اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

أضـواء على (براعم ربيــع بغداد) – ج٢// حميد الحريزي

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

أضـواء على (براعم ربيــع بغداد) – ج٢

حميد الحريزي

 

وهنا يتبادر السؤال التالي:-

ما هو وصف البديل المفترض او البديل الحداثي في بلداننا ؟؟؟

 

ان القطع القهري لنمو وتطور البرجوازية المنتجة في العالم العربي واغلب بلدان العالم ((الثالث)) ومنها العراق طبعا والذي تكاتف على إدامته عامل محلي مجسدا في ا:-

الإمبراطورية الإسلامية ، كونها دولة تعتمد الخراج في تصريف شؤون الحكم وليس على إيرادات دافعي الضرائب من ذوي المهن والمصالح في الزراعة والصناعة والتجارة، أي إنها دولة ريعية… وبذلك لم تكن تهتم بنمو وتطور الإنتاج الصناعي والزراعي ،أدى الى تهميش وضعف أفكار وأراء وتصورات الطبقة المنتجة في المجتمع على القوى صاحبة القرار في هرم السلطة السياسية المرتدية لرداء الدين في نفس الوقت…

يقرؤنا التاريخ بوضوح كامل ما آلت إليه حركة المعتزلة وأخوان الصفا وكيف حوربت ووأدت لأنها أحكمت العقل وأجلسته على العرش المفترض لإدارة شؤون الحياة، مما اوجد حالة تناقض حاد مع طبيعة هرم السلطة الوراثي ألسلالي المبني على المقدس المتوارث وليس على خيارات العقل والاختيار، أي ان إرهاصات نمو ونفوذ برجوازية منتجة خنقت في المهد سواء بقوة المقدس او بقوة السيف….

كذلك يرينا التاريخ حالة الفشل والانكسار الذي كان مصير الحركات والثورات التي قامت به الطبقات الاجتماعية المهشمة الأوسع- مثل حركة القرامطة وحركة الزنج والبابكية وغيرها.. لأنها لم تكن تعبر عن حالة وعي ذاتي لهذه الشرائح والطبقات لكونها شرائح مختلفة الأطياف والمستويات ، لم تستطع ان تنتج نظريتها المعرفية الثورية لتكون القوة الموجهة والهادية لها بل اعتمدت نفس أفكار وأسانيد وأطروحات مضطهديها وكأنها حركة تسعى لاستبدال عمامة سوداء بأخرى بيضاء او حمراء، لا تسعى الى استئصال روح الاستبداد والاستعباد والتسلط وإنما تبادل المواقع، أي تحويل العبيد الى سادة والسادة الى عبيد عبر الاستيلاء على كرسي الحكم ، لم تكن تدرك الأساس الاقتصادي لأسباب الاستبداد والاستعباد وبالتالي العمل على اجتثاث الأسباب والمسببات… لإيجاد حالة من التوازن في الحكم وتقسيم الثروة.. مما أدى الى فشلها بعد حين سواء طال او قصر ومهما كان حجم الأذى الذي ألحقته في هيكل الطبقات الحاكمة التي تستولي على كراسي الحكم ضمن أسرها حصريا، وهذا دليل فشل وخيبة ثورة الزنج بقيادة سبارتاكوس وثورة الزنج في العراق وانتفاضات الفلاحين في القرون الوسطى ومن ضمنها فشل ((ثورة 1920)) في العراق في بداية القرن العشرين.

أي إنها تفتقر الى التعريف العلمي للثورة في الممارسات الثورية – لكي لا يقترن هذا المفهوم بالعنف او الانقلابات كما هو متداول – وما هي متطلباته وما هي أدواته وكيف يمكن انجاز هذه الثورة ، اثبت تاريخ الثورات والسيطرة على كرسي الحكم عبر العنف او المؤامرة الانقلابية، فشله في اغلب أنحاء العالم فمنه من احتضر ومنه من يعاني ومنه من يحاول ان يجد سبلا جديدة للحياة.

