كـتـاب ألموقع

سمات العهد الجمهوري العراقي// عبدالله جعفر كوفلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 عبدالله جعفر كوفلي

 

 

لقراءة مواضيع اخرى للكاتب, اضغط هنا

سمات العهد الجمهوري العراقي

عبدالله جعفر كوفلي

ماجستير قانون دولي

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

7/7/2018

 

ايام قليلة تفصلنا عن الذكرى الستين لثورة 14 تموز 1958 التي غيرت مجرى التاريخ السياسي العراقي من النظام الملكي الى الجمهوري بقيادة الزعيم عبدالكريم قاسم.

 

ان المتتبع للاحداث والمنصف في التحليل وعند تجميع صورة تلك الايام وخاصة اذا ما كان حيادياً في رؤياه فأنه يصل الى قناعة بأن هذا التغيير كانت البداية لنظام سياسي غير مستقر يتأرجح بين الانقلاب والتصفيات والمحاكم الخاصة وزج السجون بالمعارضين له فكرياً وسياسياً واقتيادهم الى المشانق في اكثر الاحيان, أي انه كان بعكس تطلعات الشعب العراقي في العيش الرغيد وان كان النظام السياسي لاي بلد ينعكس طموحات شعبه (في غالبيته)

 

خضع العراق لمدة طويلة الى الهيمنة العثمانية ولكن على اثر الحرب العالمية الاولى تفككت ودخلت القوات البريطانية الى بغداد سنة 1917 حيث كان هذا التاريخ بداية لظهور الدولة العراقية الحديثة التي خضعت للانتداب البريطاني ومن هناك كان الاستقلال هدفاً سامياً ينشده العراقيون ويسعون لنيله مهما كانت التضحيات مما دفعت بريطانيا الى ترشيح الملك فيصل الاول ملكاً على العراق ثم الملك غازي واخيراً الملك فيصل الثاني بوصاية (عبدالاله) لصغر سنه.

 

 شهد العراق تاريخاً سياسياً حافلاً بالتغييرات والاحداث منذ تأسيسه الى اليوم ولكن اكثر ما نلقي الضوء عليه يتمثل في العهد الجمهوري وماشهده من احداث وماحمله من سمات رسمت الخارطة السياسية وتركت بصماتها واثارها في النفوس والرؤوس الى يومنا هذا.

 

لقد قاد الزعيم (عبدالكريم قاسم) احد الضباط الاحرار ثورة (14) تموز عام 1958 واستولى على السلطة وقامت مجموعته بتصفية رموز النظام الملكي في العراق والغت القانون الاساسي (دستور العراق لعام 1925).

 

عليه يمكن تقسيم العهد الجمهوري في العراق الى ثلاثة مراحل:

-      المرحلة الاولى من عام 1958 الى 1968 ومن سماته:

أ – صدور اكبر عدد من الدساتير خلال عشرة اعوام كنتيجة حتمية لسرعة التغيير الحاصل في السلطة وانها تدل على ان الدساتير كان يصدرها السلطات دون الرجوع الى راي الشعب ومن جانب اخر جعلت السلطات من هذه الدساتير أداة لفرض سيطرتها وقلعة حصينة لحماية نفسها واستمراريتها لأطول فترة زمنية ممكنة. فصدرت دستور عام 1958 ودستور 4 نيسان 1963 ودستور 29 نيسان 1964 ودستور 21/9/1968

-      المرحلة الثانية تبدأ من عام 1968 وتولي حزب البعث لزمام السلطة وانيطت المهام الى مجلس قيادة الثورة وفي عام 1970 صدر الدستور المؤقت على خطى الدساتير الاخرى التي صدرت بعد اسقاط النظام الملكي يحمل صفة التأقيت وبأختلافه عنهم بطول فترة نفاذه حيث ظل نافذاً الى سقوط النظام في 9/4/2003.

-      اما المرحلة الثالثة تبدأ من سقوط النظام في 9/4/2003 الى اليوم حيث شهد العراق مالا يتوقعه احد في الداخل والخارج حيث عانت البلاد من فراغ سياسي وامني واداري اذ انهارت مؤسسات النظام وقواته الامنية والعسكرية وعمت الفوضى البلاد الى حين تشكيل مجلس الحكم بأشراف امريكي ليحكم العراق ولأول مرة يكون التداول سلمياً وبعدها تم تشريع قانون ادارة الدولة العراقية الذي كان اساساً لصياغة دستوره لعام 2005 واقراره من قبل الشعب في استفتاء شعبي ليكون النظام اتحادي تعددي ديمقراطي ونتيجة للظروف والاحداث التي مرت بها العراق فأنها دفعت بمكوناتها بالتحالف بعيداً عما كان ينتظره او اقره المؤتمرات السابقة للمعارضة من بناء عراق ديمقراطي مدني تعددي فتم تأسيس تحالف شيعي ذات الاغلبية وتحالف سني واخر كردستاني لأدارة الحكم على اساس التوافق والشراكة الذي كان صالحاً لفترة معينة ليستعجل المكون الشيعي بأنتهاكه والتفرد بالحكم وفق مبدأ الاغلبية متناسياً كل الوعود التي قطعها على نفسه وسرعان ما بدأ التهميش والاقصاء والملاحقة القانونية سواء ضد السنة ام الاكراد.

