كـتـاب ألموقع

"الإنترنت".. يعيد تشبيك العقل العربي؟// محمد عارف

• 

تقييم المستخدم:  / 0

سيئجيد 

المجموعة: محمد عارف

تم إنشاءه بتاريخ الخميس, 13 نيسان/أبريل 2017 19:41

كتب بواسطة: محمد عارف

الزيارات: 2313

الموقع الفرعي للكاتب

"الإنترنت".. يعيد تشبيك العقل العربي؟

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

مدهشة هي الأرقام القياسية العالمية التي حققتها البلدان العربية في سرعة نمو استخدام الإنترنت من 4 ملايين عام 2000 إلى 327 مليون حالياً، فيما بلغ عدد مستخدمي «فيسبوك» في العالم العربي 130 مليوناً. ذكر ذلك أحدث «إحصاءات الإنترنت العالمية» IWS عن قفزة عدد مستخدمي «الإنترنت» في العراق من 12 ألفاً عام 2000 إلى 14 مليوناً حالياً، وفي اليمن من 15 ألفاً إلى 7 ملايين، وفلسطين من 35 ألفاً إلى 3 ملايين، وسوريا من 30 ألفاً إلى 5 ملايين، والسودان من 30 ألفاً إلى 11 مليوناً، ولبنان من 300 ألف إلى 5 ملايين، والأردن من 127 ألفاً إلى 6 ملايين، والكويت من 150 ألفاً إلى 3 ملايين، وعُمان من 90 ألفاً إلى 3 ملايين، وقطر من 30 ألفاً إلى مليونين، والسعودية من 200 ألف إلى 21 مليوناً، والإمارات من 735 ألفاً إلى 9 ملايين، ومصر من 450 ألفاً إلى 35 مليوناً، والمغرب من 100 ألف إلى 20 مليوناً، وتونس من 100 ألف إلى 6 ملايين، والجزائر من 50 ألفاً إلى 15 مليوناً.

ومع مطلع القرن الحالي أضحى العقل البشري، ومن ضمنه العربي عقلاً «سبرانياً»، يتناول نظرياً على الأقل كل الموجود ليس في «الإنترنت» فحسب، بل في «الشبكة العالمية» WWW أيضاً، وهنا التمييز ضروري بين «الإنترنت» حيث تتصل مئات ملايين أجهزة الكمبيوتر على الصعيد العالمي، و«الشبكة العالمية» مستودع المواد المتعددة الوسائط، نصوص، ورسوم، وتسجيلات فيديو، ومواد غيرها نجلبها من الشبكة عندما «نغوغل» أو نستخدم «ويكيبيديا». و«الشبكة» واحد من تطبيقات عدة تستخدم «الإنترنت»، بما في ذلك «البريد الإلكتروني»، و«سكايب».

والإنترنت كوسيلة للحصول على المعلومات والاتصالات بالدرجة الرئيسية ظاهرة لا مثيل لها منذ الانتشار العاصف للإسلام واللغة العربية مطلع القرن السابع الميلادي. وغير صحيح المغالاة في التحذير من خطر الإدمان على «الإنترنت»، والتركيز على مشاعر سلبية يثيرها «الفيسبوك»، كالغيرة، والحسد، وما يُسمى «كآبة الفيسبوك»، وإغفال مهرجان المرح والثقافة الذي يقيمه ملايين الناس على مدار الساعة في «الإنترنت» و«الفيسبوك».

و«أجل يعيد الإنترنت تشبيك عقلك، كذلك تفعل مشاهدة التلفزيون، أو إعداد قدح شاي، أو عدم إعداد قدح شاي» حسب «توم ستافورد» باحث علم النفس في «جامعة شيفيلد» ببريطانيا، ويُذّكرنا «ستافورد» بتحذير الفيلسوف الإغريقي سقراط من إتلاف الكتابة قدرة الذاكرة لدى الشباب، ومخاوف مماثلة أثارتها الثورة الطباعية في القرن 15 الميلادي، وعند ظهور التلفزيون، ولا دلائل على أن «الإنترنت» سيفعل ذلك «فالملايين يستخدمونه، بمن فيهم أنا وأنت، وكما يبدو فنحن بخير». ويورد الباحث أمثلة على التركيب اللدن للدماغ ومطاوعته لتغييرات تحدثها المهن فيه، كعازف الكمان الذي يتطور في لحاء دماغه موقع التحكم بذراع واحدة، فيما يتطور موقع يتحكم بالذراعين في دماغ عازف البيانو.

والدماغ الذي يتكون من 100 مليون خلية عصبية، و100 تريليون رابطة بينها أكبر من الإنترنت. وفي مقال «هل يملك الدماغ قوى خارقة مجهولة» يتحدث باحث الأعصاب البريطاني «محب كوستاندي» عن أشخاص أظهروا قدرات مدهشة في الفن أو في الرياضيات إثر تعرضهم لحوادث أفقدتهم الوعي، «وبينهم من أخذ يحدس قواعد رياضيات الكون إثر نجاته». و«العقل» ليس معطى مرة واحدة، بل لا يفتأ يتغير شكلاً ومضموناً، وهنا تكمن «عبقرية العقل». وليس كـ«الإنترنت» أداة تُجسدُ العبارة المأثورة للفيلسوف الألماني «هيغل» في أن «تاريخ العالم ليس سوى التقدم في الوعي بالحرية». وهذا لغز الصراع العالمي الحقيقي على «الإنترنت» إنه الصراع على الحرية، التي تفلت بطبيعتها من كل تحكم.

• < السابق
• التالي >