كـتـاب ألموقع

الانتخابات العراقية بين الإجراء والتأجيل// عبدالله جعفر كوفلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

الانتخابات العراقية بين الإجراء والتأجيل

عبدالله جعفر كوفلي

ماجستير قانون دولي

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

10/3/2018

 

يوماً بعد آخر و نقترب من اليوم المحدد لأجراء الانتخابات النيابية لمجلس النواب العراقي المختلف اصلاً على موعد اجراءه وتم حسمه في نهاية الامر عن طريق المحكمة الاتحادية التي اقرت وحددت 12/5/2018 موعداً لا رجعة فيه وتزداد التكهنات على من سيتولى زمام الحكم في العراق لأربع سنوات قادمة ، ومنها انطلقت المارثون لتبدأ التحالفات بالتأسيس او الانتهاء والامل المعقود على كل ذلك ان تقود هذه الانتخابات بتحالفاتها الجديدة سفينة العراق العائم في بحر الخلافات المذهبية والطائفية والفساد المشتسري حتى العظم وعواصف الرياح المتتالية من التدخلات الاقليمية والدولية لتسيرها وفق مصالحها جعلت من شراعها ممزقاً لا يفي بالحاجة منها، والمجاذيف بيد شعب منهمك ومنغمر في وحل الفساد الاداري والمالي و قلة الخدمات ومشاكل الحكومة الاتحادية مع اقليم كوردستان السياسية و الاقتصادية وحتى العسكرية، ولكن يبقى الامل مترابطاً في النفوس ليصل الى بر الامان والعيش الرغيد مع يقين الشعب العراقي بأن الدورات البرلمانية السابقة لم تفلح في اداء واجباتها بشكل سليم، وان الاتي لا يكون بأحسن منها.

 

جميع الابواب مفتوحة امام هذه الانتخابات بين الاجراء في وقتها او التأجيل لأشهر وربما لسنوات من حيث المبدأ فأن قراءة المستجدات على الساحة العراقية والاقليمية التي تؤثر على الوضع الداخلي العراقي ولا تستطيع ان تقرر بمنأ عن الاعتبار للجوار الاقليمي،  فأن بوادر التأجيل تلوح في الافق وترتفع الاصوات هنا وهناك تنادى بالتأجيل وعلى النحو التالي:

-      المكون السني بأغلبيته مع تأجيل الانتخابات لفترة معينة و تأخذ من عدم استقرار مناطقها امنياً ، ووجود اعداد كبيرة من جماهيرها في مخيمات النازحين واللاجئين سنداً في مطلبهم ومناطقهم منكوبة او ان سلطتهم لا تخرج من حدود بيوتهم وانه من غير الممكن دعوة هؤلاء النازحين واللاجئين الى المشاركة في الانتخابات والتصويت لصالح مرشحيهم وكان معارضتهم في بداية تحديد يوم الانتخابات ولكن المحكمة الاتحادية قد حسمت الامر لصالح الحكومة الاتحادية.

 

-      المكون الكوردستاني وان لم يعلن عن عدم رغبته في اجراء الانتخابات خاصة القوائم الكبيرة السابقة منه قائمة الحزب الديمقراطى الكوردستانى والاتحاد الوطني وحركة التغيير، إلا أن التجزئة والتمزيق الذي يعاني منه وتغيير مواقفهم تجاه الاحداث وخاصة بعد 16 اكتوبر 2017 واحتلال  مدينة كركوك من قبل القوات العراقية والحشد الشعبي واعلان الحزب الديمقراطي الكوردستاني مقاطعته للانتخابات في هذه المحافظة وظهور قوائم جديدة على الساحة الكوردستانية منها قائمة (الجيل الجديد بقيادة شاسوار عبداللواحد وقائمة العدالة والديمقراطية بقيادة برهم صالح) والمشاكل الداخلية التي تعاني منها الاتحاد الوطني الكوردستاني واخيراً حركة التغيير الذي لايزال يعاني من أثار رحيل رئيسه،  ناهيك عن فقدان الحزب الديمقراطي الكوردستاني لمساحات واسعة من مناطق نفوذه في سهل نينوى وشنكال وزمار، كل هذا يؤثر سلباً على وزن القوائم الكوردستانية في مجلس النواب خاصة في وقت بات حكم الاغلبية هو الاسلوب المتبع في صنع القرارات وتشريع القوانين حيث لم يعد للشراكة والتوافق معنى، وهذا يؤدي بنا الى القول مهما كان عدد النواب الكوردستانيين إلا انهم سيكونون في حكم الاقلية مقارنة بالاغلبية الشيعية او السنية اذا توحدت, لذا فأن الاتجاه الغالب او الفكرة السائدة تحيد الى تأجيل الانتخابات على الرغم من الاستعدادات اللازمة لها ويقابله حماسة القوائم الجديدة لخوضها.

