اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

عشوائيات فكرية للتأمل (العاشرة)// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

 

الموقع الفرعي للكاتب

عشوائيات فكرية للتأمل (العاشرة)

الدكتور سمير محمد ايوب

الاردن

 

الحُبٌّ المُنْهِكْ

صعبٌ حدَّ الإبتلآء، أن تكونَ مُتورطاً بحبٍّ مُنهَك، مع حبيبٍ مُنهِكِ. تتأمله، فتكتشف متأخرا، أنه غير قادر على مُبادَلتِك. تجدُه قادرًا على الكثير، إلاّ أن يكون ميناءً يؤويك ويقيك، أو شِراعاً تُبحر معه. أو كَتِفا تُرخي عليه رأسَك، أو حتى صدراً تُفرغ في ثناياه أثقالَك.

 

إنْ كنتَ مُثقلاً بحبٍّ مَريضٍ كهذا، كُنْ مُستعدّا لإستبدالِ شغفٍ مُستحيلٍ بحصارٍ خانقٍ لِتفاصيلك، ولَفحِ شكٍّ مُعاتِب، ونَقٍّ مُجافٍ، وضراوةِ تَمنين، وتطاولِ ويلاتِ التشاكي، ووصلات التباكي. إنْ تَورطَّتَ بهكذا حُب، كُنْ مستعدّا للتقليبِ ذاتَ اليسار وذاتَ اليمين، كَفِتْيَةِ الكهف ولكن بفوضى، على لفحِ عَبثٍ غيرَ خلاق، ولِجُرمِ إرتكابِ رحيلٍ حلال ، أو تماوتٍ مؤقتٍ مشروع.

 

ليس للحبِّ المُتْعَبِ، تضاريسٌ قطعيةٌ على رقعة القلب أو الروح، لتتعرفَ على إحداثياته. إنّه مخاليط وأغاليط، تسري دون أن تدري بمرارةٍ ، لها رغم أنفك، طُعم ولون ولها رائحة.

 

الحب المُنْهِكِ غريبٌ عجيبٌ. لا يستجيب لقوانين المنطق، ولا لجاذبية الفهم والتفهم، أو التوبة والمغفرة والتسامح ، أو المعاني الحديثة لغض النظر. إنّ الدهشة أو الرضا في هذا النمط من التحاب إستثناء. لا نفسٌ مطمئنةٌ في لُجَجِهِ، ولا نفس راضية أو حتى مَرضِيَّة. لا تستطيعَ أن ترحل تاركا إيّاه وراءَك. فهو يسكن بعناد، مناطقَ مأهولةٍ بِدواخِلك . مُصرَّا على أن يكون رائدا في زيادةِ رصيدك من الخيبات.

 

الحب المُتْعِبِ، خلطة مميزة من تراجيديا وكوميديا، لا تلد إلا وعكات ووجع غير مشروع. لأنه تدافعٌ وإرتطامات ومغالبة، بين عُقَدٍ نَشِطَةٍ مُتَطاوِلَةٍ، خارجَ سياقِ الخطايا والفضائل والأسباب. تَستبيحُ مساراتك. تُمَزِّقك إربا. تُخَلْخل رواسيك. وتجعلك آيِلاً لِسقوطٍ مُدَوٍّ ، وعليه شهود وَهْمٍ كما يقولون.

 

إصْمِتْ قانِطا لا راجيا من شيءٍ، بِتَّ تَحفظُ ظَهرَ غَيْبِ، تعقيداتِ مُرَكَّباتِه،  ولا تفهمها. حَمْلِقْ فيه مخذولا بدهشةٍ بَلْهاء. ثُمَّ تَقيأ شيئا من بقايا خطاياك. تكن محظوظا إن دفنتها ، عَلَّها تَتَحَلَّلْ.

 

الآردن – 9/4/2018

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.