كـتـاب ألموقع

الجامعات الشرقية تغلب الغربية// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد عارف

 

عرض صفحة الكاتب

الجامعات الشرقية تغلب الغربية

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

الرياح الشرقية التي توّقع الزعيم الصيني «ماوتسي تونغ» أن تغلب الغربية، ترتقي الآن أعالي الغرب، أي جامعاته. والمهم في تصنيف أيّ جامعة ليس تحديد مرتبتها فحسب بين الجامعات العالمية، بل سرعة تقدمها. يرصد ذلك تقرير «التصنيف العالمي للجامعات عام 2019»، الذي تعده صحيفة «التايمز للتعليم العالي»، وفيه تقدّمت الجامعات الآسيوية على حساب جامعات أميركا الشمالية، وأوروبا وأستراليا. ومع أن جامعات الولايات المتحدة حافظت على الصدارة، إلاّ أنها بقيت ساكنة دون تحرك، أو تدهور تصنيفها، كذلك جامعتا «كامبردج» و«أكسفورد» البريطانيتان اللتان احتلتا أعلى مرتبة في التصنيف، إلاّ أن جامعات اليابان تخطّت جامعات بريطانيا. وتواصل الصين مسيرتها محتلة صدارة التصنيف في آسيا. واحتلت في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المرتبة ما بين 201 و250 الجامعتان السعوديتان «الملك سعود» و«الملك عبد العزيز»، والجامعتان الإسرائيليتان «تل أبيب» و«العبرية»، وتبعتها في ما بين 301 و350 «جامعة الفيصل» السعودية و«جامعة خليفة» الإماراتية.

 

وتضاعف أكثر من مرتين عدد الجامعات المصرية في التصنيف، بينها «الأميركية في القاهرة» و«بنها»، و«بني سويف» و«كفر الشيخ» و«المنصورة»، وجميعها في مرتبة ما بين 601 و800. وفي المرتبة نفسها ست جامعات جزائرية، وأربع مغربية وثلاث تونسية. وللمرة الأولى دخلت «جامعة بغداد» قائمة تصنيف «التايمز» ضمن مرتبة ما بين 800 و1000.

 

وتصنيف «التايمز» السنوي واحد من تصنيفات عدة، بينها «كيو إٍس» QS، وهو بريطاني أيضاً، وكان يصدر بشكل مشترك مع تصنيف «التايمز» ثم انشق عنه، وفي تصنيفه للجامعات 2019 تحتل الصدارة الجامعات الأميركية «مساشوستس»، و«ستانفورد»، و«هارفرد» و«كاليفورنيا للتكنولوجيا»، وبعدها تأتي البريطانيتان «أكسفورد» و«كيمبردج». وتتصدّر الجامعات الأميركية أيضاً «مركز تصنيفات الجامعات العالمي»، ومقره في دولة الإمارات، فيما يُصدر تصنيف «ويبمتريكس» Webmetrics الإسباني قائمة خاصة بجامعات الشرق الأوسط، واحتلت فيها الصدارة أربع جامعات إسرائيلية، أعقبتها في المرتبة الخامسة جامعة «طهران» الإيرانية، فيما احتلت المرتبة السابعة «جامعة الملك سعود»، والثامنة «جامعة الملك عبد العزيز».

 

وتقول الحكمة الصينية «الذين يفهمون الآخرين أذكياء، والذين يفهمون أنفسهم حكماء». والصين التي أسست حركة تصنيف الجامعات العالمية، ذكية وحكيمة. وغير معروف على النطاق العام أن جامعات الصين هي التي أنشأت أول تصنيف عالمي للجامعات، وذلك عام 1998 بمناسبة مرور مائة عام على تأسيس جامعة بكين. وأصبح التصنيف الآن «بيزنيس» قائماً بذاته، تتنافس عليه وفيه المؤسسات والدول. ومع مطلع كل عام جامعي تُعلنُ تصنيفات مختلفة ومتضاربة ومتنافسة، لا تنصف الجامعات العربية والجامعات غير الغربية عموماً. نكتشف ذلك عندما نريد تصنيفاً للجامعات حسب عدد أساتذتها وباحثيها من أصول أجنبية، حيث تحتل الجامعات الأميركية المقدمة، تتبعها البريطانية والفرنسية وبقية الجامعات الغربية. وإذا صنّفنا الجامعات المُستَلَبة، فستحتل الأولوية الهند والصين، وحتى الدول العربية والأفريقية.

 

و«قصة التصنيف الأكاديمي لجامعات العالم»، بحث الأكاديمي الصيني «نيان كاي ليو» أستاذ وعميد كلية التربية في «جامعة شنغهاي تونغ جياو»، والذي ساهم في تأسيس تصنيف الجامعات العالمية عام 1998، ويتساءل في بحثه آنذاك: «ما هي الجامعة العالمية؟ وكم عدد الجامعات العالمية؟ وما موقع الجامعات الصينية في نظام التعليم العالي العالمي؟ وكيف يمكن للجامعات الصينية تقليل الفجوة بينها والعالمية؟». وللإجابة عن هذه التساؤلات كان على الباحث الصيني وضع سلّم قياس صفوة الجامعات الصينية، وبالتالي قياس الجامعات العالمية. وهكذا انطلقت حركة تصنيف الجامعات العالمية، بكل محاسنها ومساوئها، وحتى فضائحها التي كتبنا عنها هنا في 18 أكتوبر 2012. وما لم نكتبه بعد، تدركه الحكمة الصينية: «كلماتي سهل جداً فهمها، وسهل جداً تطبيقها، مع ذلك لا أحد في العالم يفهمها أو يطبقها»!

 

10 أكتوبر 2018