كـتـاب ألموقع

من أجملِ ما قرأتُ (النص السادس)// سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

من أجملِ ما قرأتُ (النص السادس)

بِيقينٍ مُسْتدامٍ، أطرُقْ أبوابَ من بِيَدِهِ الأمرَ كله

سمير محمد ايوب

الاردن

 

زوجةٌ، تحكي قصتها فتقول: كان زوجي شاباً وسيماً مليئاً بالحيوية، ذا دينٍ وخلقٍ وبارَّاً بوالديه. حين تزوجنا، لضيق ذات اليد، سَكنَّا مع والديه. رأيت هناك من بِرِّهِ بهما، ماجعلني أحمد الله أن رزقني به زوجا.

 

ذات يوم وقد بَلَغَتْ إبنِتنا الوحيدة الرابعة من عمرها، كان في طريقه إلينا عائدا من عمله. تعرض لحادثِ سَيرٍ. أدْخِلَ إثره المستشفى في حالة غيبوبة. أعلن المعالجون بعدها وفاته دماغيا.

 

كنا نتناوب على زيارته يوميا، وهو على حاله بلا تحسن. بعد خمس سنين، أشار البعضُ عليَّ، أن أطلقه قضائيا، كحالة ميئوس من شفاءها. رَفَضْتُ الأمر رفضا قاطعا، وطَلَبْتُ أن يتركوه لي حتى يفعل الله به وبنا ما يشاء.

 

ركزت الكثير من إهتمامي على تنشئة أسماء إبنتنا الصغيرة. أحمد الله أن وفقني في تربيتها. حتى باتت حافظةً لكتاب الله، ذات دينٍ وخُلُق. كانت تذهب معي لرؤية والدها. ذات يوم قالت: أتركيني يا أمي أنام الليله عند أبي. بعد تردد وافَقْتُ.

 

فتقول إبنتي:

جلَسْتُ بجانب سرير أبي. أقرأ سورة البقرة حتى أتْممتها. وقد غلبني النعاس، فنِمتْ. إستيقَظْتُ وإبتسامةٌ تومِضُ على وجهي، وقلبي مُطْمئِن. توضأتُ وصليتُ ماشاء الله لي أن أصلي. حتى غلبني النعاس مرة أخرى، فنمت. وسمعتُ في منامي هاتفاً يقول لي: إنهضي، كيف تنامين وهذه ساعة إجابة، لايرد الله فيها عبدا داعيا. فنهضتً ونظرتُ إلى أبي، وعينايَ دامعتين وقلت:

 

يارب، يارحمن، يارحيم، والِدي عبدٌ من عبادك، أصابه الضُرُّ. صبرنا وحمدناك وآمنا بما قضيته له.

 

يامن شفيتَ أيوب من بلواه، ورددت موسى لأمه، وأنجيت يونس في بطن الحوت، وجعلت النار بردا وسلاما على إبراهيم، إشف أبي مما إبتليته به. أُلطُفْ به، وارفع عنه البأس.

 

ثم غلبتني عينايَ ونمتُ قُبيلَ الفجر. فإذا بصوتٍ خافتٍ يسال: من أنتِ، وماذا تفعلين هنا؟ فنهَضْتُ مُتلفتةً، فلم أجد أحداً. تكرر السؤال. فإذا بصاحبِ الصوت أبي. ما تمالكتُ نفسي، إحتَضنْته فرحة، وأنا بلا وعيٍ أردِّدْ: أنا أبنتك أسماء. ضَمَني وإبتسم باكيا.

 

خرجتُ إلى أطقم المناوبة، أخبرتهم فأتوا مهرولين. ولما رأوه تعجبوا مرددين: سبحان الله. سبحان من يُحْيي العظامَ وهي رميم. وأبي لايعلم مالخبر، حتى أخبرناه بما حصل له. فبكى ووهو يردد: الله خير الحافظين. وهو من يتولى الصالحين. كل ما أذكره، انني كنت قبل الحادث بقليل، قد انتويتُ التوقف لصلاة الضحى، فلا أدري بعدها إن كنت قد صليتها أم لا!

 

تُكمل الزوجة قائلة: بعد طولِ غِياب، عاد إلينا أبو أسماء من مِحنته. رَجَع كما عَهِدْته. ورُزِقْنا بِولدٍ لله الحمد. ولدنا عطية، يخطو الآن في السنة الثانية من عمره.

 

الاردن – 19/8/2017