كـتـاب ألموقع

ومن أجمل ما قرأت (النص 33– بتصرف)// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

ومن أجمل ما قرأت (النص 33– بتصرف)

د. سمير محمد ايوب

الاردن

 

إمرأة تحت الإنشاء

عندما وضَعَتْ زوجتى أولى بناتنا، قالت بعد أن تعافت من آلام الولاده: مبروك لك زوجي العزيز. بات عندك الآن إمرأتان. الأولى جاهزة هي أنا، والثانية تحت الإنشاء. ساعتها لم ألْقِ بالا لقولها. مكرسا جل جهدي لرعايتها.

 

في العيد الأول لميلاد إبنتنا، كررت زوجتي قولها بشكل أخر: لقد أتممنا اليوم يا عزيزي، وضع حجر الأساس لإمرأتك التي تحت الإنشاء .إستوقفتها وسألتها عما تقصد، بقولها تحت الإنشاء؟

 

قالت وقد إعتدلت فى جلستها: تبدأ صناعة المرأة السويّة يا عزيزي، منذ اللحظة الأولى لولادتها. والأم العاقلة، هى مَنْ تعتبر طفلتها مشروعَ إمرأة ناضجة، ولكن تحت الإنشاء. بنيان يستحق ما يُبذل فيه من جهد. المرأة التي تخطيء في بناء مشروعها الأنثوي، سوف تُفْسدُ إمرأة، وتُتْعِسُ زوجاً، وتُشْقي أبناء. وقد يطال الفساد مجتمعها بأسره.

 

الأم الغبية، هى التي تفترض أن صناعة المرأة، لا تبدأ إلا عندما تظهر على جسدها دلائل الأنوثة. فلكلّ سلوك أوان تُعَلِّمَه لإبنتها. لو تأخر عنه لما أمكن التعلم. فالأسبوع الأول من الميلاد هو للتعلق بالروح. والثانى للتعلق بالأيدي. والثالث للتعلق بالعينين. والسنة الأولى للتعلق باللفظ. والثانية للتعلق بالحركة. والثالثة للتعلق بالتفاعل مع الآخرين. والعشر سنوات الأوَلْ للتعلق بالفكر. والعشر الثانية للتعلق بالعواطف.

 

وبين كل تلك السنوات، أيام وساعات لا تمر منها لحظة، إلا وتتعلم المرأة "الطفلة" فيها شيئاً.

 

عند هذا الحد شعرت برعشة قوية تسرى في أوصالي. وسألت نفسي في عجالة: أتكون صناعة المرأة، بكل تلك الصعوبة، وتستغرق كل هذا الزمن؟ 

 

إستطردت زوجتى متسائلة: وهل تظن أن المرأة المُشْبِعَة لزوجها، يمكن أن تكون صناعة تلك الشهور، ألتى تلي خطبتها، وتسبق زفافها وحسب؟ ألا تعرف أن إشباع المرأة لزوجها، هو سلوك له جذوره فى طفولة رضاعتها المبكرة؟

 

أتستكثر يا عزيزي بعد كل ذلك، أن تكون طفلتنا هى مشروع (إمرأة تحت الإنشاء) ، لا يحين وقت تسليمه لمن "سيسكنه"، إلا بعد عشرين عاماً، من البناء والتشييد والتجميل والتزيين والتأثيث؟ ألا تسعد عندما يصبح حفل التسليم مناسبة للشد على اليد وتقديم آيات العرفان لتلك "المهندسة" التى أشرفت على الإنشاء، ولذلك "المقاول" الذى تابع صناعة المنشأة خطوة خطوة؟ ألستَ مقاولاً تموّل الإنفاق وتتابع تنفيذ التوجيهات.. بينما أنا مهندسة تنفيذ "العملية" على النحو الذي أراده لها المقاول الناجح الشاطر..؟

 

تركتني زوجتي نهباً للتفكير في إجابة لسؤال أحسبه عويصاً: هل مثل تلك الصعوبة التي تعانيها الأم والأب في صناعة الأبناء، هو الذى جعل "الجنة تحت أقدام الأمهات"؟ وهو الذي هيأ قصراً فى الجنة، للرجل الذى يحسن تربية ثلاثة بنات، أو اثنتين، أو واحدة!!!

 

الاردن – 13/11/2017