في العقد الأول من الخمسينات من القرن الماضي حدثت في العالم العربي العديد من ((الثورات)) الانقلابات العسكرية ، منها ((ثورة))23 يوليو في مصر ((وثورة 14)) تموز في العراق ضد ما أسموه بالحكومات الرجعية والعميلة لم تستكمل عملية التحرر الوطني الديمقراطي، كانت هذه الثورات تحمل الصبغة الاشتراكية او ما سمي بالديمقراطية الشعبية في الحكم مستندة على الشرعية الثورية .. باعتبارها مرحلة انتقالية نحو الشرعية الدستورية ، هذه الديمقراطية التي لم تتيج للمواطن العربي ممارستها وان مارستها فهي شكل مخفف في ممارسات الشرعية الثورية.. هذا الحال نابع من كون الطبقة التي هيمنة على كرسي الحكم بعد الانقلابات ((الثورات)) ، هم خليط من بقايا الاقطاع والبرجوازية الطفيلية والتجارية ، الطبقة المتوسطة المشوهة المصنعة حكوميا وليست وليدة حراك طبيعي، غلب عليها ،هم الاحتفاظ بالكرسي على هم الاحتفاظ برضي الشعب الذي ساندهم وقدم التضحيات من اجلهم ، فهذه الطبقة كما وصفنا ذلك في تجربة العراق ، ظلت حبيسة طبيعيتها المترددة المتذبذبة فهي لا تستطيع ان تمضي قدما في طريق الثورة ونقل السلطة للشعب ، وقد رفعت شعار لا شرقية ولا غربية ، وهي فاقدة القدرة على اجتر اح طريق ثالث للتطور ، مما احدث شرخا في العلاقة بينهما وبين جماهيرها التي بدأت تتململ ومن ثم تحاول الانتفاض وإدارة ظهر المجن لهذه الحكومات، ما دفع هذه الحكومات الى اعتماد العنف ((الثوري)) لقمعها وإعادتها الى ((رشدها )) كما تدعي ، كما أن هذا التردد وفقدان المنهج الفكري لقيادة الدولة واختلاف المصالح داخل هذه الطبقة أدى الى حدوث تصفيات دموية عنيفة بين رفاق الدرب وقادة الثورة، هذا الحال ادخل النسيج الاجتماعي فايروس العنف الطائفي والعرقي والعشائري، بالإضافة الى استشراء حالة المحسوبية والمنسوبية، والرشوة والفساد المالي والإداري، توقف او على الأقل تهالك وتردي عملية الإنتاج المادي والثقافي، تعيد الحياة والنشاط لقيم المجتمع الأهلي الما قبل حداثي ، زحف الريف على المدينة ، والخرافة والهرطقة على العلم والمعرفة.. أي جرت عملية تجريف للقيم والأعراف ((الكونفورميا)) الايجابية ، عملية هدم القيم أكثر خطورة من هدم الأبنية والمصانع والعمارات ، فان توفرت إمكانية ترميم وإعادة بناء المنشآت فمن الصعوبة بمكان إعادة ترميم وبناء القيم المفقودة والمجرفة، كما إنها تعتبر المعيق الأكبر لعملية البناء الحضاري والثقافي في البلد المعين.

القصد ان مشاريع الإصلاح وبناء دولة المؤسسات آلت الى نشوء وتسلط أنظمة ديكتاتورية تسلطية فاشية، كممت الأفواه ، كبلت الأيدي ونصبت نفسها قيمة على الأفكار والسلوكيات، هيئت كل الظروف والوسائل لتصنيع القائد الملهم والقائد الضرورة، المخلص محبوب الشعب، فحل الفحول وجامع العقول….(عبد الناصر)، (حافظ الأسد)، (صدام حسين)، ( معمر القذافي)، (زين العابدين بن علي)، (محمد زياد بري)، (علي عبدالله صالح) ((السيد القائد)) ناهيك عن الملوك والأمراء والسلاطين خلفاء الله على الأرض. وهنا يجب ان لا ننسى الدور السلبي الذي لعبته الجماهير او الكتل البشرية غير الواعية في إنتاج ودعم مثل هذه الديكتاتوريات وإسنادها وحين يتحدث فاضل الربيعي عن دور الجماهير في الثورة الإيرانية يقول :-

(( كيف ان القسم الأعظم من هذه الجماهير كان في الواقع مغرقا في الرجعية، وقد أعاد إنتاج الاستبداد من خلال اندماجه في مؤسسات السلطة القمعية الجديدة التي يهيمن عليها رجال الدين، وبالفعل فقد تحول الجزء الأعظم من هذه الكتلة الهلامية، أي، الجماهير، الى مصدر جديد من مصادر تهديد فكرة الديمقراطية والتحديث في المجتمع، هذه المرة لم يعد القادة الدينيين والتقليديين وحدهم مصدر التهديد؛بل أصبحت هناك كتلة كبيرة من الجماهير تعيش في قلب مهمتها التاريخية والوحيدة تأسيس الاستبداد باسم حماية الثورة)) 6ص 177 فاضل الربيعي

وهنا لم يكن ((المخلص)) الخارجي بعيدا عن هذا الواقع الاستبدادي ، لا بل كان احد صناعه مع ((المخلص)) الداخلي من اجل إعطاءه المبررات الكافية للتدخل المباشر العسكري ،وغير العسكري في شؤون هذه البلدان ، هذا ما حصل في العراق وما يحصل الآن في ليبيا وفي سوريا وفي اليمن……

ان رغبة التغيير يتبناها طرفين طرف يعمل من اجل بناء مستقبل ديمقراطي مساواتي متنور ، وطرف آخر يسعى الى استعادة ماض مفقود كما يذكر ذلك سمير أمين وهو يرى أهمية وجود طوباوية تدفع الجماهير على مواصلة الكفاح وتمده بالعزم للسير قدما لتحقيق أهدافه ولكنه يرى ان في هذا النضال ضد الواقع الرأسمالي المرير طريقان يختلف احدهما عن الآخر اختلافا جذريا حيث يرى محقا ان :-

(( هناك من يرفض الواقع الرأسمالي من زاوية مستقبلية فيريد ان يتجاوزها، وهناك من يرفضها(كليا او جزئيا) من زاوية ماضوية يريد ان يرجع بالمجتمع الى نموذج عصور سابقة..، ولن اخفي إنني اعتبر ان الأسلوب الأول يمثل طوباوية بالمعنى الايجابي للمفهوم، بينما الأسلوب الثاني يمثل طوباوية بمعناها السلبي))7 ص297

مما جعل الناس تنظر بحنين بالغ الى العهود السابقة ((الرجعية)) وتوجه الأنظار الى مخلص خارجي بعد ان فشلت كل محاولات التغيير الداخلي، هذا الفشل الذي لم يكن المخلص في أفغانستان والعراق وتونس ومصر وسوريا وليبيا وغيرهم على الطريق… لتدخل هذه الشعوب دائرة الأزمات المستدامة ،حيث يجد المخلص الخارجي ((أمريكا)) صعوبة بالغة في تصنيع طبقة سياسية موالية لها تحكم البلاد بأساليب ((عصرية )) قادرة على ارتداء ثوب الديمقراطية لستر عورتها وعجزها وتخلفها لأنها من مكونات مجتمع أهلي (طائفة وعشيرة وعرق) بسبب عدم وجود او ضعف وهزالة الطبقة البرجوازية الوطنية المنتجة وبالتالي الطبقة العاملة وحلفائها باعتبارها المتبني الموضوعي والشرعي للديمقراطية كما أوضحنا / مما جعلها تدخل في حلقة جهنمية من الفوضى ((الخلاقة)) والحروب الداخلية، وديمومة أزمة هيمنتها الطبقية وهذا الحال لا يخدم سوى قوى الرأسمال الخارجي ((المخلص)) والقوى العرقية والطائفية والعشائرية ((القطوازية المخلص الداخلي)) … وكما يرى سمير أمين ان قوى الرأسمال:-

(( ينظر بوقاحة الى ان تحل “نظم إسلامية” محل النظم الحاكمة حاليا إذا لزم الامر ، إذ ان هذه النظم ((الإسلامية)) المزعومة لن تمثل خطرا الا على شعوبها… ان خطاب الحركة الإسلامية المتطرفة ( والتطرف يزداد كلما قلت الانجازات الحقيقية) يعطي فرصة للاستعمار للمبادرة في عمليات عسكرية تدميرية شاملة (بما فيها محو الحياة في أقطار او مناطق بكاملها) إذا رأى ان ذلك “مفيدا”))8 ص285

وهذا طبعا ناتج كما سبق وان ذكرنا ، عن تغول وهيمنة البرجوازية الطفيلية المستهلكة المتخادمة مع الرأسمال الخارجي التي يقول عنها سمير امين في مصر وكذا مثيلاتها في بقية البلدان العربية ومنها العراق بعد الاحتلال في 2003 خصوصا:-

((البورجوازية فى مصر تابعة واستفادت فعلاً من الاندماج فى العولمة كما هى أي عولمة تابعة للولايات المتحدة والاستعمار المهيمن. وبالتالى هذه القوى رجعية على طول الخط ))

تسعى لخنق البرجوازية الوطنية المنتجة وبالتالي قتل الحامل الموضوعي للديمقراطية واللبرالية الا وهي البرجوازية الوطنية والطبقة الوسطى والطبقة العاملة وكل شغيلة اليد والفكر….. فبدا العمل من اجل دولة ديمقراطية حديثة بقيادة ((القطوازية)) كمن يريد ان يطلق صاروخا الى الفضاء الخارجي محمولا على ظهر حمار هزيل!!!!!!!!

نلاحظ ان أمريكا الرأسمال والاستغلال اتخذت قرارا ضمن خطة استراتيجة محسوبة يضمن هيمنتها على بلدان البترول وطرق التجارة ، ومضايق البحار ففي الوقت الذي أنهت دول الاستعمار التقليدي نفوذها وتواجدها العسكري المباشر، وخصوصا بريطانيا وفرنسا ونقل الهيمنة للولايات المتحدة الأمريكية، ساندت الأخيرة ودعمت الأنظمة الموالية لها بغض النظر عن طبيعة حكمها وظلمها وتسلطها على شعوبها، خصوصا أيام الحرب الباردة وقبل انهيار المعسكر الشرقي بقيادة الاتحاد السوفيتي كي لا تقع هذه البلدان تحت الهيمنة الشيوعية كما تدعي ، فصنعت منظمات وأحزاب وتكتلات بمختلف المواصفات وتحت مختلف الشعارات –اشتراكية قومية ،دينية لمقاومة المد الشيوعي، ولكن بعد انتهاء الحرب الباردة أخذت الولايات المتحدة تصاب بالقلق من عدم نجاح وعدم قدرة هذه القوى الحاكمة من الاحتفاظ بالسلطة والولاء للولايات المتحدة خصوصا في بلدان الطاقة والموقع الاستراتيجي ربما تذهب السلطة الى القوى الإسلامية المتطرفة او الى العدو الأخطر الذي بدت تدب فيه الروح والتوازن القوى اليسارية بمختلف أطيافها،هذا مما أدى بها الى تشجيع او غض النظر عن تنامي قوة المعارضة الجماهيرية العربية التي نزلت الى الشارع لللاطاحة بعروش الطغاة، ولكنها أخذت تعد الخطط وترسم السيناريوهات كي لا تفلت سيطرت مؤيديها ان لم نقل عملاءها على السلطة المقبلة برداء ديمقراطي براق ، فاخذت تثار المشاكل العرقية والطائفية والعشائرية بوجه ((الثورات))، هذه الانتفاضات التي بدأت سلمية سرعان ما تحولت في بعض البلدان – حسب تعاملها مع طبيعة القوى المنتفضة ونسبة راديكاليتها وقربها وبعدها من المعسكر الرأسمالي – تحول النزاع الى نزاع مسلح سينهك الطرفين ويسلم قياده في نهاية الامر للعقل الكوني المدبر ((المحرر)) الرأسمال الأمريكي وحلفاءه ؛ فرنسا وبريطانيا

وإسرائيل وتركيا، وهذا ما نلحظه في ليبيا وسوريا بشكل جلي واضح، مسنودا من قبل شركات واحتكارات إعلامية عملاقة في كل العالم ومنه العالم العربي حيث الجزيرة والعربية وقنوات وفضائيات اخرى….وقد كان المفكر الكبير سمير امين على ق تماما حين يقول :-

((ويدخل ضمن هذه اللعبة الخبيثة استخدام الإرهاب والقاعدة لإبقاء الأوضاع على ما هى عليه. باسم “محاربة الإرهاب” ومنع الانتفاضات والحركات الشعبية من إنجاز تغييرات محسوسة بتحويل الرأي العام إلى قضايا أخرى. ولعله سوف نعلم بعد خمسين عاما أن أسامة بن لادن كان مقيمًا فى الولايات المتحدة وأنهم يخرجوه من وقت إلى آخر وفى اللحظة المناسبة لإلقاء البيانات التي تعطيها تبريرا للتدخل العسكري هنا أو هناك! لا ينفى ذلك سير بعض الناس المُضللين وراء هذه الشخصيات او الحركات وهو أمر طبيعي فى الحركات من هذا النوع. لكن القيادة فى الطرفين، الولايات المتحدة من جانب، والحركات السلفية المتجمدة من الجانب الآخر، واعية تماما بما تفعل))

الم يحصل هذا السيناريو في العراق ما بعد الاحتلال ، فالولايات المتحدة الأمريكية ربما تميزت بميزة ربما لم تكن لأي من الدول الاستعمارية في العالم من قبل،حيث جلبت معها با لاضافة الى العدد والمعدات ومؤازريها ، كذلك جلبت -القاعدة وما شاكلها من منظمات القتل والسلب والنهب -معارضتها المسلحة المصنعة على مقاسها والمبرمج عقلها حسبما تريد وترغب ، من اجل خطف خيار الشعوب للمقاومة الحقيقة بعد أن لوثت هذه الصنيعة القذرة سمعة المقاومة ، فقد وضع المحتل الخيط الابيض والأسود في غرفة حالكة الظلام مقفلة الأبواب …. فتعذر الحكم والتمييز!!!

 

لحين التاريخ نفتخر بما بذله أجدادنا وآبائنا في الكفاح والثورة- ثورة 1920 – ضد الاستعمار الانكليزي، ولكننا ننظر بعين الريبة والشك وحتى الرفض والعداء لمن يدعي المقاومة للاحتلال في الوقت الحاضر، هذا المستعمر الذي رفض ان يسمي نفسه محررا بل محتلا، ووفر لنا مبررات المقاومة، وهو حق لكل شعب يتعرض للاحتلال، ان هذا حدث لان المقاومة الاولى انبثقت من رحم الشعب العراقي بمختلف قواه وأطيافه، فلم يشهد تاريخ هذه المقاومة للاستعمار الانكليزي ،قتل الأبرياء وتفجير الساحات واختطاف او اغتصاب النساء وووو مما يحدث ألان من قبل ((المقاومة)) المصنعة المجلوبة على ظهورالدولارات الامريكية والريالات الخليجية .

لذلك يتوجب عدم الانجرار الى العواطف والانجرار وراء الإعلام المظلل والانخداع بالدور التحرري للولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها، وهذا لا يعني أيضا الخضوع والخنوع للحكومات الاستبدادية الديكتاتورية المتسلطة بل نتمسك بشعار واضح ((لا احتلال ولا ديكتاتورية))، الرفض المطلق للتدخل العسكري والمخابراتي لأمريكا وحلفائها لنقع في المحظور كما هو الحال في العراق وأفغانستان ، لا يمكن ان نهرب من شرور الكلب الهائج لنحتمي بعرين الذئب المسعور…………………. في حديثه عن مستقبل الثورة في مصر يقول سمير أمين:-

((أعتقد وربما أكون متفائلاً في ذلك أن هناك نوعًا من التعاطف التلقائي بين الشبان ومجموعات اليسار لأن هؤلاء الشباب يساريون في نهاية الأمر بإيمانهم بالديمقراطية الصحيحة وعداءهم للاستعمار وتوجههم الاجتماعي إن لم يكن الاشتراكي. ولذلك أرى أن التفاهم بين اليسار الراديكالي والأغلبية الكبرى من الشباب يمثل جوهر وأساس مستقبل الثورة لأن المستقبل بيد هؤلاء الشباب.))11 الحوار.

وواضح هنا ان سمير أمين يعول كثيرا على قدرة اليسار الجديد في كسب ود الشباب الثائر والذي بحكم تطلعه للحرية والعدل الاجتماعي فهو يساري النزعة والتوجه…

نعم ثورة مصر في خطر والثورة في تونس في خطر أما ليبيا فهي قد دخلت في مأزق خطير ثمنه حريتها واستقلالها ودمار اقتصادها، وقد تنحى سوريا نفس المنحى الليبي ان لم تفلح القوى اليسارية والديمقراطية قي تحقيق تغيرات جوهرية في بنية النظام من خلال مؤتمراتها الحوارية الحالية وبذلك تقطع الطريق على القوى المتطرفة او حاملة الأجندات الخارجية ، و إجبار النظام لإعطاء التنازلات وتامين طريق سلمي للانتقال للديمقراطية،وربما لبنان ووووو انه عالم متشظي قابل لكل الاحتمالات..

