كـتـاب ألموقع

الصين شيوعية أم رأسماليه؟// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد عارف

 

عرض صفحة الكاتب

الصين شيوعية أم رأسماليه؟

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

«ما أهمية أن يكون القط أسود أو أبيض، طالما يصطاد الفئران»، حكمة كان يرددها الرئيس الصيني «دينغ خياوبنغ» الذي خلف الزعيم «ماو»، وقاد مسيرة الصين نحو اقتصاد السوق في تسعينيات القرن الماضي.

 

وبعد نحو ثلاثة عقود من اقتصاد السوق، يستمر التساؤل عما إذا كانت الصين شيوعية أم رأسمالية! وفي الأسبوع الماضي انهارت المفاوضات التجارية الطويلة والعسيرة بين واشنطن وبكين، بسبب تغيير الزعيم الصيني «شي» موقفه في آخر لحظة.

 

ذكر ذلك مصدر في وزارة التجارة الأميركية، ادّعى أن الاتفاق راجعه مسؤولون في الحزب الشيوعي، وعبّروا للزعيم الصيني عن خشيتهم من أنه يجعله يبدو وكأنه يخضع لضغوط واشنطن.

 

وأعلنت واشنطن أن على الشركات الحصول على إذن خاص لبيع منتجاتها إلى «هواوي»، وهي إحدى أكبر شركات الاتصالات في العالم، وقد طوّرت «الجيل الخامس» من تكنولوجيا الاتصالات، التي تقيم «إنترنت الأشياء» وتشّغل كل شيء، من السيارات ذاتية القيادة، حتى العقل الاصطناعي، والروبوتات.

 

ويعرقل قرار واشنطن صفقات بلغت 70 مليار دولار موقعة العام الماضي، وقد تكون آثاره وخيمة، إذا أوقف تجهيز «هواوي» بمحركات وشرائح «كوالكوم» و«إنتيل» أو «غوغول» التي تُشّغل برمجياتها هواتف «أندرويد».وكانت «هواوي» قد توقعت الأوقات الصعبة المقبلة وخزّنت معدات لمواجهتها، وحاولت العثور على مزوّدين في بلدان أخرى، واستثمرت في تطوير شرائح كمبيوتر خاصة بها.

ذكر ذلك «غو بينغ» نائب رئيس الشركة.

 

و«هواوي»، محور النزاع الحالي بين واشنطن وبكين، مُتّهمة بأنها حكومية، وبأنها تستخدم أجهزتها للتجسس على البلدان الأخرى، حسب الرئيس الأميركي ترامب.

 

وتُنكر ذلك «هواوي» بشدة، مؤكدةً أن ملكيتها تعود للعاملين فيها، ويبلغ عددهم نحو 200 ألف، وهويتها مقبولة من قبل زبائنها في معظم بلدان العالم.

 

وتذكر الشركة التي حققت في العام الماضي دخلاً بلغ نحو 9 مليارات دولار، أن «كل ما يمكن فعله هو الإبقاء على هويتها منفتحة وشفافة». صحيح أن مؤسس الشركة «رين شينغفاي» عضو سابق في الحزب الشيوعي الصيني، لكنه خريج التعليم الغربي، ويُعلنُ عن إعجابه بالأنظمة السياسية والقانونية لأميركا، لأنها توفر، في تقديره، حماية أفضل لـ«البيزنس».ودفع «رين» خلال عقدين مبالغ لمستشاري «آي بي إم» لمساعدة «هواوي» في إقامة إدارة أعمال أميركية الأسلوب للشركة.

 

ويحتاجون في «هواوي»، حسب اعتقاده، «إلى ارتداء أحذية أميركية، حتى ولو كانت تؤلم أقدامهم.

 

وبالتعلم منهم فحسب، بكل ما عندنا من تواضع، نستطيع أن نقهرهم يوماً ما».والصين تناقش حتى قبل قيام النظام الشيوعي حجمَ ما يمكن عليها تعلّمه من الغرب، مع الحفاظ على ما يعتبره كثير من الناس قيماً صينيةً أصيلةً: الوطنية، والولاء، والروح الجماعية.

 

وتدعو «هواوي» للبحث عن أدوات لبعث الصين اقتصادياً وعسكرياً، دون الالتزام بأفكار مثل حقوق الفرد وحكم القانون والشفافية.

 

ويحثّ «رين» مسؤولي العلاقات العامة في «هواوي» على إظهار القيم التي تتفق مع الغرب، للتوصل إلى توافق الرأي، ويقول: «لدينا نظام القيم الخاص بنا، ولا نقبل القيم السياسية الغربية بالكامل». ويضيف بأن حضارة الصين بنيت عبر آلاف الأعوام، وإن شركة صغيرة مثل «هواوي» لن تقدر على تغييرها.

 

ويُقرّ الأميركيون بأن «هواوي» متحمسة للتعلم من الغرب إلاّ أن «روحها مغموسة في ثقافة الحزب الشيوعي»، حسب «نيويورك تايمز». والعكس هو الصحيح، فثقافة الحزب الشيوعي مغموسة في روح الصين، وبالأحرى في حكمة الصين، التي كان يعتبرها الفيلسوف الألماني «ليبنيز» (من القرن التاسع عشر) «الدينَ الطبيعي للصين».واليوم حكمة الصين أكبر من عقيدتها الشيوعية، بل تحتويها، وتشكل استراتيجيتها في العمل، وتلخصها حكمة كان يرددها رئيسها «دينغ»: «حافظ على رباطة جأشك، ولا تَتّنطع قطّ للزعامة، بل اتجه نحو صنع شيء كبير».

 

*مستشار في العلوم والتكنولوجيا

22 مايو 2019