اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

المجاهدون والغنائم والأسلاب!! (39)// عادل نعمان

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

المجاهدون والغنائم والأسلاب!! (39)

عادل نعمان

مصر

 

الجهاد فى اللغة معناه «بذل الجهد والطاقة»، أما تعريفه من الناحية الشرعية والتى لا أوافق عليها، فهو «بذل الجهد من المسلمين فى قتال الكفار والمعاندين والمحاربين والمرتدين والبغاة ونحوهم لإعلاء كلمة الله» وهذا تعريف واسع ومطاط، فقد وضع أى مجاهد فى كفة وباقى خلق الله فى الأخرى، فكل واحد منا قد يرى نفسه مجاهدا، ويرى فى نفس الوقت غيره من الفصائل الأخرى من المعتدين أو المرتدين أو البغاة. فلا جهاد إلا بدفع الأذى ورد الاعتداء، حتى إن المعتدلين والإنسانيين فى أديان الله لم يسمحوا عند رد العدوان باستخدام سلاح أسوأ من الأسلحة المستخدمة فى يد المعتدين، أو الإثخان فى القتل، وأضافوا أيضا، ألا يزيد رد الاعتداء على حدود البلد المعتدى عليها فقط، وألا يخرج المدافعون عن حدودها حتى لو أتيح لهم ذلك.

 

ولا جهاد ولا قتال ضد معاند أو مرتد أو باغ، ثم ما هو «نحوهم» هذه، التى تفتح الباب عن آخره لجهاد عريض ضد كل البشر فى كل مكان وزمان. ليس موضوعنا لكن لزم التنويه. ولقد كانت حوافز الجهاد المادية من استلاب الأسرى والغنائم والأموال والسبايا، العامل الرئيسى فى تحفيز المجاهدين للقتال وكذلك يفعلون حتى تاريخنا اليوم. فقد طبع بدو الجزيرة على الغزو والاستيلاء على حقوق الغير من أموال وأطفال ونساء، وكانوا يباعون كالمتاع فى الأسواق، وكان العربى يصطفى الجميلات من السبايا لنفسه ملك يمينه، وبعضهن للعمل بالبغاء لصالحه. يحكى أن احد المشركين قد حاول اللحاق بالمجاهدين فى غزوة بدر وهو على كفره حتى ينال من الغنائم ما يناله المسلمون، فرفض الرسول ذلك، ما لم يؤمن ويسلم، فآمن وأسلم وانضم معهم فى غزوته، وحقيقة الأمر أنه لم يكن يعنيه من أمر الدين شىء، فما كان يعنيه فقط غنائم الحرب، فهى مصدر رزقه وضرورة حياتية له، كما كانت مصدر رزق وضرورة حياتية للكثيرين منهم، فلم يشغله أمر الجهاد قدر انشغاله كغيره بالمكسب والمغنم. وقد كان أمر الغنائم قائما فى غزوة بدر كما كان فى الجاهلية، فكان كل من قتل قتيلا فله سلبه «له متاعه وسلاحه وفرسه ولبسه وما معه من مال»، وكل من أسر أسيرا فهو له، وكان هذا تشجيعا وتحفيزا على القتال. إلا أن هذا الأمر قد أفصح عن مشكلة باتت تهدد فكرة الجهاد وتقوضه من أساسه.

 