وهاهي الحال الماساوية ماثلة للعيان في العراق ، حيث استاثرت الطبقة الحاكمة بالثروات والمناصب ، واستهترت بكل المباديء الوطنية والانسانية وحتى بما اسمته بالدستور المكتوب من قبلها …..الان ثار البركان الذي وقد لايحمل سوى نيران الحرائق ودفن معالم الحضارة ، وليس بالضرورة يخلف سهلا خصبا مورقا بالخضرة والثمار النافعة ـ بسب قيادته من قبل شركاء الطبقة السياسية الحاكمة نفسها ، وهلامية الكتلة الجماهيرية المساندة وتقديسها للشخص ، وتبادلها الولاء بين لون وشكل العمائم واحدة باخرى !!!!

هل نستكين وننتظر التبدلات والتحولات في العالم الأول ((المخلص الخارجي))؟؟؟

وفق ما سبق عرضه سيكون الاستنتاج المنطقي ان لاحل لأزماتنا دون ان تحل أزمة مخلصنا الخارجي ((العالم الرأسمالي)) المتطور وخصوصا الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وهذا الامر يبدو ليس قريبا في الوقت الحاضر… فهل يعني هذا ان تستسلم شعوبنا لقدرها وتنتظر الفرج من خلال رحيل سلطة الاستغلال والاحتلال من العالم الأول ، وهذا التغيير الذي لا يأتي عن طريق صحوة الضمير المفاجأة لطبقته السائدة النهمة للمال والسيطرة والاستغلال ،وإنما يفترض ان يكون هناك حراكا جماهير للأغلبية المسلعة والمخدرة والمخدوعة في العالم الرأسمالي حين تمتطي صهوة شوارعها وميادينها وتنادي برحيل هيمنة الطبقات الاستغلالية من على كراسي الحكم والسيطرة وذلك عن طريق التغيير الجذري للخيارات في الأوراق الانتخابية، فالانتخابات أصبحت الطريق الأوحد والأسلم للوصول للسلطة والحكم ، هل سيأتي الفرج حين تتم عملية عزل الحزب الديمقراطي والحزب الجمهوري كنخبة الطبقات الرأسمالية والاحتكارات في الولايات المتحدة الأمريكية وصعود رموز وأحزاب جماهيرية جديدة تمثل الطبقة الوسطى وطبقة شغيلة اليد والفكر متضامنة مع القوى العقلانية المتنورة الرافضة للاستغلال الرأسمالي ولما تنتجه الرأسمالية الفجة من دمار وخراب للطبيعة والبيئة والثقافة ، مما يهدد العالم بالدمار الشامل لسكان الأرض عموما.. فتنتصر للشعوب المتخلفة والمقهورة، تمد لها يد العون التكنولوجي والمالي وتنتشلها من مستنقع الاستهلاك المدمر الى عالم الإنتاج المثمر..

هل ننتظر ان تكون الأمم المتحدة برلمانا عالميا للشعوب وليس للحكومات وخصوصا صاحبة (الفيتو)) لتتحول الى قوة فاعلة لتشريع القوانين بما يخدم سلام البشر ورفاههم وأمانهم دون تمييز على أساس الدولار والعرق او القومية والطائفة والجنس.

وهذا لا يكون الا ان تكون البرلمانات الوطنية والإقليمية والقارية تعبر تعبيرا حقيقيا عن إرادة الشعوب والطبقات الأكبر وليس بنخبة تحرص على تمثيل أقلية أصحاب الثروة والنفوذ ورعاية مصالح أصحاب رؤوس الأموال….كما هو الحال في العراق اليوم

تبدو هذه الآمال والطموحات غاية في الصعوبة او إنها أحلام طوباوية في ظل الواقع العالمي الحاضر بقيادة القطب الواحد هذا الذي يحول دون بناء مجتمع إنساني متكامل متضامن متصالح ، ولكنه في نفس الوقت هو احد عوامل تسريع تفجر الأزمات التي تعصف بالعالم ويطالب بإيجاد الحلول والبدائل.. ان العالم الآن يدور ويمور في أزماته الاقتصادية والمالية واشكالياته وكوارثه البيئية والطبيعية ،وهو يفتش عن بديل يجنب العالم الخراب والانهيار التام….

