اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

وسام الدبلوماسية الشعبية العراقية// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد عارف

 

عرض صفحة الكاتب

وسام الدبلوماسية الشعبية العراقية

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

أقيمت يوم الجمعة الماضي في السفارة العراقية بموسكو مراسيم منح «ميخائيل بوغدانوف»، نائب وزير خارجية روسيا، ومبعوث الرئيس بوتين إلى الشرق الأوسط وأفريقيا، ميدالية ذهبية مكتوباً عليها بالعربية والروسية «جائزة نوّار لتعزيز الحوار العراقي الروسي» وصورة «نوّار» الذي تحمل الجائزة اسمه، وفي الوجه الآخر للميدالية صورتا النخلة (رمز العراق)، وشجرة «البيريوزا» (رمز روسيا). وحضر الحفل سفراء عرب معتمدون في موسكو، ومسؤولون في وزارة الخارجية الروسية. وفي التفاتة فريدة اعتبر السفير العراقي، حيدر العذاري، الجائزة «وسام الدبلوماسية الشعبية العراقية». فمبادرة الجائزة صدرت من «ضياء نافع»، عميد «كلية اللغات» في جامعة بغداد سابقاً، وأحد أبرز الأكاديميين العرب المختصين بالأدب واللغة الروسيين.

 

ولو أن عشرة بالمائة، وحتى واحد بالمائة من التدريسيين الجامعيين العرب المتقاعدين، ينشطون مثل «نافع» لأحدثوا ثورات معرفية في العالم العربي، رغم مغادرته بغداد عام 2006 إثر اغتيال اثنين من أبناء شقيقته في حملة تصفية المترجمين العراقيين. وغربة «نافع» من قصص نخبة أكاديمية عراقية لا تُقهر، أعادت تأسيس نفسها، وبناء جدارتها، وفعلت المستحيل لخدمة بلدها، ضد التشريد، والتهجير، ومهانة العوز، وتعب سن التقاعد. وعندما توفي فجأة ابنه الوحيد طبيب العيون «نوّار»، توقعتُ أن تكون هذه نهاية، ليس فقط إبداعات «نافع»، بل ربما حياته، وحياة «فالا» أم نوار، زوجته الروسية العراقية جداً. ولم يخطر ببالي قط أنها ستشاركه حياة مبدعة تجعل صورة ابنهما وساماً عالمياً.

 

و«من بغداد إلى روسيا مع ابن فضلان» عنوان مقالة منشورة هنا في 5 مايو 2011 قارنتُ فيها رحلة «ابن فضلان» عام 921 ميلادي، مبعوثاً من الخليفة العباسي المقتدر، ورحلة «نافع» مبعوث شعبه لإقامة «مركز الدراسات العراقية» في «جامعة فورونيتش» الواقعة على مسافة أكثر من 500 كيلومتر عن موسكو. وسيتدبر بنفسه هناك، في أعماق روسيا، الحصول على زمالات دراسية جامعية للعراقيين، وتنظيم احتفالات وتماثيل لابن فضلان، وللشاعر الجواهري، ومشاريع متعددة الثقافات، كشهاداته العلمية: ماجستير الأدب واللغة الروسية من جامعة موسكو، ودكتوراه من جامعة باريس، وموضوع كلتا الشهادتين الأديب الروسي «أنطوان تشيخوف» الذي تنسبه لنفسها الثقافات حول العالم.

 

ويستعيد «نافع» سرور سفير مصر في موسكو، مراد غالب، عندما التقاه في ستينيات القرن الماضي، وعلم أنه يدرس الأدب الروسي، «نحتاجه للحوار مع الروس». و«غالب» الذي أصبح فيما بعد وزير خارجية مصر، حظي باحترام وإعجاب الروس لإتقانه اللغة الروسية ولمعرفته الممتازة بالأدب الروسي. وندرك في كتابات «نافع» أهمية الأدب الروسي التاريخية، الذي استنهض به «ستالين» الروس ضد الغزو الألماني (أنتم يا شعب «تولستوي»، و«غوغول» و«دستوييفسكي»، و«تشيخوف»). ويجعلنا «نافع» نفهم ما فات على صحفيين غطوا «قمة دول آسيا الوسطى» الأسبوع الماضي، دهشوا لتصفح بوتين، وهو يتناول عشاءه، رواية «يغفيني أونيغين» لأشهر أدباء روسيا «بوشكين».

 

وإذا كانت الحياة قد فرضت على هذا الأكاديمي العراقي المبدع نثر معرفته عبر البلدان والمؤسسات، فسيبدع نثرها بنفسه يومياً تقريباً في كتب، وصحف، ومدونات، ودردشات «فيسبوك». وبالأدب الروسي يستكشف حوار السياسات والحضارات العالمية، وبه يساهم في مؤتمرات دولية للترجمة، والاستشراق، ويتابع -كالأب المكلوم- الحياة الأكاديمية في جامعة بغداد.

 

وسيرة «نافع» الأكاديمية رواية لا مثيل لها، شتات كتابات من حياته في موسكو، وباريس، و36 عاماً من التدريس في «كلية اللغات» بجامعة بغداد، حيث نال الأستاذية، ووضع سبعة مؤلفات، منها معجم روسي عربي سياسي، وكتاب «الأمثال الشرقية بالروسية»، ومختارات شعرية عالمية يترجمها عبر الروسية، بينها للشاعر الصيني القديم «باي هوا»: «المجد لِلّيل المليء بالعظمة، لقد محا كل الحدود بين البشر، وأضرم الكثير من القناديل فوق البشر».

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.