتمع العراقي الذي ولد فيه وتربى ودرس وتخرج ونجح تنخره المشاكل الاجتماعية ومنها الكسل والإهمال فما نفع الوردي لمجتمعه عندما أصدر هذا الكتاب وهو اول كتاب له بعد كراسة الجيب (شخصية الفرد العراقي/ 1951 ) وبعد عودته من البعثة الدراسية التي نال فيها شهادتي الماجستير والدكتوراه. والغريب انه كتب في ص 9 من خوارق اللاشعور/ 1952 التالي: [إني لا أبغي أن اُقنع القارئ بصحة النتيجة التي وصلتُ اليها. يكفيني أني قد اقتنعتُ بها شخصياً بعدما كنتُ شاكاً بها.].
وكتب في ص 11 من نفس الكتاب التالي: [إني لا اريد بهذا البحث ان اقنع الا من يريد ان يقتنع اما الذي لا يريد ان يقتنع فليس لدينا ازاءه اية حيلة] وهذا يثير العجب والاستغراب.
الى اللقاء في التالية
عبد الرضا حمد جاسم
...
المتواجون الان
557 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع