كـتـاب ألموقع

عشتار.. اسمُ العراقيات// محمد عارف

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

محمد عارف

 

عرض صفحة الكاتب 

عشتار.. اسمُ العراقيات

محمد عارف

مستشار في العلوم والتكنولوجيا

 

كأنهن قادمات من كوكب آخر، تدهشك العراقيات في ساحات التحرير، تألق جمالهن، وزهوُ نضارتهن، ومسيرتهن الواثقة الشجاعة، وهتافاتهن ضد «أعداء العراق». وتفاجئك لافتة تحملها متظاهرة، مكتوب عليها بالإنجليزية أسماء «عشتار»، ومنها «إنانا» ثم «إنهدوانا». وفي هذه الأسماء الثلاثة يتلخص، ليس تاريخ المرأة العراقية فحسب، بل تاريخ نساء العالم. ويمكن القول تاريخ العالم، الذي ولدته النساء. وعندما نستخدم آلة «غوغل» للبحث عن «عشتار»، نعثر على مئات الكتب والأبحاث، بلغات عالمية مختلفة، وأعمال فنية خلابة، من لوحات، ومنحوتات، ومسرحيات، وأوبرتات، وأفلام سينمائية. وأحدث الكتب عنها بالإنجليزية أصدرته دار النشر العلمية Routledge وعنوانه «عشتار»، مؤلفته الأكاديمية الأسترالية «لويس برايك» التي تذكر أن عشتار أول معبودة في التاريخ ترمز للحب وللحرب في آن واحد. و«عشتار» لدى الكلدانيين (أجداد العرب) تقابلها «أنانا» باللغة السومرية، وأول من كتب عنهما «إنهدوانا» ابنة «سرجون الأكدي» الذي وحّد العراق في إمبراطورية كبرى، وهي أول كاتبة وشاعرة في التاريخ بين النساء والرجال، مؤلفاتها موّثقة، وصورتها الشخصية منحوتة في مسلة حجرية، وسيرة حياتها ألهمت عشرات الجمعيات والحركات النسوية في العالم وحملت اسمها.

 

و«عشتار» الثورة العراقية، ومن أشهرهن زينب الربيعي، قالت عنها الصحيفة العراقية الإلكترونية «ناس»، التي تصدر بالعربية والكردية والإنجليزية، إنها «المتظاهرة صاحبة الصورة الأكثر تداولا». وانضّمت زينب للثورة إثر استشهاد صديقها «صفاء السراي» الذي شجّتْ رأسه قنبلة غازية أطلقتها قوة أمنية. وتذكر زينت للصحيفة أنها كانت مثل باقي الفتيات العراقيات، لا تنشر صورتها على صفحتها في التواصل الاجتماعي، أو تغطي وجهها في الصورة، ولم تكن تفكر بالمشاركة في التظاهرات. وتقول: «بعد تظاهرات عام 2015 أخذ المجتمع منحى نحو التغيير والتخلص التدريجي من العادات البالية». ثم تضيف عن الحراك وأهدافه إنه «رفع شعار الوطن والحرية، وكان حراكاً متعدد الوجهات، للتحرر من الفقر وسوء أوضاع البلاد، وانعدام الخدمات وهيمنة طبقة سياسية محدودة على كل شيء تقريباً».

 

ونساء العراق اليوم (عشتار) تقرأ أخبارها في تقارير صحفية مرفقة بالفيديو، عناوينها: «بنات بغداد يهتفن ضد التدخلات الخارجية»، و«فتيات الجنوب يتقدمن شباب التظاهرات»، و«فتيات البصرة يهتفن: إحنا مو ولد السفارات»، و«بابليات يصنعن جمال مدينتهن»، و«فتيات النجف يتقدمن نحو ثورة العشرين»، و«عراقي يقدم بناته الأربع في تظاهرات كربلاء».

 

وخلافاً للتصورات الفوضوية، تؤكد «زينب الربيعي» أن «النساء كنّ وما زلن سنداً للرجل في كل أمور الحياة، وضمنها المشاركة الفعالة في التظاهرات، ومواجهة القنابل في الصفوف المتقدمة، وتنظيف ساحات التظاهرات، وطبخ الطعام وإسعاف الجرحى، وتوثيق وتصوير الأحداث بالرسم والشعر».

 

وزينب جامعية في السنة النهائية بكلية العلوم السياسية ببغداد، وتخطط لدراسة الماجستير في كلية الاقتصاد والعلوم السياسية في لندن.

و«عشتار العزاوي» اسم على مُسّمى، مُصارعة عراقية معروفة عالمياً. وكالمعبودة عشتار واجهت، وهي صبية أذى وخذلاناً، وتصدّت للعدوان بقوة، حسب وصف مؤلفة كتاب «عشتار». وُلدت «عشتار العزاوي» في موسكو لوالدين عراقيين يدرسان الدكتوراه. وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي انتقلت مع عائلتها للعيش في بريطانيا، حيث تَعرّضت لاعتداء جسدي أقعدها نحو عامين في البيت، تخشى مغادرته إلى الشارع. آنذاك قرّرت التدرب على المصارعة. وأصبحت بطلة في مصارعة «جيو جيستو»، وهي من أنواع مصارعة «الجودو»، تُعلم الشخص كيف يواجه العدوان، ويشّل المعتدي. وتعمل «عشتار العزاوي» منذ سنوات في شركة استثمارات في دولة الإمارات العربية المتحدة، وتواصل في المساء تمارينها الشاقة على مصارعة «جيو جيستو»، وفي لقاء مع الفضائية الأوروبية «يورونيوز» بالإنجليزية، طرحت عشتار على بساط المصارعة أوسمة البطولة العالمية، التي حصلت عليها، وقالت: «هذه للعراق». وذكرت أن أعز أمنياتها تأسيس فرقة لتدريب فتيات العراق على المصارعة، للتصدي للعدوان، وليس للعدوان.

 

*مستشار في العلوم والتكنولوجيا

فبراير 2020