كـتـاب ألموقع

التداوي بالعقل– النص السابع: إصلاحُ الخطابِ الديني// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

التداوي بالعقل– النص السابع: إصلاحُ الخطابِ الديني

د. سمير محمد ايوب

 

  ألإنفعالاتُ الإنسانية صنفان: المُبْهِجَة التي تُوجِّهُ الفردَ نحو البناء، والحزينةُ التي تُوجِّهَه نحو العنف المدمِّر. يمكن القول على نفس المنوال، أنَّ الغرائز نوعان: غرائزُ السمو التي تدعم إرادة الحياة، وغرائز الإنحطاط  المعادية للحياة. لتحصين كل ثقافة سويَّة ضد الإنحطاط والإنهيار، تحتاج لتغليبِ الإنفعالات المُبهِجَة، وغرائزِ السُّمُوِّ وقوى الحُب.

 

ولكن، أيُّ نوعٍ منَ الإنفعالات والغرائز، يعملُ الموروث من الخطاب الديني على تنميته اليوم؟

 

معظمُ أنماطِ الخطاب الديني الشائعة والموروثة، تعمل تعمدا، على تنمية الإنفعالات الحزينة وغرائز الإنحطاط  والموت. وهو ما يكرس الشقاء المُفضي إلى الإكتئاب والعنف. ويسهم في إجهاض إرادة النمو وترسيخ عدد من الأفكار السلبية. كتبخيس قيمة العمل، مقابل ربط الرزق بالغيب فقط. وتكريس ثقافة التواكل وقبر فرص النمو.

 

التديُّن ضرورةٌ فِطريةٌ للإنسان، لا يمكن الإستغناء عنها. والنمو الروحي حاجةٌ حيويةٌ له. ولكن، من شأن المنحى في ثنايا بعض الخطاب الديني السائد والبائد، ان يكرس تديُّنا تسلطيا قائما على الخوف، على حساب تدين يحفظ للإنسان عقلا سليما غير مُلَوَّثٍ، وارادة حرة ، وطموحا إيجابيا نحو الأفضل.

 

ما نلمس على أرض الواقع من إنحرافات خطيرة، يوجب على كل عقل سليم، أن يقرع عاليا أجراسَ الإنذار. وأن يسهم في فتح الأبواب والنوافذ على إتساعها، أمام خرائط طرق واضحة، للإصلاح في مسارات التوجيه الديني. تنقل الكثير مما فيه، من مستوى دعم الإنفعالات الحزينة وغرائز الإنحطاط، إلى مستوى دعم الإنفعالات المبهجة وغرائز السمو. بمعنى، تحرير نفس المؤمن من الخوف والرعب، من رب منقتم بطاش، إلى طاعةٍ حامدة شاكرة، لربه الهادي الغفارالرحمن الرحيم الرزاق الوهاب الشافي المعافي والستير و وو.

 

هذه العملية ليست سهلة، لعدم تعلقها بقدرات العقل وملكاته فقط، بل بالتأثير على طاقات فطرة التدين عند الانسان، لتحويل جوانبها السلبية، إلى قوة إيجابية بناءة. ولا يمكن لهذا التحويل أن يكون ممكنا، إلا بتنمية الحس العقلاني، والحس الجمالي، والحس الاخلاقي عند الفرد منذ الطفولة.

 

صحيح أن التدين ضرورة فطرية. لكن لا بد من تحصينه بالمعطيات العلمية وتقنياتها، ضد الخزعبلات والخرافات والأساطير. وفرض رقابة صارمة، على رواة القصص المثقلة بالصور الكالحة الكئيبة، ما دامت لا تنطوي على نصيب من الحقيقة. فعقبات النمو، تندرج ضمن الأمراض التي يتوجب على العقل تشخيصها، وتذليلها.

 

بهذا المعنى، لن يستغني كل مؤمن، عن ما وهبه خالقه من عقل رشيد. يمكنه بشكل متصل من صياغة فهمه للدين، وفق تطور المعطيات العلمية المعاصرة وطفراتها وتطبيقاتها وتكاملها.

 

للحديث بقية .....

 

ألأردن – 8/4/2019