 

ننتهي الى القول بأن حكم العراق وخاصة في عهده الجمهوري كان وفق الاهواء والنزوات وتطلعات من يمسك زمام السلطة ويحاول بكل ما لديه من قوة للبقاء على كرسي الحكم اطول مدة ممكنة ولو كان على حساب الحقوق وعلى اكتاف الشعب المسكين وبصورة عامة فأن الناظر الى التاريخ السياسي للعراق يلمس سمات تكاد تكون مشتركة او عامة ومنها:

1.    سرعة التغيير في الحكم, نجزم قطعاً بأن ما شهده العراق من ثورات وانقلابات– مع ضرورة الاختلاف في مفهوم كل منهما– لم يشهده أي بلد في المنطقة برمتها فعلى سبيل المثال خلال عشر سنوات (1958 – 1968) حدثت اربع انقلابات ناجحة ناهيك عن محاولات الانقلاب الفاشلة وان بقاء حزب البعث من 1968 الى 2003 على السلطة لا تعني باي شكل من الاشكال عدم وجود محاولات الانقلاب ولكنها كانت تموت قبل ان تلد ومنها محاولة ناظم الكزار والدجيل وغيرهما وكانت تجر وراءها الاعدامات والتصفيات والعيش خلف القضبان وابشع انواع التعذيب وانتهاك حقوق الانسان.

 

2.    المفاوضات لكسب الوقت: بما ان العراق بلد متعدد الاعراق والقوميات ولم تستطع انظمة الحكم فيها من  صهر هذه القوميات والمذاهب في بوتقة الدولة العراقية والتعامل معهم على اساس المواطنة وخاصة مع الشعب الكوردي الذي الحق قسراً بها بعد اتفاقية لوزان وان مطالبة الكورد بحقوقهم القومية كانت تجابه بالحديد والنار من القتل والتدمير والحرق والابادات الجماعية لذا كانت الثورات والانتفاضات الشعبية سمة الشعب الكوردي وطريقته في مواجهة طغيان من كان يحكم وكثيراً ما كانت تضطر الحكومات الى التفاوض معهم ولكن الصفة البارزة في هذه المفاوضات ان الحكومات كانت تلجأ اليها لكسب الوقت وامتصاص حماس الحركة التحررية الكوردستانية واعادة التنظيم وسرعان ما كانت تتنصل عن عهودها وما قطعتها على نفسه و منها مفاوضات اعوام 1964 و1970 وحتى مفاوضات عام 1992 بعد الانتفاضة الشعبية المباركة كانت تهدف الى قتل الوقت وانتهاز الفرصة للضرب ولكن التدخلات الدولية الانسانية لمساندة الشعب الكوردستاني حالت دون ذلك  وحتى بعد 2003 سارت انظمة الحكم فيها على نفس الشاكلة والاسلوب...

 

3.    انشاء المحاكم الخاصة من السمات البارزة في العراق هي انشاء المحاكم الخاصة بمحاكمة رؤوس النظام السابق على اختلاف تسمياتها وتشكيلاتها وصلاحياتها بين محكمة الدولة او الشعب او الخاصة وانها تدل على عدم اكتفاء الانظمة بالمحاكم العادية والقوانين السارية وبعبارة ادق عدم ايمانها باجراءات احكام المحاكم العادية او انها لم تكن خاضعة لأوامرها كالمحاكم الخاصة الاستثنائية والتي غالباً ما كانت تنتهي بالاعدام والاتهام بالخيانة والعمالة.

 

4.    التدخلات الدولية والاقليمية كما هو معلوم بأن العراق اسس وفق المصالح الدولية ولتكون قنبلة موقوتة يمكن اشعالها في أي وقت لتنتشر نيرانها وتأكل الاخضر واليابس في المنطقة برمتها لذا فأن القرار العراقي لم يكن حراً ومستقلاً الى الأن بل كان خاضعاً لضغوطات وتدخلات دولية حتى الانقلابات التي لم تكن تمر خططها بالسفارات الاجنبية وخاصة السفارة الامريكية والبريطانية كانت مصيرها الفشل والاكثر منها فأن الحكومات العراقية كانت تلجأ الى الدول الاقليمية والدولية لقمع شعبها منها الشعب الكوردي سواء بالاتفاق والتأمر او طلب المساعدة وحتى في حروبها لم تسلم من التدخل فمثلاً حربها مع اسرائيل 1967 و 1973 و الحرب العراقية الايرانية 1980 و غزوها للكويت 1990 كان دور التدخل الدولي ظاهراً للعيان. وحتى اليوم بات العراق ساحة للصراع الامريكي الايراني بالتدخل السافر في شؤونه كل حسب ماتمليه المصالح.

 

5.    الدساتير المؤقتة: إن جميع الدساتير الصادرة من عام 1958 الى 2003 كانت دساتير مؤقتة أي يغلب عليها صفة التأقيت وانها تدل على سرعة الصياغة وسرعة الاحداث وحصر الصلاحيات بيد فئة معينة، إلا ان دستور 2005 يختلف عنهم في الصياغة واقرار النظام السياسي وتعريف الدولة العراقية.

 

نعتقد بأن ماذكر اعلاه هي اهم السمات البارزة العامة للعهد الجمهوري العراقي وان كان هناك سمات اخرى مثل سيطرة العسكريين والتفرد بالسلطة والاقصاء والتأمر وعدم الحيادية ولكننا نكتفي  بهذا تجنباً للاطالة والملل.