اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
زيارة وفد هنغاري الى دار مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:32
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

بيت العائلة الابراهيمية// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد عارف

 

عرض صفحة الكاتب

بيت العائلة الابراهيمية

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

"وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا" آية من سورة إبراهيم في القرآن الكريم ردّدها قلبي، وأنا أجوس داخل قبة "متحف اللوفر أبوظبي" في جزيرة السعديات، الذي يؤمه ناس من مختلف البلدان، ومعظم معروضاته معارة من "متحف اللوفر باريس"، وتنتظم هنا في نشاطات يومية حافلة بورشات التدريب في الرسم والنحت والحياكة، والندوات، وعروض الأفلام. موسمه الحالي، وعنوانه "مجتمعات متغيرة" يعرض 600 تحفة فنية من قطع أثرية ما قبل التاريخ إلى أحدث الأعمال الفنية المعاصرة، ويتضمن أربعة معارض تُعًرفُ بدور الفنون كشاهد على تغير المنظومة الاجتماعية عبر التاريخ، من التراث غير المادي إلى المستقبل الرقمي، وتجّسدها حفلة موسيقى نابضة بالحياة، مستوحاة من الفن التكعيبي، وعروض راقصة وبهلوانية في الهواء الطلق خارج قبة المتحف.

 

و"هدف الفن هوغسل تراب الحياة اليومية عن أرواحنا". عبارة بيكاسو المعلقة في معرض بالمتحف تراها في وميض عيون زوار المتحف، الذي يعقدُ للراغبين منهم جولات إرشادية داخل قاعاته، التي تروي قصة الإنسانية عبر 12 فصلاً ملهماً تكشف عن الأفكار المشتركة، والروابط بين الثقافات. ومعرض "لقاء قي باريس" الذي يقيمه "اللوفر أبوظبي" بالتعاون مع "مركز بومبيدو" يتضمن أعمال فنانين عالميين عاشوا في باريس؛ بيكاسو الأسباني، وشاغال الروسي، ومودلياني الإيطالي. 

 

وعلى مرمى حجر من "متحف اللوفر أبوظبي" يجري بناء مُجمّع "العائلة الإبراهيمية"، الذي يضم ثلاثة مباني للديانات الإسلامية والمسيحية واليهودية. و"فكرة وجود مبان متجاورة مخصصة للديانات الابراهيمية وفي موقع واحد، مثيرة للاهتمام، لكن اسلوب "تنطيقها" التصميمي، يبدو، ويغدو أيضاً حدثاً معماريا لافتا ومثيراً في آن". كتب ذلك الأكاديمي المعماري العراقي خالد السلطاني في رسالة شخصية، ذكر فيها أن "ديفيد أجايا" مصمم المجمع معماري بريطاني أصله من تنزانيا وأقام بنايات  في بلدان عدة، واصطفي لمباني مُجمّع "العائلة الإبراهيمية" ذات المحتوي الثقافي المميز لغة تصميمية حداثية، أُريدَ بها ان تعكس طبيعة الحدث الآني، مع التأكيد على خصوصية تلك المباني بتوظيفات رمزية لعناصر تلك اللغة، قابلة لأن تحدد وظيفة كل مبنى، وتشي "بعنوانه" الديني، وسعى لتكون "كتل" المباني متماثلة نوعاً ما، تعبيراً عن "مساواة" مفترضة بين الاديان. وفعّل تنسيقُ الفضاءات الخارجية موضوعة المُجمّع، حيث جعل "مفرداتها" الطبيعية، وهي هنا الخضرة والاشجار، تشتغل لاستيلاد حالة بمقدورها ان تربط ربطاً "طبيعيا" ومنسجما بين كتله، بمعنى آخر يتوق المعمار هنا، لتذكيرنا بقيمة "الطبيعة" الحاضرة بقوة في المُجمّع المصمم، وبرمزية "المساواة"، وإمكانية خلق "حوار" متناغم، زاخر بشعور احترام  معنى العمارة المجترحة ودلالاتها الدينية، والتوق لمعرفة "الآخر".   

 

وحتى إذا كنت مستعداً للمفاجآت في أبوظبي، يفاجؤك كتاب السفير السعودي في دولة الإمارات تركي الدخيل، وهو من جيل جديد من المسؤولين السعوديين، مواليد 1973 كان سابقاً رئيس فضائيات مشهورة، بينها "العربية"، وكتابه المعنون "التسامح زينة الدنيا والدين" مجلد من 333 صفحة أُهديَتْ نسخ منه للكُتاب المشاركين في منتدى "الأخوة الإنسانية رؤية الإمارات لعالم متسامح" في أبوظبي، الذي عقدته صحيفة "الاتحاد" الأسبوع الماضي. فالكتاب الذي يقوم بمسح تاريخي أدبي فلسفي، يجعلك تعيد النظر بكثير من أحكامك المسبقة، وهو زاخر بمقتسبات "ربيعية الأعطاف" حسب المؤلف، بينها أقوال "سليمان القانوني" أشهر سلاطين الدولة العثمانية "التسامح بستان زهور"، والسيد المسيح "أحِبوا أعداءكم وصَلّوا لأجل من يضطهدكم"، والفيلسوف الفرنسي إدغار موران "الصفح مقاومة لبشاعة العالم"، وأبو حنيفة "لا نُكفر أحداً بذنب ولا ننفي أحداً من الإيمان"، وعلي بن أبي طالب "معروفُ زماننا هذا مُنكر زمان مضى، ومُنكر زماننا معروف زمان لم يأت"، والشاعر أحمد شوقي في قصيدته "تحية الشام" يقول "لافرق بين بوذي يعيش به ومسلمٍ ويهوديٍ ونصراني". والشاعر العراقي محمد صالح بحر العلوم "ما الدينُ فرّقنا ونحن أحِبةٌ لكنما عَبِثت بنا  الأهواءُ. إن المذاهب كالزُّهور تَنَوَعت ولكُلِّ نوع ٍ نفحةٌ وزهاءُ".

 

*مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.