اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

في حوارٍ معها (الجزء الثاني والعشرين)// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

في حوارٍ معها (الجزء الثاني والعشرين)

د. سمير محمد ايوب

الاردن

 

عالله تعود ...

حفيدةٌ لي صبية جميلة رقيقة ، شاركتُها ليلة البارحة، ذكرى ميلادها السابع عشر. وهي تقدم لي قطعة الحلوى وفنجال قهوتي، قالت مبتسمة: لو سألتك يا شيخنا، من أين تبدأ ذاكرتك،  ماذا تقول؟

 

فرِحتُ لِسؤالها، لأن إجابة طلبها، ستمنحني بالضرورة صخبا أقل، من ألاحفاد المتقافزين حولنا. ما أن هدأ الضجيج إلا قليلا ، وإنتبه أغلب الحضور قلت:

 

هناك، بعض الأماكن والأزمان والأفعال، نمر بها فنشم رائحة الماضي. وكأنها تُعيد الزمن إلينا مجزءا حائرا. من حواف الأمس يا إبنتي تبدأ ذاكرتي دائما. ففيه أطياف بداياتي، وسيروراتها التي لا تنتهي. تلوح دائما من بعيد، تلحق بي بعذوبتها . إن حضرت لها طلاوة. وإن غابت أشرقت وأطربت. أحبها جدا ألف حب وحب، ولا أكتفي.

 

تابعتُ قولي والضجيج يقل ويقل: سأحدثكم الليلة عن شئ ما إعتاد، أن يحضر وحيدا بدونها. يغشانا إن حضر ونحن في الغياب، كالبرق الممهد لرعد. من براعة طقوس ما سأحدثكم، سيقهقه كل من شاب شعر رأسه، وملأت التجاعيد وجهه، بعد أن إغترب في الزمن مع رحلة العمر. لأنه يكون قد عاشه بالفعل كطفل مناكف ،أو كصبي مشاغب ، أو عاش مُراقِبا على ضفافه.

 

وصغار أحفادي ملتفون حول رقبتي وكتفي، وأصابعهم تداعب غوطة الفضة على رأسي، والكبار على السمع ، قالت متعجلة متلهفة صاحبة الحفل: هيا يا جدي، نحن في الإنتظار . أثرت فضولنا وشوقنا . وهاهي قهوتك كما تحب.

 

قلت مقهقها : لمَّا كُنا إزغار ، كنَّا نكرهُ الحمّامْ  . بالكم بتحزروا ليش؟

 

لأنو أمهاتنا الله يِرحمْهن، وأسأل الله أن يطيلَ بعمرِالعايشات منهن، كانِنْ لمَّنْ بِدْهِنْ يِحَمِّمْنا ، يِعذِّبْنا تعذيب ، وين مِنّو تعذيب الصهاينة والمتصهينين.

 

الله العليم ، كانت لما تقولي أمي: قوم عالحمّام ، أنصرِع من الخوف .إ تقولْ بِسْ محشور بغرفه.

 

تبدأ رحلة العذاب من تِشليحْ الأواعي. وهيِّ إتشلحني الكنزة ، تقول بِتِنتّْفْ بِريش جاج . وآذاني كل أذن بجهه.

 

طول ما بتِتْحَمَّمْ بِدَّك إتظل قاعد قرفصة.  طيب يا حجه والله رجليّ وَجّعوني.

 

عالسريع بِتناولني كف. وبتقولي سكّر أثمّك.

 

بالنسبه للميّة، لازم تكون تحت درجة الغليان بِنِتْفِة. بتستجديها: يا يُمَّا لحمي ذاب (انلهط) !! بيجي الكف الثاني.

 

لمّا تُفرك راسي، اقسم بالله تقول بِتُفرك بمصباح علاء الدين او صلاح الدين (ما عدت عارف) عشان إتطلّع المارد اللي فيه. وراسي بِلولِح يمين ويسار. إتقول دالية في أيام الشتا.

 

والمشكله لما ينزل صابون عَوِجهك، وبِدْها إتقيمه بتغير ملامح وجهك. غير حرقة العينين. المشكله إنها الصابونة (المفتاحين أو الجمل) أقسى من الحجر. والفرك بيها تطريح او مثل رصع الزيتون.

 

نيجي لعند ما تمسك خشمك، وتقولك "نِنننفففففف" بتصير إتْنِفْ من آذانك. لأنه كل مجاري التنفس عندك صارت إمْسَكَّرَة

 

عند التلييف، بتمسك الليفة وبتفركها بالصابونة وهي إتْلِد عليك. تقول جزار بِسِنْ بسكاكينه للذبح، طبعا ربنا حامينا. والا فركها للجسم بجيب شلل رباعي. طيِّبْ هدّي إشويّ يا حجه، أنا حاسِسْ كأنك بِتُبِشري بجبنة. ما بتحس إلا بكف عشوائي.

 

طبعا الحمام بالدور. والكبير قبل الزغير. ولما أسمع أخوي الكبير ببكي وهي بتحممه ، أنا بصير سلف ، أبكي من الخوف.

 

بعد الحمّام، بِتِطلّع عحالك في المراية، والبخار قاعد بطلع من جسمك، بتحس إنك طنجرة ضغط مفتوحة. الأصابع مجعلكات، ولون جسمك أبيض وأحمر، من كثر الفرك.

 

تعال لتلبيس الأواعي، راسك قد قبة البلوزة خمس مرات، وبدها إتْفَوِّت راسك خاوه. بتلبس أول بلوزه وثاني بلوزة، ويا ويلك إذا فَلَّتِتْ الكم، لما تقولك اقبظ كمّك مشان تلبسك لبلوزة الثانية.

 

نيجي لتمشيط الشعر، وحفاظا على تنظيف الراس من القمل والصيبان، بتغرز المشط براسك، وببلش لِحْراث. وطبعا في إحتمال إنه أسنان المشط يوصلو مخك.

 

إيييييييييه، الله يرحم هذيك الايام. مع حمام الغاليه، ولا يهمك،  لو انك صومالي بتصير أبيض.

 

الاردن – 17/10/2017

 

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.