كـتـاب ألموقع
رحلة دون تدخل في كتاب سأخون بلدي لمحمد الماغوط: العقد الفريد -24// عبد الرضا حمد جاسم
- المجموعة: عبد الرضا حمد جاسم
- تم إنشاءه بتاريخ الأحد, 26 كانون2/يناير 2025 20:13
- كتب بواسطة: عبد الرضا حمد جاسم
- الزيارات: 998
عبد الرضا حمد جاسم
رحلة دون تدخل في كتاب سأخون بلدي لمحمد الماغوط
العقد الفريد -24
عبد الرضا حمد جاسم
منذ ان صوبت إسرائيل الى العرب بأنظمتهم اليمينية واليسارية على حد سواء اول مدفع واول كومبيوتر واول طائرة بدون طيار، وصوب العرب اليها اول انقلاب واول ميكرفون واول انسان دون فك لأنه يميني ودون اضلاع لأنه يساري.
ومنذ ان استقلت الدول العربية عن الاستعمار وعن شعوبها في الوقت نفسه واحتكرت السلطة فيها الفكر والسياسة والاقتصاد والعلم والمعرفة والادب والفن والرياضة والثروة المعدنية والبشرية والحيوانية وجردت الانسان من أي قيمة أو فعالية أو حافز وتركته عارياً بثيابه الداخلية سياسياً وثقافياً وتاريخياً واقتصادياً، بالطبع امام العالم اجمع وكل طرف يحمل الاخر ما جرى ويجري في المنطقة
اليمين يضع اللوم على اليسار، اليسار يضع اللوم على اليمين وأمريكا تضع اللوم على روسيا وروسيا تضع اللوم على أمريكا.
والانسان العربي الذي يعيش مثل "الأطرش بالزفة" بالنسبة لكل ما جرى ويجري في المنطقة، يضع يده على خده ويتربع امام شاشة التلفزيون وامامه علبتا كلينكس واحدة على اليمين للأنظمة اليمينية وواحدة على اليسار للأنظمة اليسارية ويبدأ من النشيد الى النشيد:
أه من هذا المسلسل، وآه من هذه المسرحية.
آه إذا هرب لص، وآه اذا قبض على قاتل.
آه من حرب حزيران، وآه من حرب تشرين.
آه لزيارة السادات للقدس، وآه من عودته منها. آه لاستعادة سيناء، وآه لاحتلال لبنان.
آه لحريق المسجد الأقصى وآه إذا احترقت الطبخة.
ومن قبل:
قيس يبكي ليلى وليلى تبكي قيس.
عنترة يبكي عبله وعبلة تبكي عنترة.
وعبد الله الصغير يبكي الأندلس.
وأبو سلمى يبكي فلسطين وسعيد عقل يبكي لبنان.
ولبنان يبكي الجنوب والجنوب يبكي المقاومة.
والمقاومة تبكي العرب والعرب يبكون مصر.
ومصر تبكي الجميع.
آه كم ظلمنا فريد الأطرش واستهنا بآهاته وشهقاته ودموعه. انه الوحيد الذي سبق جميع الأحزاب والمفكرين والمستشرقين العرب والأجانب في فهم النضال العربي سياسياً واجتماعياً وتاريخياً وأيديولوجياً وادرك موازين القوى التي تتحكم بنتائجه ومستقبله اكثر من جميع مراكز الدراسات الاستراتيجية في العالم وذلك عندما قضى حياته آهةٍ آهه ودمعةٍ دمعه فقد كان بحق "كيسنجر العرب" طوال ربع قرن ونحن لا ندري.
ولذلك علينا رد اعتباره ونعيد تقويم اغانيه ومواويله واهاته ونعلق صوره في مقر الجامعة العربية ومجلس الدفاع المشترك وخنادق المقاومة وقاعة مؤتمرات خلدة ومنظمة اوبيك ومكاتب البعثات الدبلوماسية في الأمم المتحدة وان نستفيد من خبرته ونستلهم أسلوبه في مواجهة الاحداث والتعامل معها فمن الان فصاعدا على كل مذيع عربي ان يبدا نشرة الاخبار: بآهة وينهيها بموال.
وكل سفير معين حديثا في دولة اجنبية فور الانتهاء من تقديم أوراق اعتماده ومن تبادل الكلمات حول تطوير العلاقة بين البلدين والتعاون المشترك لإحلال السلام في المنطقة، عليه يشهق وينخرط في البكاء.
وكل عاشق فور ان يلتقي بحبيبته ويبثها ما عنده من اشواق وأحلام بتأسيس بيت وتكوين اسرة يرفرف عليها الحب والهدوء والاستقرار عليه ان ينخرط في البكاء.
وكل مدير مدرسة فور توزيع شهاداته على الخريجين وانتهائه من تقديم نصائحه وتمنياته لهم بالنجاح والتوفيق في حياتهم العملية لبناء وطن حر مستقل عليه ان ينخرط هو وبقية الأساتذة في البكاء.
وكل رئيس وزراء جديد فور الانتهاء من تلاوة بيانه الوزاري ومن تعهده بإرساء القواعد الديمقراطية وتمتين الجبهة الداخلية والحفاظ على حقوق الشعب الفلسطيني وتحرير كافة الأراضي المحتلة وتوجيه التحية لشهدائنا الابرار عليه ان ينخرط وأعضاء وزارته في البكاء.
ووسط البحر المتلاطم من الدموع ما زال الاعلام العربي يؤكد لنا يوماً بعد يوم ان المستقبل مشرق في المنطقة ولكنه لم يوضح ابدا اذا كان مشرقاً لنا ام لإسرائيل؟.
فلتتدفق الدموع من العيون والدماء من الجراح حتى تصل الى ركب السائرين كالكشافة وراء فيليب حبيب وغيره. فلن يتوقفوا ولن يتراجعوا ولن يستقر لهم رصيد في بنك، أو فرو على كتف أو راقصة في ملهى أو كافيار على مائدة او سيكَار في فم أو شاليه في منتجع حتى تذاع اغنية "ختم الصبر بعدنا بالتلاقي" من إذاعة إسرائيل واذاعات المنطقة في وقت واحد.
ومع ذلك لا شيء ينفجر حتى الان من المحيط الى الخليج سوى أسطوانات الغاز.
........................
دون تدخل من كتاب سأخون وطني لمحمد الماغوط
التالية/25( ولكن الضفاف لا تجري)
عبد الرضا حمد جاسم.
المتواجون الان
427 زائر، ولايوجد أعضاء داخل الموقع