اخر الاخبار:
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

ثرثرة في الحب (11)– عِشْ ضَعْفَك// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

ثرثرة في الحب (11)– عِشْ ضَعْفَك

عشوائيات فكرية للتامل

د. سمير محمد ايوب

 

يَمْضونَ سعداءَ.  وآخرون يسقطون في أوَّلِ وهمٍ، أو في أوسطه. يَلتَقِمَهُم حزن. حكاياتُ بعضهم تُقال. وبعضهم يموتً في حكاياتِه طيِّبُ الكلامْ. مسافاتٌ بينَ هؤلاءِ وهؤلاء. تتَّسِعُ لكلِّ أنواعِ الضعفِ وتلاوينِه ودرجاتِه وتبعاتِه.

 

جاءنا من أقصى الفرحِ مُحاضِرا عن الضعف. وأنا اقدمه لباقةٍ من الصبايا والشباب، وطيفٍ من النساء والرجال، في فعالية ثقافية من فعاليات دار الندوة في عمان، قلتُ: في هذا الصديق، تجلى جَدلُ الضعفِ والقوة. فكان مما قال:

 

لَمْ أجِدُ إمرأة مثلَها. في وقتٍ ما، لا أستطيع تحديده بدقة، سقَطُّتُ واحتلَّني شعورُ الغثيان. فأنهَضَتْني. حينَ سالتُها: ماذا لَوْ.... ؟ فهمَتْ وميضَ عينيَّ، فقالت قبل أن أكمِلَ سُؤالي: تنهضُ ثانيةً وثالثةً ورابعة. ستبقى تسقطُ ما دُمتَ حيَّاً. الموتى وحدَهم يسقطون ولا ينهضون. تزوَّدْ وإستعدْ، فإن خيرَ الزادٍ، ألأخذَ المُتْقَنَ بالأسباب الصحيحة. الدنيا عَنودٌ يا ولدي، لا تُسْلِسُ قيادها إلا لقويٍّ أمين.

 

ذات مساءٍ، رَحلَتْ خيريَّتي. خَرَجَتْ وحْدَها. لم أدفَنْ معها. تركَتْني بلا أرصفة. ولم تتركني يتيما توقفت حياته. بالطبع، لم يعد للحياة نفس الطعم أو النكهة.

 

كانت قبل الرحيل، قد أفرغتني من كل أسبابِ الحزنِ الساذَجِ. علَّمَتني الإنصاتَ بِدونها لصحيحِ الحزن. وعلمتني محاصرةَ الحواجزِ وقضمِها لوحدي. علَّمَتني كيف أحلم وإن كنتُ مُتْعَباً. ونسجَ الحكايا وإن كنتُ مُرْهَقاً. وتعبيدَ الطُّرقِ متشبثا بالحياة، ورصفَ الأطاريف من حولها.

 

وتمضي الأيام من بعدِها. في رحلة الحيرة والسؤال، كثيرا ما ذبُلتُ. كنت وحدي ولم أككُ هشًّا ولا مزاجيا. لم أكن أقلق. ولم أكن أخشى الحزن. كنت مقتنعا، أنَّ نصفَ الحزن وَهْمٌ وتَهويمٌ، ونصفَ القلقِ تحليلٌ وفذلكة. بقيتُ أحلم، وأخوض المصاعبَ، وأتعثَّر. سقطتُ داميَ الجبين، نازفَ الأحلام، مكسور الخاطر.

 

للتخطِّي لم أغيِّر رأسيَ ولم ابدِّلَ أقدامي. فيهما المرض وفيهما العلاج. وهما معا يحدِّدانِ مصيري. راجعتُ مخزونَ أفكاريَ، وراقبتُ ضجيجَ أفعاليَ، وتحولاتِ عاداتي وطباعي.

 

حين تفهَّمْتُ ما لَمْ أكُنْ أدرِكُه، غيَّرْتُ وعدَّلْتُ ورمَّمتُ وأتمَمْتُ. وحاولتُ منْ جديدٍ بعيونٍ فَرِحَة. إستعدتُ عافيتي وقوَّتي وحدي. لأني كنت أثق كما علَّمَتْني، أن لا مكانَ للخيبة. هناك، في تلك الغابة جميل، ينتظر الكشفَ، وحسنَ الظن، وإتقان السعي، ليأتي كفلق الصبح، وكما يليق بالوجع.

 

جلُّ أحلامي كانت حبيسةً، في بئر يوسف. تنتظر على مرمى قافلة، تلتقيها وتوقظها من جديد. سرعان ما رزقني الله بها. خديجةٌ قافلةٌ مُعاصرةٌ، ثريَّةٌ بكلِّ ما حلِمْتُ به من أمنيات. كَوْنٌ منَ الأمن والأمان، وعصبة من أولي العزم.

 

أدركتُ ساعتها، ما سأختم به الآن، أقوله وهي تسمعني معكم هنا: صحيح مايتبجح به البعض، عن معايير الجسد، والعلم والجاه، وعن المال والبنين. ولكن الرجل الرجل منا، لا يحسد على أيٍّ مما ذكرت. بل على شريكة صالحة تُعينه على الزمن وعادياته. برفقتها، يمكن النجاح في تحقيق الكثير من الأحلام.

 

أحسنوا الإنتقاء واتقنوه. فالعيش المشترك السعيد،  بحاجة إلى إعداد وإستعداد، لا إلى تطبيلٍ وتزمير، أو تضليلِ المَلاطِمْ.

 

الاردن – 1/10/2018

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.