اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

إحِسْبوها صَحْ..!!// د. سمير محمد أيوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد أيوب

 

لقراءة مواضيع اخرى للكاتب, اضغط هنا

إحِسْبوها صَحْ..!!

إضاءة على المشهد الإجتماعي

د. سمير محمد أيوب

 

علي بِنْ عمر العيسى، خريج جامعي حالته المادية بسيطة. هو واحد من أي حيٍّ عربي متوسط الحال. مؤمنٌ حتى النخاع، ومُصدِّقٌ من قماقير قلبه وتلافيف عقله، أن الزواج تحصينٌ للشباب. واعٍ أيضا ،أن صراعنا الوجودي على الأرض مع الصهاينة، يتسع يوما بعد يوم، للصراع الديموغرافي الشرس.

 

ما أن أتم علي الثلاثين من عمره، أحبَّ أن يُحَصَّنَ فَرْجَه. وأن يَحفظَ نفسه بإستكمال دينه. وأن يُنْجِبَ ما يمكنه من أولاد وبنات ، ليسهموا بمطاردة العدو في أي مكان. من يوم ما نضج وَعْيُ علي، وهو يسمع من المشايخ: تزوجوا تناكحوا تناسلوا. من إمتلك الباءة فليتزوج. وأن اكثر النساء بركة، أقلهن مهرا.

 

لم يكذب علي الخبر. سارع لسؤال شيوخ الأزهر والنجف، وسأل خوارنة وقساوسة ورهبان من كل الكنائس: ما تعنون بالباءة يا أسيادنا؟ وكم هي هالباءة يا مبجلين؟ خلاصة ما فهم منهم قدس الله سرهم، أن  الباءة هي المهر المعجل. ومن الممكن أن يكون المهر شق تمرة، أو حتى قراءة شيء من كلام الله سبحانه.

 

الطيب علي، صدق هرج مستشاريه من كل الملل ومن كل النحل. فوضع في كيس نايلون مصحفا، من الطبعة السعودية المدققة، ونسخة من كل الأناجيل والمزامير والتلمود، وشريط كاسيت بصوت السديسي، وسي دي بصوت عبد الباسط، وملئ كيسا ثانيا، بتمر من كل نوع، مجهول، وبرحي وخضاري وعسالي وبرمي. وصار يفتش على عروس تليق به ويليق بها.

 

المسكين، من ثلاث سنين وهو حامل لكيس الكتب السماوية، في يمينه حسب الشرع والعادات، وفي اليسار كيس التمر. وداير يلف ويبرم. إتْشَلّعوا إيديه. وإتشققوا إكْعاب رجليه. وقَحمَش من الشمس. وحتى الآن، لم يجد ست الحسن والدلال. طلعوا اهل البنات ما بحبوا التمر قد المصاري، التمر بيرفع السكر والمصاري بترفع الأرصده. لم يجد الكثير ممن يفضلون سماع السديسي او عبد الباسط على السح الدح امبو. والباقي طرشان. وكل ما سأل عمن يفضل قراءة الكتب السماوية، يكتشف على ان جلهم  امي لا يكتب قراءة الكف والودع وكشوف البنوك أكثر.

 

زهق علي. تعب علي. اغلقت بوجهه كل الأبواب. اتكئ على سور فيلا في حي عربي راق، في مدينة محظوظة بنجومها العشر. أسند ظهره لسور دارة فاخرة، مقتديا بمثل ما سبق وأن فعل محمد عليه الصلاة والسلام في الطائف. حضن رأسه بين يديه المتعبة من حمل الأكياس. وعينيه دامعتين، شطح تفكيره الى البعييييد البعيد، خارج صندوق الشيوخ والرهبان.

 

بعد أن حسبها علي صح. بعد أسبوع كان علي في اوكرانيا. خلال أيام إرتبط مع فالانتينا تيريشكوفا، بلا عرط الجاهات، وتمثيلية فنجان القهوة، وبعزقة الكنافة والشراب. في بيت أهلها، مع أقربائها وجيرانها وصاحباتها، إحتفلوا بعيدا عن سفه الصالات، وفخفخة التلبيسه ومصاريف الكوافيرة، والفستان والكيكة والورد وضجيج الطبول. إرتبط علي بلا قهر المتقدم وظلم المتأخر من المهر. علي من شهر، غارق في العسل الأوكراني، ومش غارق في الديون والأقساط.

 

وأن ما إصحيتوا، او إتأخرتوا في النوم، ترى إخوة علي كُثْرٌ. يملئون  بغداد ودمشق وعمان وبيروت والناصرة والقدس وغزه والقاهرة والخرطوم وكل المغرب العربي. وإذا ما ظلت مهور بناتكم غالية، ومناخيرُكم بالفشخرة هالقدعالية، ترى عيون علي وإخوانه مش بس على أوكرانيا وروسيا، صارت كعيون زرقاء اليمامة، بتبحبش وبتنبش وبتفتش على عرايس في أوغندا وتنزانيا، والهند وسيريلانكا كمان.

 

إحسبوها صح. ترى والله الشباب كسروا الصندوق. وقد أعذر من أنذر. 

 

الأردن – 28/7/2018

 

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.