فى موقعة بدر ووفقا للمبدأ المعمول به (من قتل قتيلا فله سلبه) كانت الغنائم من نصيب الشباب القادر على القتال، فقد تسارعوا فى قتل الأغنياء والميسورين للفوز بأموالهم ومتاعهم، وحرموا بذلك كبار السن من المشاركين فى المعركة، وهم الذين يقدمون الحماية للمقاتلين أثناء المعركة، ويحملون اللواء، ويساعدون فى تقديم العون والمدد والمأكل والمشرب، فلم يكن اشتراكهم مباشرا فى القتال، إلا أن مشاركتهم لا يتحقق النصر إلا بها، وكادت تحدث وقيعة، فرأى الرسول أن ينزع هذا الحق من المقاتلين لنفسه فنزلت الآية (يسألونك عن الأنفال قل الأنفال لله والرسول فاتقوا الله وأصلحوا ذات بينكم وأطيعوا الله ورسوله إن كنتم مؤمنين) وظل الرسول على عهدهم فى توزيع الغنائم فمن أسر أسيرا فهو له، ومن قتل قتيلا فله سلبه، ووزع الباقى على المقاتلين، ولأنه يعرف طبيعة البدوى فقد رأى ألا يحرمهم ما كانوا قد اعتادوا عليه، وإلا فالعواقب وخيمة، وسيتكاسلون ويرتدون عن فكرة الجهاد، إلا أن الكثيرين منهم قد أضمروا فى أنفسهم شيئا هم مغلوبون ومطبوعون عليه، فقد لجأوا إلى إخفاء ما سلبوه أثناء القتال، من غير حقهم المفروض لهم، حتى لا يقع فى يد الرسول فيوزع على غيرهم وسمى هذا «الغلول» وتعريفه «الأخذ من الغنيمة قبل قسمتها عن طريق الخفية والسر» وقد كان من المفروض أن يكون الجهاد الخالص لا تشوبه هذه المثالب إلا إذا كان الهدف عندهم مخالفا، ولقد نسخت هذه الآية لاحقا. نترك قليلا هذا الموضوع إلى موضوع مشابه، وهو يخص «إخوان الوهابية» ولقد عرفناهم سابقا، فلم تكن الحرب بينهم وبين عبدالعزيز آل سعود فى موقعة السبلة 1929 إلا بسبب حرمانهم غزو العراق والشام، وضياع الغنائم والأسلاب والسبايا عليهم، وهى بلاد خيرها وفير وغنائمها كثيرة.

 

فبعد أن اتفق الملك عبدالعزيز مع الإنجليز على إقامة دولة تحترم حقوق الجوار، وتلتزم بالقانون والأعراف الدولية، فقد رأى الملك السعودى أن الغزو والاستيلاء على بلاد الغير وممتلكاتهم أمر يتناقض مع فكرة إنشاء الدولة والملك الذى يصبو إليه، واستمراره يهدد ما اتفق عليه مع الإنجليز، فكف يده عن هذا، واتجه لإقامة دولة بدلا من إقامة قبيلة، ورأى إخوان الوهابية الذين تربوا على فكرة الغزو والسلب والنهب أن هذا خرق لما تم الاتفاق عليه، ونقض لبيعة بايعوه عليها فخرجوا عنه، وشقوا عصا طاعتة، واتهموه بأنه قد باع الدين بالدنيا، وبادل الجهاد فى سبيل الله بتحالفه مع الشيطان البريطانى، فحدث الشقاق بينهما، فخربوا الطائف وقتلوا الناس غدرا وأحرقوا الأرض والزرع، وأسروا الأطفال والنساء، وكذلك فعلوها فى غزو المدينة المنورة، فحاربهم الملك عبدالعزيز، لكنه لم يقض عليهم نهائيا، وظلت فكرة السلب والنهب والجهاد حتى وقتنا هذا تنتقل من جيل إلى آخر، السلفيون والقاعدة وطالبان وبوكو حرام والدواعش، وما سيأتينا من نسلهم ومن رحمهم فى تاريخنا القادم، وليس غريبا أن نسمع بين الفينة والأخرى، عن سرقات بالملايين من بيت مال الدواعش أو القاعدة، من القائمين عليها وفرارهم خارج البلاد، ولا لوم عليهم فقد فعلها من كان يوما محدثا وحبرا، أو منهم من كان من رواة الحديث، أو كتبة الوحى.

 

كلهم قد أضلونا السبيل، وأباحونا حقوق الغير دون جهد أو عمل تحت دعاوى إرضاء الله، وكأن الله قد عجز عن أن يغنى نفسه عن العالمين فجاءوه بأموال المقهورين، أو أن الله لا يعاقب المفسدين فجاءونا بعقاب الصالحين، والله غنى عن العالمين (قديما وحديثا)!!.

 

 

"المصري اليوم"

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.