 

-      المكون الشيعي هو الاخر منقسم على نفسه وسيشارك بعدة قوائم وان كانت هناك اتفاقيات استراتيجية للتوحيد بعد ظهور النتائج الرسمية ولكنه مستعد لخوض الانتخابات لأنه استطاع خلال السنوات الماضية من توسيع رقعته الجغرافية وشراء ذمم العديد من الرؤوس والعامة ضمن المكون السني والكوردستاني على السؤاء وان التوجه العام لديهم هو الاجراء في وقتها لأن النتائج شبه محسومة لصالحها بالاضافة الى الدور الكبير الذي يلعبه ايران في توحيدهم وتوجيههم.

 

-      امريكا : على الرغم من عدم اعلانها برغبتها في التأجيل إلا أنه بات واضحاً بأن الشخص الذي كان يعول عليه امريكا في العراق والذي هو رئيس الوزراء الحالي حيدر العبادي لم يعد كما كان سابقاً وان قراراته وافعاله توحي بأنه يميل الى تطبيق اجندات ايرانية في المنطقة اكثر من امريكا أي هو اقرب الى ايران منه الى امريكا، ونستدل بهذا موقف امريكا الرافض لمشاركة ميليشيات الحشد الشعبي للعملية السياسية والانتخابات وضرورة اخراجه من مناطق عديدة إلا ان الدعوة الامريكية قابلت بالرفض غير المباشر واعلنت عن تأسيس قوائم متعددة للمشاركة ولم تخرج من تلك المناطق وانها تنفذ السياسة الايرانية في المنطقة, بالاضافة الى ان الحشد الشعبي بصورة عامة وفصائل حزب الله العراقي وعصائب اهل الحق تنادي وتضغط على الحكومة الاتحادية بضرورة مغادرة القوات الامريكية للأراضي العراقية كونهم محتلين،  ولم تعد هناك حاجة عراقية لوجودهم بعد ان استعاد عافيته وانتصر على داعش (صورياً). ومن جانب آخر فأن التصريحات الايرانية في الاونة الاخيرة الصادرة من المراجع العليا تشير بأن الذي سيتسلم زمام السلطة في العراق يكون شرطياً تابعاً لقاسم سليماني ينفذ اوامره بحذافيرها، وهذا ما يشكل قلقاً امريكياً تجاه الانتخابات العراقية القادمة وما ستؤول اليه الاحداث و النتائج.

 

-      ظهور داعش من جديد: داعش هذا التنظيم الارهابي الذي دام عمر دولته لأكثر من ثلات سنوات واستطاعت القوات العراقية والبيشمةركة بمساعدة قوات التحالف الدولية من شبه انهاءه عسكرياً إلا ان الدلالات تشير الى ظهورها من جديد وخاصة في منطقة ايمن الموصل والحويجة وحمام العليل وبادوش وتمكنت من القيام بعمليات مباغتة تنتهي بقتل عدد من افراد القوات المسلحة وسرعان ما تختفي لتظهر في منطقة اخرى، وان تقريراً بريطانياً تشير الى ان داعش سترجع بقوتها السابقة ولا تزال لديها خلايا نائمة تستطيع في أي وقت ان تفرض سيطرتها على المناطق التي تشهد انفلاتاً امنياً او انها منكوبة شبه خالية من المواطنين. وانها ستشهد تأييداً شعبياً بسبب العنف والغطرسة التي تمارسها ميليشيات الحشد الشعبي ضد اهالي تلك المناطق السنية، وان امريكا هي التى أعلنت ان الاعلان عن الانتصار على داعش كان مبكراً.

 

اذن وسط هذه الاحداث والتجاذبات السياسية والعسكرية في المنطقة فأن تأجيل الانتخابات بات اقرب من اجراءها، وبذلك ستضطر السلطات العراقية الى تشكيل حكومة انقاذ وطنية لأدارة البلاد في هذه المرحلة الصعبة وكذلك ستضطر امريكا الى دعم اقليم كوردستان من جديد بعدما اطلق يد الحكومة العراقية لتحارب الاقليم اقتصادياً وسياسياً بسبب اجراءه الاستفتاء الشعبي في 25/9/2017 وإلا سنشهد عراقاً خالياً وبعيداً عن التأثير الامريكي السياسي والعسكري مقابل سلطة ايرانية وسيطرة فارسية على العراق بحكومة عراقية ذات صبغة ايرانية وفي حينها على المكون السني والكوردستاني ان تقررا أما القبول بولاية الفقية وارتداء العمامة السوداء او المقاومة حتى النصر او الفناء وهذا ما سيشهده الايام القادمة.