كـتـاب ألموقع

إضاءة على المشهد الاجتماعي: تَعَبَّدوا لأولادِكُم// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

إضاءة على المشهد الاجتماعي: تَعَبَّدوا لأولادِكُم

الدكتور سمير محمد ايوب

 

صديق في العقد الخامس من عمره، قرأ مقالي السابق عن الاحفاد، هاتفني طالبا لقائي في منزلي. زارني والسيدة حرمه بعد الافطار، قبل ايام. بدا بوضوح انه مهموم اكثر من زوجته. تباسطنا كثيرا بالفكاهة لاخفف عنهما. ومع فنجال القهوته، سألته مباشرة: ما بك يا صديقي؟ اظنك مختزن للكثير من القلق الحائر  بدواخلك. عسى ما شر؟

 

كالمستجير، اشعل لفافة جديدة. والتفت الى زوجته الجالسة على يمينه مستأذنا، تنهد وهو يرفع قهوته الى شفتية. ثم أعادة الى مكانه قبل ان يتذوقه. وقال بوجع: اولادي مردة يا شيخنا، اعيتني تربيتهم. اخاف عليهم سوء الرفقة وهم في سن المراهقة وبواكير الشباب. جئت مستعينا بخبرتك.

 

 كنت اعلم انهما والدان صالحان، لشابين في اول المراهقة وصبيتين في بواكير الجامعات، فقلت: هونا عليكما، فلكل مشكلة مع الأبناء حلول. إذا أعْيَتْكُم تربيتهم، او إذا خِفْتُم التاثيرات السلبية للحواضن الخارجية عليهم، أو أردتُم أن تُحَصِّنوا مُستَقبلَهم، فإليكُم ما كان يفعله الربانييون في هذا الشأن:

 

فقد كان عبد الله ابن مسعود مثلا، يقوم الليل ويجتهد، ثم ينظر الى إبنه الصغير النائم في وداعة، ويقول: هذا من اجلك يا ولدي. ويتلو وهو يبكي، قول الله سبحانه: (.. وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا).  

 

أو إفعلوا ما كانت تَفعلُ صديقةُ راجيةٌ للجنة، تُجهِدُ نَفْسها في خِدمة الفُقراء، حتى أنها كانت تبكي كلَّ شهرٍ، خوفاً من أن لا تجد في الشهر القادم، شيئاً تَسُد به رمقهم. ولما كانت صاحبتها تُواسيها، تقول: واللهِ مالِيَ فيما أفعلُ أيَّ منفعةٍ مُباشِرَةٍ. فأنا أفعلُ ما أفعل، من أجلِ بناتي. أتركُ لهن شيئاً من الخير، عِندَ اللهِ سُبحانه. يَشفعُ لهن من مصائبِ الزمن.

 

أما صديقةُ طالبةٌ للفردوس، فقد كانت كلما تعثر أحدٌ من أبنائها أخلاقياً، تَـتَصَدَّقُ وتُطعِمُ الطعامَ، وتقول: { خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِم بِهَا} . اللهم هذا لِتزكِيةِ أخلاق إبني، فانها أشدُّ علي من مرضه.

 

ووالدٌ طَيِّبٌ، كان لا يَجِدُ ما يتصدق به، عَيْشُهُ كَفافٌ، فكان إذا ما أرهَقَهُ أي من أبنائه، يقوم الليل بسورة البقرة، ويدعو له قائلا: اللهم إن هذه صدقتي، فَتَقبَّلْ مِني، وأصْلِحْه لي.

 

يا صديقي ويا كل الأباء والأمهات، تَعَبَّدوا إلى اللهِ بِنية إصلاحِ الأبناء. فإن غَلَبوا جُهْدَكُم، فإنهم لن يغلبوا نِيَّاتِكُمْ. فَرَبُّ العِزةِ يقول: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفهمْ ذُرِّيَّة ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ ، فَلْيَتَّقُوا اللَّه وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا)

 

الاردن – 12/5/2019

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.