كـتـاب ألموقع

العراق من التظاهر الى الفوضى فالتقسيم// عبدالله جعفر كوفلي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

عبدالله جعفر كوفلي

 

عرض صفحة الكاتب

العراق من التظاهر الى الفوضى فالتقسيم

عبدالله جعفر كوفلي

ماجستير قانون دولي

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

1/12/2019

 

لقد كتبنا وكُتب الكثير عن العراق واسباب تأسيسها والهدف من وجودها وطبيعة شعبها في الارادة الصلبة والعزيمة تجاه بعضهم البعض، ولكن مايمر به في هذا الوقت يختلف عن المراحل السابقة بتفاصيلها، فمنذ اكثر من شهرين امتلئت ساحات التحرير في بغداد والمحافظات الجنوبية بأعداد غفيرة من المتظاهرين من جميع الفئات العمرية تطالب الحكومة بتقديم الخدمات اللازمة والقضاء على الفساد المستشري فيه حتى العظم لانها باتت جريمة منظمة وخرجت من اطار الفردية والرضا بالقليل بل دخلت الى عقد الصفقات والمشاريع الوهمية والمحاصصة في الجني بين القوى والاحزاب السياسية, ناهيك عن الشخصيات السياسية والدينية التي كانت قبل سنوات مثالاً في الاخلاص والوطنية ولكن ارتفع سقف مطالب المتظاهرين الى حل الحكومة وتعديل الدستور الحالي في عدد من بنوده أو كتابته من جديد وفق اسس جديدة وإلغاء وتعديل بعض القوانين التي تمس حياة المواطنين ويقرر مصيره منها قانون الانتخابات وقانون المستحقات المالية للمسؤولين وغيرهما.

 

معلوم ان التظاهر حق طبيعي لكل انسان ومكفول وفق الدساتير والقوانين المرعية, وعلى الحكومات ان تستجيب لمطاليبهم ايضاً وفق الامكانات المتاحة ولكن في مظاهرات العراق لم تبقى سلمية وملتزمة بدعواتها وخرجت عن اطارها المعتاد ولا الحكومة تعاملت معها وفق الاسس الديمقراطية وحرية التعبير, فالمطالب كانت اثقل بعد كل يوم واعداد الضحايا تجاوزت الالاف من بين القتلى والجرحى حسب الاحصائيات المعلنة من قبل الجهات الرسمية, بل شهدت بعض المحافظات مجازر جماعية دفعت بالعشائر للنزول الى الشارع املاً في ايقاف سفك الدماء, والمشاهد اليومية للمتظاهرين وسقوطهم ارضاً تشمئز منها النفوس وتحمل في ثناياها القصص والروايات المرعبة والتراجيدية.

 

اخيراً استجابت الحكومة وخاصة السيد عادل عبدالمهدي للمطالب واعلن عن نيته في تقديم استقالته, ومن هنا بدأت وجهات نظر متعددة تظهر حول من يتولى مهامه ومدى صلاحيات حكومته في الفترة القادمة او ان يتجه العراق الى حكومة انقاذ وطنية و تعددت الاراء السياسية والقانونية حول الموضوع, ولكن مانراه ربما يكون العكس من ذلك كله، وذلك بأن استقالة عبدالمهدي لا يغير من الواقع شيئ بل و يدخل العراق في نفق مظلم يكاد يكون الخروج منه صعباً وبهذا لن يتوقف المظاهرات وذلك:-

-    لأن المتظاهرين اعلنوا مراراً وتكراراً بان مطالبهم لا تكمن في تغيير الحكومة وانما تغيير وإقصاء كل من تولى المسؤولية في العراق بعد عام 2003 واضعاف او الغاء دور الاحزاب وخاصة الدينية منها في السياسة وبالتالي تغيير في نظام الحكم وتعديل او كتابة الدستور من جديد.

-    ان المتظاهرين قدموا آلاف من ابناءهم وليس من المقبول او المعقول ان يتركوا ساحاتهم بسهولة بل وازدادوا من مطاليبهم بضرورة محاكمة المسؤولين الذين تلطخوا ايديهم بدماء الشعب العراقي في هذه المظاهرات.

 

-    الدعم الدولي والاقليمي والداخلي الذي تتلقاه المظاهرات من الناحية المادية والمعنوية ناهيك عن التنظيم الذي يتمتع به هذه المظاهرات في الشعارات واصدار البيانات والاستمرارية وتوزيع المهمات والشمولية, تمثل دعائم في سبيل الدوام والمواظبة.

 

وبهذا, فأن المشهد السياسي العراقي مفتوح امام كل الاحتمالات وقد بدأت بعضها تلوح في الافق ولكن الاكثر وضوحاً هو ان المتظاهرين لن يستجيبوا لدعوات الحكومة لان مطاليبهم تخرج من قدرة الحكومة بالخروج من الهيمنة الايرانية والاستقلال منها, بعدما دخلت في دقائق الامور واثرت في اتفه القرارات لصالحها واطلقت يد الميليشيات للعبث بأدارة الدولة وسيادتها وفق الابعاد السياسية الايرانية.

 

المرحلة التالية لعدم الاستجابة تكمن في الفوضى ودخول اجندات خارجية او مايسمى بالطرف الثالث والرابع على الخط و البدء بحرق مؤسسات الدولة وسرقة ممتلكاتها وبالتالي الدخول في حرب اهلية طاحنة تأكل الاخضر واليابس (مع دعواتنا المستمرة لاستباب الامن والاستقرار في العراق) واتمنى ان لا تخرج من اطار رأي شخصي ايضاً ولكنه بُعد نظر. ويستمر هذا الفوضى لأشهر و بعدها باقي المرحلة الثالثة وهي التقسيم الى اقاليم وسيكون عندها مستحباً بعدما ان كان مكروهاً وحراماً بل يكون الحل الامثل لأخراج العراق من دوامة العنف وان الظروف السياسية والاقتصادية الدولية والداخلية ستكون مهيأة للتقسيم ومنها تشكل اقليم الانبار الذي يمتلك كل مقومات الاقليم في ظل وجود قاعدة عين الاسد للقوات الامريكية وإلحاق مدينة موصل و كركوك بأقليم كوردستان بأعتبارهما البعد الامني والاقتصادي والسياسي له وبذلك ستنهي مسألة المناطق المتنازع عليها وسيكون الاقلمين حجر عثرة في وجه الهلال الشيعي الايراني وخاصة ان اهل الانبار وموصل وغيرهما (المناطق السنية) لم تدخل في هذه المظاهرات الاخيرة.

 

ان مشروع تقسيم العراق قديم وقدم من جهات عديدة ويراها البعض انه الحل الامثل للوضع العراقي ولكنه يبقى مجرد رأي لايخرج من اطار التحليل والمتابعة اليومية للاحداث مع قراءة الماضي القريب.

 

ومن هنا لا بد لحكومة اقليم كوردستان ان تقوم بدراسة الوضع الحالي وما ستئول اليه الاحداث وتتخذ كافة الاجراءات الكفيلة لحماية أمن الاقليم وسيادته وحفظ مواطنيها وغيرهم وان الاجتماعات المكثفة وزيارات الوفود منها واليها دلائل على مايعرفه القيادة السياسية الكوردستانية بخطر المرحلة القادمة محاولة منها لتجاوزها بسلام، لأن التاريخ اثبت ان المشاكل التي تعاني منها العراق تأتي الى الاقليم بعد فترة من ظهورها مثل الازمة المالية والجماعة الارهابية داعش واخيراً المظاهرات الشعبية.