كـتـاب ألموقع

كلمة لا بد منها- العنف في المستشفيات// د. سمير محمد ايوب

تقييم المستخدم:  / 1
سيئجيد 

د. سمير محمد ايوب

 

عرض صفحة الكاتب

كلمة لا بد منها- العنف في المستشفيات

إضاءة على المشهد في الأردن

الدكتور سمير محمد ايوب

 

نفيق من حينٍ لآخر، على همروجةِ عنف في المشهد الصحي، وعلى أناس تمتطي قضاياه المحقة. الأمن الصحي قضية ساخنة بالتأكيد. تمتلئ زواريبها وتكتظ ضفافها، بالكثير من الرداحين والسحيجة. يجيِّشُ كلٌّ منهم، وفق مرجعياته ضد المرضى وضد مقدمي الخدمة، دون الوقوف عند الكثير من حيثيات ما يحدث أو ظروفه.

 

العنف في التعامل بين الناس ذكورا وإناثا، مرفوض ومدان مهما كانت  خصوصية ظروفه. سواء كان هذا العنف ماديا، او لفظيا، او إهمالا وتقصيرا، او تعاليا  في أداء الواجب المنوط باي عامل أو موظف، مهما أُسمِيَت وظيفته أو علت مرتبته.

 

بعيدا عن لبوس المثاليات، أؤكد من واقع تجربتي الشخصية، أن أمننا الصحي في الأردن، ليس مدينة فاضلة، ولا كل سكانه مثاليين أو معصومين. ومما يؤكد ما أذهب اليه هنا، ما شغل الناس منذ ايام، حول ضرب طبيبة، لم يأت من فراغ  ولا يعبر عن فراغ.

 

ما رأيكم بلا استثناء، لو أن كل واحد في حارتنا الضيقة، تلفت حول ما يجري، وتبصر في ما يسمع من الصحيح في قصص الناس مع منظومة الأمن الصحي في بلدنا؟ ليخبرنا بعدها عما وصلت اليه قناعاته؟ أظن أنه سيسمع عجبا، حول العكارة في  زيتنا. عكارة ليست سوية بالتاكيد ولا سليمة.

 

ومن ثم، تعالوا نتوقف مطولا، عند أسباب الإحتقان في العلاقة بين متلقي الخدمة الصحية ومقدميها. شريطة الإنطلاق من أن الرعاية الصحية حق أساسي للمواطن، بلا تمنين مباشر او غير مباشر من احد. وأن وضع متلقي الخدمة الصحية في أقسام الطوارئ، يكون في اسوأ ظروفهم النفسية، فهم في العادة يصارعون ساعتها، الحياة والموت، غارقون في لجج الم وقلق لا يحتمل. هذه الشروط تفرض علينا ان نتمنى على كل خادم لهذا الشعب، لتُحتَرَم إحترم قسمك، وقم بواجبك باحترام شديد لناسك ومشاعرهم، فأنت أولا وأخيرا في خدمتهم، وبأجر مادي ومعنوي. ولست بسيدٍ لهم.

 

في المشهد الصحي، الكثير من العشوائيات التي تحتاج تصويبات متصلة مستدامة. من الخيانة والعار، ان يبيع بعض الاطباء مرضاهم لشركات الادوية والجشعون من تجار حبة الدواء، الذين يمنحونهم هدايا نقدية وعينية ورحلات ترفيهية، مقابل ان يكتبوا لمرضاهم الدواء الذي تنتجه هذه الشركة او تبيعه تلك.

 

أوليس من الخيانة والعار ايضا، ان يبيع أطباء مرضاهم، لمعامل ومختبرات التحاليل والاشعة الأغلى تكلفة، بحجة ثقتهم بتميزها؟! وحقيقة الأمر انهم متعاقدون معها على عمولة. ويزداد الامر بشاعة حين يطلبون صورا شعاعية وتحاليل لا لزوم لها.

 

ومن الجشع والخيانة، استنزاف مال المريض المراجع في مستشفى او لدى طبيب غير مؤهل، ليقال له في الآخر: اسفون، الحالة خطيرة لا بد من نقلها الى مستشفى متخصص، رغم علمهم بذلك منذ البداية. من العار ايضا وايضا، ان يمتنع أي طبيب عن اجراء عملياته في مستشفى عام، لينفرد باجرائها في مستشفى معين هو حلقة من حلقاته. وفق تسعيرات خيالية تقصم ظهر المريض.

 

الأمن الصحي منظومة متكاملة. الطب رسالة سامية لا محاباة فيها ولا واسطة، ومهنة انسانية لها ضوابط كثيرة، من المفروض أن  يحملها العاملون في الرعاية الصحية، في قلوبهم لا في جيوبهم. تحية للشرفاء في المشهد الصحي، المكتفون بأن يكون ضميرهم هو رقيبهم الأساس. وحتى لا نبقى ندور او نراوح مكاننا، لا بد من سيادة القانون بعدالة على الجميع.

 

الاردن – 22/5/2019