ان حل هذه الأزمة في بلداننا يتطلب وجود حركة وطنية سياسية تعي لاوعيها المتضمن مفاهيم وسلوكيات التخلف، بسبب موضوعه المتخلف ، فتطرد أشباحه وإيحاءاته الما قبل حداثية، فتعمل على تبني الأساليب والآليات الديمقراطية الواعية في الحكم وتملك القرار المتبنى من قبل الأغلبية الشعبية في تفعيل حالة القطع مع المهيمن الرأسمالي الاحتكاري ((المخلص الخارجي)) في الوقت الذي تقوم بالرعاية والعناية والدعم للطبقة البرجوازية المنتجة وتخليص قوة العمل من حالة الشرذمة والتفتت لتكون طبقة منتجة، وبذلك تعمل على خلق مجتمع منتج وليس مستهلك مستفيدة الى أقصى حد من العقلانية والتدبر الاقتصادي الرشيد من موارد البلد المالية وخصوصا الثروة النفطية الوطنية الكبيرة، لتسد بذلك احد عوامل التقدم الصناعي الا وهو توفر المال الذي باستثماره عبر توظيف قوة العمل الماهرة والمتيسرة الى رأسمال منتج، وهنا لا نغفل الاستفادة من الدعم الغير مشروط من قبل الدول الصناعية المتطورة في النهوض بالواقع الصناعي والزراعي والخدمي والثقافي وخصوصا الدول التي لا تتطلع لاستعمار الشعوب مثل الصين والهند واليابان واغلب بلدان أوربا الشرقية والغربية، خصوصا وان هذه البلدان هي بأمس الحاجة الى البترول ، وهي تمر الآن بأزمة اقتصادية خانقة يمكن ان تحصل بلداننا وخصوصا العراق على أفضل الخدمات والخبرات والتكنولوجيا المتطورة بأنسب الأسعار وبأيسر الشروط للإعادة وتجديد بناه التحتية……. وكما ذكر سمير أمين :-

(( لن يخرج الوطن العربي من هذا المأزق المقبض الا إذا تكون قطب ثالث قوي، موجود فعلا في الساحة، مستقل عن قطب الحكم وعن قطب المعارضة ((الإسلام السياسي)) .فإعادة تكوين اليسار بهذا الشكل أحياء مجتمع مدني صحيح يمثل ركنا أساسيا في عودة الوطن العربي الى مسرح التاريخ واستعادته طابع الفاعل على المسرح))

هذا الامر يتطلب وعيا شعبيا جمعيا وطنيا داعما ومساندا ومتفهما لتوجهات الطبقة السياسية الحاكمة، وقبل ذلك مالك الإرادة والقوة في إيصال هذه الطبقة ((التكنوقراط الوطني)) لسدة الحكم عبر صناديق الاقتراع وعدم التفريط فيها لصالح القوى الطفيلية واللا وطنية المتخلفة، وهذا بدوره يتطلب في جزء كبير منه ان تكون هذه ألطبقة بمستوى مسؤوليتها وتمتلك القدرة على الإقناع عبر البرامج الواضحة التي تصب في مصلحة الوطن والمواطن، تمتلك عقلا سياسيا مقتدرا ومتمكنا من اتخاذ القرارات والخطط الناجحة والفاعلة المتبناة من قبل قاعدتها الشعبية العريضة ، المستفيدة الاولى من التحولات والإجراءات السياسية والاقتصادية والثقافية في البلد المعني…. وان تأخذ زمام المبادرة من تيار الدين السياسي الذي لا يملك خططا وبرامج علمية وعملية لانجاز عملية بناء دولة الحداثة والمؤسسات الديمقراطية على فرض ان قسما لا يستهان منه يسعى لذلك بحكم ضغط جماهيره الفقيرة المهشمة العاطلة عن العمل والمقصية عن دور العلم والمعرفة، حيث ان هذا التيار لا يحمل سوى منابره كمنصات يطلق من خلالها صواريخه الأخلاقية التي ينتهي مفعولها فور إغلاق ميكرفونه لتتساقط هذه الصواريخ عند أقدامه، بسبب قوة جذب النزعات الاستهلاكية ومصداتها السحرية الفاعلة ضد أي تحول في فكر وسلوك مستعبديها في عالم الإغراء والاحتواء لمن تقذفه آلة العمل المنتج خارج منطقة تغطيتها….. مما يستوجب ان تدرك قوى الثورة بكافة أطيافها على الاستمرار بالثورة وحمايتها من أعدائها وهي الآن على مفترق طرق كما يذكر الأستاذ غازي لصوراني:-

