اخر الاخبار:
توضيح من مالية كوردستان حول مشروع (حسابي) - الأربعاء, 27 آذار/مارس 2024 19:18
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ثرثرة في الحب (10) - من يَحِنُّ يَئِنُّ!// د. سمير محمد أيوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد أيوب

 

عرض صفحة الكاتب

ثرثرة في الحب (10) - من يَحِنُّ يَئِنُّ!

د. سمير محمد أيوب

الاردن

 

عشوائيات فكرية للتأمل

ذاتَ مساءٍ يُشبِهُني، يُشارفُ على نِهايته بهدوءٍ دافئ، كنتُ أحاولُ استعادة أنفاسيَ من جديد. لم يكنْ يُصاحبُني أيٌّ حاجةٍ. لمْ أكُن أنتظرُ شيئاً، ولا أتوقَّعُ شيئاً. أرَدتُ فقط، ألإستمتاعَ بِتناقضاتي. فهيَ تَظْلِمُني في الليلَ مِثْلَكَ. تناقُضاتي بَعدَكَ باتَتْ مَتاهةً ساحرةً ، تُراوغُ قلبيَ، بعقلانِيَّتِها وجُنونِها.

 

أغْمَضْتُ عَيْنَيَّ، فعصفَ بيَ شعورٌ جميلٌ. حَلَّ واستَقرَّ. إرتديتُ جلبابَ الصمتِ بتلقائيَّةٍ وعفويةٍ. وأقْلَعْتُ بِخفَّةٍ من صمتٍ إلى صَمْت، أبحثُ عنكَ يا ظالم. فأنتَ مَنْ يليقُ بهِ شوقيَ الموجوع. كان صمتي كالخُرْجِ المُزَيَّنِ بالشراشيب. إنْ لامَسَتْها نسائمُ ذِكْرى، تقافَزَتْ حِكاياتٌ. لِبَعضِها ضجيجٌ صاخبٌ سريع. وصمتُ بَعضِها موسيقى، تختصرُ الكثيرَ منَ الجَمال. وبعضُها خريفٌ، لا أستطيع دَفْعَ أذاهُ إلاّ بِتأوُّهٍ أخْرَس. وتَعَلَّقَتْ بِشراشيبِ الخُرْجِ، روحي. كَرِهْتُ الحديث. كل ما فِيَّ، طازجا يَنتظِرُكَ. إلى متى  ايها الباغي؟!

 

بِلا كثيرٍ مِنَ المُقَدِّمات، تَمثَّلْتُ شيئاً من عباسٍ إبنِ فِرناس وروبنسِن كروزو. زاحَمْتُ نفسيَ اللوَّامَه. سابَقْتُ نفسيَ المُطْمَئِنة، جُبتُ سماواتِ الصمتِ وبِحارَه. فَتَّشتُ مُطَوَّلاً عنكَ في عَواصفِها، وفوق شَفَتَيَّ، في ظِلالِ عَيْنَيَّ. تَهدَّجَ صوتي وبُحَّ وأنا أناديك. سألتُ عنكَ عَتْمَ الليلِ وبَرْدَهْ. إحْتَضَنْتُ وِسادَتي، فَتَسطَّحَ كلُّ ما حوليَ يا قاسٍ.

 

لِتَرميمِ مِزاجي، هرَعْتُ بعقلانِيَّةٍ فَظَّةٍ، إلى فناجيلِ قهوةٍ، لَمْ تَعُدْ تُجْدي ولا تَكفي، وإلى موسيقى، لَمْ تَعُدْ هي الأخرى، تُقْنِعُ ولا تُشْبِعْ. فصمَّمْتُ على غربلةِ قلبي. وما قد يسقطُ منه، لن أحمله معي لك.

 

مع المُنتصفِ، أدْرَكَني صمتٌ حيٌّ. فباتَ ليليَ واحةً تُضيئُها أقمارُ الياسمين. بِتُّ والقهوةُ والليلُ ثالوثاً، يتنفسُ كلَّ هذا الإزحامِ بهدوء. إلْتَقَيْتُ نفسي في مرآةٍ، كانت قُبالَتي. كلَّمَتْها عينايَ. عاتَبَتْها ذِكرياتي. إحْتَضَنْتُها مُشتاقا. معَ فِقْهِ قلبيَ، أبْصَرْتُ ما كنتُ لا أراه. فقرَّرْتُ أن أنحنيَ كَبواسقِ النخل. فالنخل كما كنتَ قدْ علَّمتَني، لا ينحني لينتحرَ أو لِيحتَضِرَ، بَلْ لِيَنْتَصِرْ.

 

أذكرُ أنَّكَ قلتَ لي ذاتَ مساءٍ، وأصابِعُكَ المجنونةُ تحتضنُ أصابعي، وبريقُ عَينيكَ الغجريتين، يقتحمُ بلا رحمةٍ عَيْنَيَّ: يا فَتاتي، روحُ هذا الوجودِ، حبٌّ مُحتشِدٌ بأسئلةٍ، لا إيجاباتٍ لَها. نختلفُ في ظلاله لِنَتفاهَمْ، لا لِنَفْترق. نختلف في رحابه لِنَجدَ مَنفَذا لقلوبِ بعضنا البعض. نختلف في معارجه، لنبحث عن نقطةِ إلتقاءٍ نسكُنَها معا. وما دونَ ذلك، موتٌ أو وخزَ قتاد. فليبتعد، من لا يُتْقِنُ العزفَ على أوتار الحب.

 

إنك في مرمى عيْنيَّ, وبِيَ حنينٌ يِئِنُّ، ولا يُقال. فترفَّقَ إن جِئْتُكَ مُعلِنَةً ظمئي. أولستَ مَنْ قال لِيَ يوماً: أنَّ الفصولَ أربعةٌ،  والحبُّ خامِسُها؟! فلا تَقُل لي الآن، أنَّكَ الخريف. فلَن أتوبَ عنْ عِشقي ولَنْ أسْتَغفِرُه. فَبينَ أصابِعَك المُتُثائبةِ  ينبتُ الربيعُ فَخماً، وتعودُ الروحُ للرَّعدِ الحَنون.

 

ما أسخَفَ العشاقَ لَوْ تابوا. تمرَّدْ على حِصارِكَ أيها السَّخِيُّ، وعُدْ إليَّ. حَلِّقْ عالياً وإرجَعْ إلَيْنا. لم يَعُدْ يَهُمَّني، مَنْ إغتَصَبَتْ مَكاني. فأنتَ تَعْلَمُ، أنَّ بقايا المَها والحَساسين، لا ينهشُها سِوى ضِباع.

 

الاردن – 28/9/2018

  

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.