اخر الاخبار:
طهران تتراجع عن تصريحات عبداللهيان - الإثنين, 15 نيسان/أبريل 2024 11:24
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

تلصيق وطن// كريم عبدالله هاشم

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

تلصيق وطن

كريم عبدالله هاشم

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

 

من وجوه هذه الناس التي دعكتها قسوة الزمن والخسارات والفقدانات التي تتابعت عليها، وحياة ((اللزكي)) التي عاشتها، ومن التوجهات التي يتم سوقهم اليها للأغراض النفعية والمصالح الذاتية والشخصية التي يأمل كل ((راغب بالترشيح)) مجددا الحصول عليها في مستقبل الأنتخابات القادمة.

من كل ذلك نستوعب طريقة واسلوب ((التلصيق)) – ((اللزكي)) التي عايشناها طويلا وانعكست على هذه الوجوه.

أقول ذلك وأنا أرى جمع من الرجال الذين كان يبدو عليهم عناء الطريق الذي قطعوه ليتجمعوا ويتجمهروا في احدى الساحات من أجل استقبال وتحية نائب ما، أو وزير ما، أو سياسي ما، سيحضر الى هنا.

فقط لتحيته لبعض الوقت حين سيحضر اليهم بعد أن يفرغ مما يشغله من مصالح ((الوطن والعباد)) التي أحسن وأجاد طول الفترة الماضية في تأديتها!! وفي تنفيذ الواجب والأمانة التي بعنقه. فربما هو مشغول الآن ليكمل حلاقته وتلميع شكله وصورته ورش العطور والبخور عليها بعد ان لم يتمكن من الأستيفاظ مبكرا للحضور الى هذه الناس التي عانت وعثاء السفر والرحلة وهي محشورة منذ الفجر في سيارات ((الكيا)) تلك المصفوفة على مقربة من ساحة التجمع.

سيحضر اليهم الآن أو بعد وقت ليخبرهم انه لم ينم الليلة الفائتة لأن طائرته القادمة من مهمة أو واجب أو مأمورية وطنية عراقية في بيروت أو تركيا أو أي من مدن الضوء والبريق قد تأخرت أمس لوجه الفجر.

سيهتفون ويردحون له بالهتافات التي توارثناها جيل عن جيل منذ أكثر من نصف قرن من الكذب والدجل والرياء.. ((احنا رجالك ياخو هدله)) .. وكلنا اخوة هدلة.. الذاهبين الذين قبرهم الزمن أو الموجودين أو القادمين.. أو كلنا نتقمص أو نحاكي هدلة، متناسين او غافلين او نغض الطرف على ان هدلة قد تشردت بين الأعراب أو تمزقت في طرقات العالم والأصقاع المتناثرة أو دفعتها العوز الى الأستعطاء على قارعة الطرقات.

سيتبختر بينهم، أو يتواضع لهم تواضع المؤمنين الأتقياء.. تواضع الطارئين الذين لايصدقون أنفسهم، ذلك التواضع المجوف المشبع بالخيلاء والغرور.

سيجمع كل طلباتهم الصغيرة منها والكبيرة، وسيعرضون عليه حقوقهم الطبيعية المهضومة والمغتصبة، التي يعرف الجميع انهم جاءوا من أجلها وقد وعد كل منهم نفسه أو زوجته أو ابنه أو ابنته خيرا لأنها ستكون بيد المسؤول – صاحب الذمة.

سيلم الأوراق من أياديهم وهم يتأملون أن لايتسبب له ذلك بالأنزعاج..

وسيأخذ منهم الوعود واليمين بسوق القطيع بأكمله الى صناديق الأنتخابات المقبلة.

بعد حين، سيتبين ان هذه الطلبات بمجموعها قد تم رميها في ركن ما أو تحت طاولة ما ونسيانها كمخلفات الكؤوس والقناني المنسية أمس في ملاهي ومنتجعات بيروت أو تركيا أو غيرها، وانها أقل الزاما واهتماما من الوعود والخيلاء التي قام بسوقها ليلة أمس على آذان الراقصات وبطانة التسكعات قبل ان تعود به الطائرة.

فالبرامج والهتافات والأدعات الرنانة لكل الذين تولوا أمانة المسؤولية وشؤون الرعية والعباد لم تنتج لنا سوى وطن تم ((تلصيقه)) من أركان معينة بطريقة عشوائية وترك عورات الفشل الصارخة في أركان أخرى في غاية الأهمية، والمواطن بكل شرائحه هو دائما من يدفع الثمن وهومن يتحمل سعر القناني المسكوبة في بيروت أو تركيا أو غيرها، وقد أصبح هذا الثمن غاليا – أغلى من ان يوضع له سعر أو قيمة.

فخلال أكثر من نصف قرن عانينا من حياة ((اللزكي)) وسياسة حكومات التلصيق الفاشلة التي تعاقبت على رقاب الناس.

فقد لصقوا على رقابنا شعارات القومية والوحدة ومناهج تحرير الأوطان، وبالنتيجة فقدنا أوطان بأكملها وانكشفت عوراتنا.

ولصقوا على رقابنا الشعارات اليسارية والشيوعية والماركسية اللينينية وأوهموا الطبقة العاملة بالتحرر والأشتراكية، والنتيجة فرهود ونهب في كل حقبة وحقوق غير عادلة وهيكلة اجتماعية غير منصفة.

ولصقوا على رقابنا الشعارات الأسلامية والمذهبية و((الأسلام والمذاهب منهم براء)) ، والنتيجة انعدام طبقات المجتمع الوسطى وتزايد الفقر والحاجة والتراكم الأجتماعي نحو فقير جدا وغني جدا وهذه ابسط مظاهر اللاعدالة التي يرفضها الأسلام بكل مذاهبه، وتفشي الفساد والمحسوبية واللصوصية المكشوفة والمقنعة الى الحد الذي أصبحت تشكل ثقافات تتفشى بين أبناء المجتمع العراقي.

حين رأيت ذلك الجمع من أبناء جلدتي علمت:

انه الدوران في حلقات مفرغة عقيمة تستنسخ وتعيد الفشل، وانه الأمر الجلل الذي يستدعي من الجميع اعادة النظر.

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.