((في مجابهة أجهزة النظام من ناحية، وفي مجابهة عناصر وقوى الثورة المضادة وفي هذا السياق نحذر من أن الانتفاضة العربية عموماً ، وفي تونس ومصر خصوصاً ، تتعرض لمفترق طرق يهدد حاضرها ومستقبلها ، ما يؤكد على أنه ليس أمام هذه الانتفاضات وقياداتها الوطنية الديمقراطية ، سوى الاعتماد على الجماهير وتأطير صفوفها وتحشديها من أجل إثبات إرادتها وتحقيق أهدافها ، وذلك يتطلب الآن مزيداً من التظاهر والاعتصامات الدائمة الأسبوعية والبلطجية الذين افرز تهم الأنظمة ، خاصة النظام البائد في مصر ، ومن هنا أولوية المبادرة الفورية لتأسيس وبلورة الائتلاف الديمقراطي في إطار جبهوي يضم جميع القوى الديمقراطية إدراكا من الجميع ان مستقبل شعوبنا يكمن في تكريس النظام الحر الديمقراطي سياسيا واجتماعيا ، فلا مستقبل لكل من يتعارض او يتناقض مع هذه الرؤية))

وباتالي يمكننا ان نقول ان ما يحدث في الوطن العربي عموما وفي العراق خصوصا ألان هي((فورات )) وليست ((ثورات)) كما يطلق عليها الآن ، تجذرها لتصبح ثورة او تدهورها لتصبح ردة للخلف مرهون بطبيعة فعالية الطبقات والشرائح الاجتماعية الداخلة في حلبة الصراع القائم، مما يصعب الآن التكهن بنتائجه وتحولاته … لكن المؤكد ان إشكال الحكم السابقة لا يفتح لها الباب ثانية ، وان عادت او تعود بوجوه او أساليب شتى فهي لا يمكن ان تنعم بالاستقرار والثبات على كرسي الحكم، ولاشك ان لكل قطر عربي خصوصيته في طريقة وشكل تطور الأحداث الدائرة فيه. ويجب العمل على حشد كل القوى المؤمنة بالديمقراطية وتسعى لبناء الدولة المدنية الحاثية لمواجهة المخاطر القائمة والمقبلة التي تحاول سرقة ثورات او انتفاضات الجماهير كما ذكر ذلك الأستاذ غازي لصوراني في إجابته على سؤال ما العمل ((ان النضال من اجل إسقاط رؤوس وأنظمة الاستبداد وبناء النظام الديمقراطي الخالي من كل أشكال الاستغلال هو في نفس اللحظة نضال من اجل إلغاء علاقات ومظاهر التبعية للنظام الامبريالي وحليفه الصهيوني، وإذا كان الأمر كذلك، فان من واجبنا أن نطرح مجدداً السؤال التقليدي: ما العمل؟ … ما هي العملية النقيض لذلك كله؟ إن الإجابة عن هذا السؤال تستدعي مسارعة كافة القوى الديمقراطية من يسارية ووطنية وليبرالية وعلمانية ، المعنية بتحقيق الأهداف الكبرى للانتفاضة ، الى المبادرة لتأسيس ” جبهة ديمقراطية ” تضم كافة الأحزاب والتيارات والائتلافات الشبابية والمهنية تحت شعار إسقاط رؤوس وأنظمة الاستبداد والقمع والاستغلال، وتأسيس النظام الديمقراطي الجديد من خلال ”هيئة تأسيسية” تجسد الشرعية الثورية، وتبدأ بمحاكمة رموز النظام ، ومحاكمة كل من أسهم وشارك في قتل الثوار ، شامل وموضوعي لكل مؤسسات وأجهزة حكومة النظام المخلوع وكافة الأجهزة والمؤسسات المنبثقة عنه في المجتمع))14 الحوار المتمدن 3421 في 9-7-2011

ننتظر ما ستجلبه الايام القادمة من تطورات للاحداث ، فهل ستتم عملية ترقيع مهلهل للطبقة السياسية ((الاقطوازية)) الحاكمة وفق المحاصصة العرقية والطائفية والتستر على مفاسدها وجهلها وفشلها ، او ان تنحوالانتفاضة الشعبية نحوا وطنيا ديمقراطيا نحو قيام دولة المواطنة الحقة عابرة للطوائف والاثنيات …….

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.