اخر الاخبار:
محافظ نينوى يزور مطرانية القوش - الثلاثاء, 16 نيسان/أبريل 2024 10:33
  • Font size:
  • Decrease
  • Reset
  • Increase

كـتـاب ألموقع

عشوائيات في الحب– العشوائية 40: عَنْهُنَّ أكتُب– الجزء 5// د. سمير محمد أيوب

تقييم المستخدم:  / 0
سيئجيد 

د. سمير محمد أيوب

 

عرض صفحة الكاتب 

عشوائيات في الحب– العشوائية 40

عَنْهُنَّ أكتُب– الجزء الخامس

د. سمير محمد أيوب

 

كنا قد لملمنا متاعنا على عجل، وأعدنا كل شيء مكانه، وانصرفت النسوة ( النَّحالةُ والجَبّانات )، كلّ في وجهتها. وعندما همَمتُ بالانصراف، أصرّت مُضيفتي على إكمال الرحلة معها. فقادت الحمارَ، وأعلنَ المِرياعُ بصوتِ قُرْقاعِه لحظة الانطلاق، نحو تلَّةٍ مُقابلة. لتقطف أغنامها رؤوس النباتات، وهي تتأمل فراشة تتقافز هنا وهناك، على زهرٍ لم يكتمل تفتحه. وترقب زوجا من العصافير يتعاهدان على بناء عشهما بجانب هذه الشجيرة. وترفع رأسها بين فينة وأخرى، لتملأ صدرها من نسمة محمّلة برائحة الشيح والقيصوم والزعتر البري.

 

عُدّتُ وإيّاها، تحثّنا على سرعة الخُطا لهفة أمهات البَهَمْ التي تذكرت صغارها عند غروب الشمس، وعادت مسرعة ليملأ ثغاء صغارها أرجاء المكان، ويا له من لقاء حميمي بين الامهات وصغارها، حيث توقفت لتلقم صغارها تلك الضروع التي تيبست من شدّة الامتلاء .

 

وقفت مع صديقتي الراعية، نرقب مشهد الأمومة، فتنهدّت قليلا وهي تمدّ نظرها نحو الغرب، وتقول: "إن شفت سهيل لا تامن السيل". حين سألتها عما تعني، قالت: إني أرى أن نجم سهيل يلمع في الأفق، لذا فإني أخشى أن تكون هذه الليلة ماطرة.

 

فقلت متعجبا: كيف يكون هناك مطرا، وانا لا أرى غيوما في السماء. نظرت إليّ مبتسمة، وقالت: سنرى إن شاء الله .

 

أدخلت أغنامها إلى الحظيرة. وأحضرت بعض الحطب وأشعلته. وجلسنا أمام الخيمة نتجاذب أطراف الحديث، بينما أخذت الرياح الخفيفة تجمع أشتات الغيوم، التي سرعان ما حجبت عنا ضوء القمر الذي كان يُسامرنا. تلبّدت السّماء. ودوّى الرّعد تخاله يُزلزل التلال المحيطة. وأخذت لواعج البرق تضيء المكان وكأن باب السماء قد فُتح ، لينهمر المطر غزيرا.

 

نهضت صديقتي مسرعة لتطمئن على أغنامها. وعادت لتتأكد من حبال الخيمة وتشدها. وتضع الحجارة على أطرافها. وما هي إلا لحظات، حتى أشعلت النار بكثافة في الخيمة. وقد أثار ذلك فضولي لأتوجه لها بالسؤال. وتجيبني وهي منهمكة في إحياء النار، في أعواد الحطب المبللة، فتقول: النار تجفف الماء، وتشدّ من لحمة خيوط الخيمة، فيمنعه من التسرّب إلى الداخل.

 

قلت لها: بم أساعدك؟

قالت: نحتاج لحفر خندق حول الخيمة، لحرف الماء المنحدر من الأعلى من الدخول إليها. حفرنا خندقا ونحن نُصارع الرياح ،وقطرات المطر المنهمرة بشدّة، والتي بللت ثيابنا. لكنها قالت لي: لا عليك إذا استمرّ هذا المطر الليلة بالنزول، سنضطر للمبيت في المغارة التي تأوي الأغنام.

 

اقتلعت الرياح حبال الخيمة فانهدم طرفها. فأسرعت إلى النار وأطفأتها. ولجأنا إلى جانب في مدخل المغارة. نظفناه من الحجارة وبعض روث الغنم، وقالت لي: تعال اجلس بجانب النار، ولفّ نفسك في هذا الغطاء، وقابلتني على الطرف الآخر، وأخذت تزاود النار بين الفينة والأخرى ببعض الحطب، حتى غفوت وأخذت أغطّ في نوم عميق، لم أفُق منه إلإ على شُعاع الشمس الذي سرى على وجنتي. فتحت عينيّ، ورأيتها مقبلة تحمل في يدها إبريق الشاي وبعض الحليب وطعام الإفطار، وألقت عليّ التحيّة، وقالت: سامحني لقد أتعبتك معي ليلة البارحة، وقد دعوتك لتقضي ليلة في رحاب الطبيعة، لكن قدّر الله وما شاء فعل.

 

خرجت من مكاني، لأجدها قد نصبت خيمتها من جديد، ونشرت متاعها على الحبال ليجف، وهناك على التلة المقابلة سرحت أغنامها تجفف صوفها تحت أشعة الشمس التي ملأت الجو نورا ودفئا.

 

بعد الافطار، مكثت طويلا أرقب حركاتَها وسكناتَها فوجدت فيها فعلا العاشق المتيم في الطبيعة. وقبل ان اشيح نظري عنها، لألملم اغراضي استعدادا للرحيل، باغتتني قائلة، اظن ان من العدل ان اسمع حكايتك يا شيخي.

 

قلت ملاقيا فرحها بضحكة مجلجلة: إطمئني يا سيدتي، فلن أبرح هذا المكان، قبل ان اقول ما جئت هنا خصيصا إلّا لأقوله: .......

للحديث بقية ان شاء الله .

 

الاردن - 2/7/2020ك

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

للاتصال بالموقع

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.

عنوان البريد الإلكتروني هذا محمي من روبوتات السبام. يجب عليك تفعيل الجافاسكربت لرؤيته.